بعد تزوير الانتخابات في المكسيك: اليسار يعلن تشكيل «حكومة ظل»
لم يضع حكم المحكمة الانتخابية الفيدرالية في المكسيك حدا للأزمة السياسية الناجمة عن الصراع الدائر بين أكبر مرشحين للرئاسة، وادعاء كل منهما بالفوز منذ 2 تموز الماضي.
ورغم إعلان المحكمة الفيدرالية أن "فيليب كالدورين" مرشح حزب العمل القومي "اليميني" فاز في الانتخابات بفارق 240 ألف صوت عن أقرب منافسيه، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، المرشح اليساري عن الحزب الثوري الديمقراطي في بلد يبلغ تعداده 100 مليون، رغم هذا الحكم الصادر في 5 أيلول الماضي، لم تهدأ البلاد، وثار أنصار المرشح اليساري "أوبرادور" ضد الحكم، واحتلوا شوارع العاصمة مكسيكوسيتي.
ورغم قرار المحكمة بأن الانتخابات نزيهة، وأن التجاوزات التي تمت لم تؤثر على نتائجها النهائية.. إلا أن الرأي العام يرى أن ثلث الأصوات ذهبت عنوة إلى الرئيس اليميني في تزوير فاضح.
وردا على قرار المحكمة، عقد اليساريون ومرشحهم أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، مؤتمرا حاشدا في ميدان "زوكالا" الرئيسي في العاصمة المكسيكية، وأعلنوا تشكيل"حكومة ظل".. وأصبح في حكم المؤكد أن الانتخابات المزورة أسفرت عن تصعيد الصراع السياسي في المكسيك، وأن الرئيس اليميني قد لا يستكمل مدة رئاسته لست سنوات كاملة في القصر الجمهوري.
من بين أبرز مؤيدي لوبيز أوبرادور، أكبر مصدري القهوة "بدرو بيريز" الذي صرح لوكالة اسوشيتد برس في تظاهرات 15 أيلول الماضي، بأن "إعلان حكومة الظل مهم لمن يدافعون عن الديمقراطية ويريدون للمكسيك التغيير للأفضل".
صدق "السفير" وكذب "الرئيس"
وتمتد المعارضة إلى داخل المؤسسات السياسية الحاكمة، حيث تتوالى تصريحات المحافظين ضد نتائج الانتخابات التي يعتبرونها مزورة.
كما أكد "بورفيريوليدو"، السفير السابق لدى الأمم المتحدة، أن الرئيس المكسيكي "الذي استنفد فترات رئاسته "التقى سرا بأعضاء المحكمة الفيدرالية للانتخابات، وضغط عليهم ليحكموا لصالح "كالديرون" حتى لا تقع البلاد في كارثة.. ورغم تكذيب القصر الجمهوري لهذا الاتهام، ونفى أي لقاء للرئيس مع أعضاء المحكمة، إلا أن أعضاء المحكمة أنفسهم أكدوا صدق "السفير" وكذب "الرئيس".
وبينما يحتل اليساريون شوارع العاصمة والمدن الكبرى في المكسيك، يعجز الرئيس "كالديرون"، المشكوك في صحة انتخابه، عن مواجهة غضب الشارع، فخلال زيارته "لمورليا"، عاصمة ولاية "ميتشوكان" المكسيكية، طارده المتظاهرون، ومنعوه من إلقاء أية خطابات خلال الزيارة.
الأزمة الاجتماعية
الرئيس القادم "كالدورين"، والرئيس السابق "فينسينت فوكس" كلاهما ينتمي لحزب العمل القومي اليميني، وأدت سياسات الحزب إلى تردى مستويات معيشة الطبقات الفقيرة والوسطى في المكسيك، والقضاء على برامج الرعاية الاجتماعية، والمضي قدما في تنفيذ البرامج التي تفرضها المؤسسات المالية الكبرى كالبنك وصندوق النقد الدوليين، وهناك تسعة ملايين مكسيكي يعملون في الولايات المتحدة، إلا أن القوانين الأمريكية الجديدة للحد من استقبال المهاجرين عموما والمكسيكيين على وجه خاص، تزيد من حدة انتشار البطالة والفقر.
كما يعانى القطاع الزراعي في المكسيك من اعتماده على السوق الأمريكي الشمالي، والعجز عن التمكن من تصدير منتجاتهم نتيجة لرخص المنتجات الزراعية المدعومة من الحكومة الأمريكية، وهو الأمر الذي يهدد 15 مليون عامل ومنتج زراعي متوسط وصغير في المكسيك، يهجرون مزارعهم وينضمون للعاطلين في المدن.
في هذا الإطار، تشهد المكسيك منذ سنوات صراعات اجتماعية وسياسية حادة، منها إضراب المعلمين في ولاية "أوكساكا"، الذي واجهته الحكومة المحلية بالقمع واغتيال بعض قادته في حزيران الماضي.
حدود اليسار
من جانبه يقدم لوبيز أوبرادوز، الموصوف إعلاميا بأنه يساري وعودا للطبقات الوسطى والفقيرة بمواجهة هذه الظروف، ويحتل نظرة أبعد في داخل النخبة الرأسمالية المكسيكية، التي ترى ضرورة التنمية والحد من الاستقطاب الاجتماعي للحفاظ على استقرار النظام.. حتى لا تتزايد حدة النضالات الشعبية، وتهدد النظام برمته.
حتى
لو كانت وعود "لوبيز أوبرادوز"، بعيدة المنال، فإن اندفاع الشعب المكسيكي خلفها، يلقى بالشك في إمكانية جلوس الرئيس "فيليب" على كرسي الرئاسة، ست سنوات كاملة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 283