من فرنسا إلى أمريكا: «معاداة السامية» تهمة جاهزة لأعداء الصهيونية اللوبي الصهيوني الفرنسي يستمر بالبطش بالمثقفين

مينارغ وجدار الفصل العنصري:

انضم الصحافي الفرنسي آلان مينارغ نائب رئيس «إذاعة فرنسا الدولية» وراديو مونت كارلو إلى قائمة اللوبي الصهيوني السوداء في فرنسا، بعد اتهامه إسرائيل بأنها «دولة عنصرية».

لتبدأ حملة تشهير ضده، وبعد أن استمرت هذه الهجمة استقال مينارغ من عمله، قبل أن تفتك به آلة اللوبي الصهيوني.

وقد دخل مينارغ في مستنقع اللوبي اليهودي من عدة جهات، فبعد كتابه الجديد «جدار شارون» وهو الثاني بعد كتابه «أسرار الحرب اللبنانية»، ولكن الكتاب جاء بعد تصريحات متكررة أدلى بها لاحقا برغم اشتداد الحملة عليه. 

ورداً على سؤال حول كتابه، أجاب مينارغ :«لقد صدمتني قضية الجدار، بعد أن قابلت أشخاصا وحاخامات وسياسيين». متسائلاً «ما هذا؟ فصل بين الطهر والدنس؟!». مضيفاً في مكان آخر :« حتى يتمكن يهودي من الصلاة يجب ان يكون طاهرا ويجب فصل كل ما يخالف هذه الطهارة». وشدد على أنه لا يأتي بكلام من عنده بل هو موجود في التوارة بوضوح. وتابع «اين كان اكبر غيتو في العالم؟ كان في البندقية. من انشأه؟ انهم اليهود لعزل انفسهم عن البقية. وبعد ذلك وضعتهم اوروبا في معازل». 

وكان مينارغ في مشاركته في نقاش عبر تلفزيون «أل سي أي» الإخباري قد قال:«تقولون ان اسرائيل دولة ديموقراطية، اسمحوا لي بأن اقول بشكل سريع جدا انها دولة عنصرية ايضا». مضيفاً «إذا نظرتم إلى القوانين الاساسية، فان المواطنين الاسرائيليين هم اولئك الذين يحملون الجنسية لكن الجنسية مقسومة حسب مبدأ الدين. ان قانون العودة لا يعني الا اليهود. وما هي قاعدة الصهيونية؟ هي اقامة دولة لليهود». 

يقف مينارغ في حقل وصفه بعض الصحفيين الفرنسيين بأنه حقل ألغام المعاداة للسامية، فلا يترك أي مجال للحديث عن إسرائيل دون ان يواجه لغماً أرضياً ضد الصحفيين والمثقفين.

وفي رده على الهجمة التي يتعرض لها قال مينارغ ل«فرانس برس» :«مرة جديدة تمارس جمعيات حماية إسرائيل عنها خلط الأمور لتقديم التعليقات على القانون السياسي الصهيوني بوصفها عنصرية أو معادية للسامية. وهذا يؤكد علنا ما كتبته حول هذا الموضوع في كتابي، إن إسرائيل دولة مثل بقية الدول ويجب أن توجه إليها انتقادات على غرار غيرها من الدول. ليس هناك أي استثناء في رؤيتي للعالم، وليس هناك أي دولة فوق القوانين الدولية». 

ولم يكن من وزارة الخارجية الفرنسية إلا أن تتدخل معلنة أمام أ الصحافيين أن «تصريحات مينارغ غير مقبولة»، ودفع مينارغ نفسه إلى التصريح أن أقواله تنطلق من موقف شخصي ولا يرتبط بمركزه في إذاعة فرنسا الدولية. 

وفي كل مرة تتراكم في سجلات المتهمين بمعاداة السامية أعداد الصحافيين والمثقفين والسياسيين الذين يتعرضون للطرد من أو للتشهير لمجرد انهم تجرأوا على نقد إسرائيل أو سياستها. 

جدل بين بارنيه ومينارغ:

وفي الوقت الذي كان فيها مينارغ يطلق تصريحاته، استهل وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه زيارته الى اسرائيل، بالتوجه الى نصب تذكاري يهودي، حيث وصف المحرقة بأنها «جريمة يعجز المرء عن وصفها» كما أكد أن باريس «لن تتسامح » مع ظاهرة معاداة السامية، وذلك قبيل لقائه بالمسؤولين لتعزيز العلاقات بين الدولتين بعد التوتر الذي شابها. 

وقال بارنييه بعدما وضع زهورا أمام النصب في منطقة روغليت في القدس المحتلة، الذي كتبت عليه اسماء ثمانين ألفا من اليهود الفرنسيين الذين لقوا مصرعهم في معسكرات الاعتقال النازية، «لن نتسامح ابدا، لن نتسامح ابدا» مع معادة السامية. وذكر بأن «جلادي تريبلينكا وداشو كانوا يسعون الى محو ذكرى ضحاياهم وكل ما هو بشري لدى الانسان، هذا ما جعل جريمتهم يعجز عن وصفها». وتابع بارنييه، أمام العشرات من اهالي ضحايا المحرقة، «لكننا هنا لنقول معكم انهم فشلوا». 

وشدد بارنييه على ان حكومته عازمة على «مكافحة معاداة السامية والعنصرية بكل اشكالها وكراهية الاجانب وملتزمة بان تفعل كل ما في وسعها لمعاقبة هذا السلوك المخزي الذي لا يمكن تبريره، لا الوضع الاجتماعي لمرتكبيه ولا حتى في بعض الاحيان صغر سنهم». 

واستمع وزير الخارجية الفرنسي، الذي بدأ برفقة زوجته ايزابيل زيارة الى اسرائيل تستغرق اكثر من 48 ساعة، الى شهادات عديدة لابناء الضحايا والى قطعة موسيقية عزفها على الكمان احد الناجين من معسكر اوشفيتز، كما زرع «شجرة زيتون ترحما» على ارواح القتلى. 

ومن المقرر ان يلتقي بارنييه اليوم كلا من رئيس الوزراء ارييل شارون ورئيس الكنيست ريوفين ريفلين وزعيم المعارضة العمالية شمعون بيريز بالاضافة الى الرئيس الاسرائيلي موشي كاتساف. وقبل ان يعود الى باريس يوم غد، سيلقي خطابا في جامعة تل ابيب على ان يجيب ايضا على اسئلة الحاضرين. 

واوضحت السفارة الفرنسية في اسرائيل ان زيارة بارنييه تستهدف تعزيز العلاقات بين الدولتين. 

وفي تموز الماضي ساءت العلاقات بين باريس وتل ابيب بعدما دعا شارون اليهود الفرنسيين للهجرة الى اسرائيل هربا من معاداة السامية. وفي آخر زيارة له الى المنطقة في حزيران الماضي، أغضب بارنييه اسرائيل ذلك انه كان اول مسؤول رفيع المستوى من دولة عظمى يجتمع مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات منذ اكثر من العام، كما حث اسرائيل على انهاء عزلته.

وفي أميركا: قانون جديد لمكافحة معاداة السامية في العالم

وتتزايد الحملة فبعد أيام يعلن الرئيس الاميركي جورج بوش ضمن برنامج لحملته الانتخابية، انه وقع قانونا جديدا سيلزم وزارة الخارجية بإحصاء الاعمال المعادية للسامية حول العالم وتقويم مواقف الدول من هذه المسألة. 

وقال بوش إن «هذه الامة ستكون متيقظة وسنعمل بطريقة لا تتمكن معها الافكار القديمة المعادية للسامية من ايجاد وطن لها في العالم المعاصر». وتعتبر الجالية اليهودية في جنوبي فلوريدا ثالث اكبر جالية يهودية في العالم بعد اسرائيل ومنطقة نيويورك. وأعلن بوش متحدثا امام آلاف من المؤيدين المتحمسين ان «الدفاع عن الحرية يعني ايضا مهاجمة الشر الذي تجسده معاداة السامية»، موضحا ان القانون الجديد سيسمح «بوضع لائحة بجميع الاعمال المعادية للسامية في العالم ولائحة بعمليات الرد الواجبة على هذه الاعمال». 

 

ليقر الكونغرس الاميركي بمجلسيه قبل بضعة ايام نص القانون الذي اقترحه البرلماني الديموقراطي طوم لانتوس وهو الناجي الوحيد من محرقة اليهود في الكونغرس، وذلك بالرغم من اعتراضات وزارة الخارجية التي كانت تخشى ان يولد هذا النص معاملة تفضيلية لليهود على المجموعات الدينية والإثنية الاخرى. ويلزم القانون وزارة الخارجية بوضع تقرير سنوي حول معاداة السامية في العالم ونشره في اطار تقريرها حول حقوق الانسان. كما ينص على انشاء دائرة داخل وزارة الخارجية تكلف بإحصاء الاعمال المعادية للسامية ووضع استراتيجيات لمكافحتها. وستكلف الدائرة تفصيل أعمال العنف الجسدي الموجهة ضد يهود او املاك يهودية وأعمال تدنيس مقابر او معابد يهودية، فضلا عن احصاء حالات الدعاية المعادية لليهود.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232