عادل الملا عادل الملا

اختراق السور الواقي الإسرائيلي والنضال مستمر حتى الاستقلال…

أكدت الأعمال الاستشهادية التي جرت في الأيام السابقة، في عمق الدولة العبرية، وفي كل من نتانيا وغزة، فشل كل الإجراءات التي قامت وستقوم بها الحكومة الإسرائيلية للقضاء على الانتفاضة الفلسطينية، وتحقيق الأمان للإسرائيليين وقد كشفت هاتان العمليتان أن منظمات المقاومة الوطنية شرعت تستعيد أنفاسها، وهو ما حذرت منه إسرائيل ذاتها، إذ تحدث ضابط إسرائيلي عن فاتحة موجة جديدة من النشاطات العسكرية، تعيد الوضع النفسي للإسرائيليين إلى ما كانت عليه الحال قبل عملية «السور الواقي».

وكان أحد المعلقين العالميين قد حذر من أن العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، إن لم يوضع له حد، وتنسحب القوات المعتدية، فإن أوار الحقد الشعب الفلسطيني سيتأجج أكثر، بدءاً من الفتيان وانتهاء بالشباب والنساء والشيوخ، وأن مرحلة الأمان القصيرة التي نعم بها الإسرائيليون لن تطول، فبعد سنة أو سنتين سيعيد الفلسطينيون تنظيم أنفسهم  من جديد ويستفيدون من أخطائهم، وسيفجرون انتفاضة ثالثة لا يعرف أحد مداها ونتائجها، ولكن هذه التوقعات لم تكن في محلها، إذ أن الهدنة لم تطل كثيراً، وهاهي ذي الأعمال الاستشهادية تعود إلى الميدان بسرعة، مهما بنت إسرائيل حواجز وجدرانا، فالأبطال الاستشهاديون قادرون على الوصول إلى الأماكن التي  يريدونها.

اتهام سورية وإيران
في هذه الأثناء عادت الولايات المتحدة لترفع عقيرتها مع حليفتها إسرائيل لتكيل الاتهامات إلى سورية وإيران، بانهما وراء هذه الأعمال «الإرهابية» التي تهدد إسرائيل «المسالمة» وداعي «السلام» شارون!! وأن هذين البلدين يشجعان على الإرهاب، حسب قولهما، وخصوصاً سورية التي وقفت ضد التهديدات الأمريكية في المنطقة في الخمسينات وصمدت وهي ستبقى صامدة وقاعدة عربية صلبة في وجه العدوان، وفي دعم المقاومة الوطنية الفلسطينية ولن تقبل بأي حال من الأحوال أي انتقاص للحقوق العربية في فلسطين والجولان ومزارع شبعا ولن تتنازل عن ذرة تراب واحدة.

جنين وجرائم الحرب…
وإذا كانت إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة منعت مجلس الأمن من تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في جنين ونابلس، فإن منظمات وهيئات العمل الإنساني والدفاع، عن حقوق الإنسان المحلية والعالمية. لم تلتف حول موقف واحد مثلما فعلت في موقفها إزاء الممارسات الوحشية لجيش الاحتلال  الإسرائيلي، ولاسيما في بلدة ومخيم جنين، لقد أجمعت هذه الهيئات غير الحكومية على أمر واحد وهوأن الممارسات الإسرائيلية ترتقي إلى مصاف «جرائم الحرب» وهذا برأيهم يعني ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية لتوجيه إدانة حازمة لكبار المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم شارون ووزير دفاعه موفاز بتهمة ارتكاب  جرائم حرب.

حديث الإصلاح…
ومن جهة أخرى فإن الحديث هذه الأيام يكثر عن الإصلاح، وضرورة القيام بإصلاحات داخل سلطة الحكم الذاتي، وعلى الرغم من أن إجراء الانتخابات يعتبر أحد النقاط المطروحة للنقاش، إلا أنها، كما يتحدث المطلعون على بواطن الأمور، بأنها ليست النقطة الأهم. فالجميع يتحدثون عن الإصلاح بوصفة آلية عمل ومنهج حياة أكثر مما هي محطة انتخابية على أهميتها، فأية انتخابات ستجري في سلطة الحكم الذاتي لابد أن تكون تحصيل حاصل لما ستتفق عليه القوى الفاعلة في الساحة الفلسطينية دون استثناء، وخصوصاً الشعب الفلسطيني الذي ينظر نظرة استخفاف حيال الحديث الجاري عن الإصلاح.

الإصلاح والإملاءات الأمريكية..
ومما يزيد الطين بلة تجاه قضية الإصلاح هو ترابطها مع الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية. فالإسرائيليون يرون في «إصلاح» السلطة وسيلة لكسب الوقت عبر إشغال العالم بقضايا السلطة بدلاً من الانشغال بالاحتلال الرابض على صدر الشعب الفلسطيني. وأما الأمريكيون فيرون في «الإصلاح» وسيلة للسيطرة على السلطة، وأما الفلسطينيون،أصحاب الشأن، فيريدون من الإصلاح أن يكون مدخلاً لتدعيم صمودهم ومقاومتهم للاحتلال من جهة، ولبناء مجتمع مدني صالح من جهة أخرى.

الإصلاح الذي يريده الشعب الفلسطيني..
إن الإصلاح الذي يريده الشعب الفلسطيني هو الذي يوحد الجميع لا ليفرقهم، ليقوي الصف الوطني لا ليمزقه، والذي سيؤدي بالضرورة إلى إنهاء الاحتلال، وانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ حزيران عام 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة الفلسطينيين في الشتات إلى بلادهم وديارهم،و دون وجود أي قدم أجنبية على أرض وطنه سواء أكان إسرائيلياً أم أمريكياً وهذا لن يحصل إلا بعد تحقيق الأمور التالية:

1.  توحيد جميع القوى الفلسطينية في جبهة متراصة، ولها برنامج مشترك تلتف حوله.
2.  إطلاق الحريات الديمقراطية للشعب الفلسطيني وقواه ومنظماته.
3.  الاعتماد على الشعب وأخذ رأيه في كل صغيرة وكبيرة.
4. النضال الذي لا هوادة فيه، وبجميع الأشكال المناسبة لاستعادة جميع الحقوق كاملة غير منقوصة.
5.  بناء المؤسسات الديمقراطية الفلسطينية بناءً صحيحاً.
6.  وضع حد للفساد المستشري في أجهزة السلطة.
7. وضع برنامج لبناء دولة ديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الجماهير الشعبية الواسعة.
8. توثيق أواصر الأخوة والنضال مع سورية وجميع القوى الوطنية والتقدمية.
9. توسيع علاقات التعاون والصداقة مع الدول والقوى التي تدعم القضية الفلسطينية، فضلاً عن جميع قوى الحرية والديمقراطية في العالم.

إن الإصلاح الحقيقي، هو الإصلاح الذي يريده الشعب الفلسطيني ويوافق عليه.
إن الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل استرداد حقوقه المغتصبة منذ أكثر من نصف قرن لن يتوقف، وإن جذوة نضاله لن تنطفئ وإن المقاومة ستستمر رغم الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة يومياً، ورغم الضحايا التي تسقط في أثناء مقاومته لهذا العدوالشرس.
إن المستقبل للشعوب المناضلة في سبيل حقوقها، لا للحكام المتخاذلين والمتواطئين مع أعداء شعبهم ومصالحه العليا.

وستبقى المقاومة هي القمة!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
176