قضايا العصيان في الجيش الأمريكي تظهر إلى العلن هل ستدخل أمريكا قوات أوروبية إلى المعركة؟

تزامن طرح الولايات المتحدة الأمريكية إدخال قوات غير أمريكية إلى مناطق وسط العراق، مع رفض مجموعة من الجنود الأمريكيين للأوامر العسكرية في أحد القطاعات، وعلى الرغم من تأكيدات الجنرالات الأمريكيين على أن الجنود الذين رفضوا تنفيذ الأوامر مؤخراً لا يشكلون إلاّ حادثة فردية، إلاّ أن هذه الحادثة أدت إلى توسيع دائرة الضوء والكشف عن حالات استعصاء كثيرة في الجيش الأمريكي تعود إلى المراحل الأولى لاستعدادات الجيش الأمريكي للحرب على العراق.

19 أمريكياً يرفضون الأوامر:

وقد طفت القضية إلى السطح، عقب تصريح من مصادر في الجيش الأميركي حول رفض 19 جنديا أميركيا المشاركة في إحدى القوافل الخاصة بالإمدادات أفادت بأنهم كانوا قلقين من عدم توفر الأمن ومن الحالة السيئة لمركباتهم. ليقوم الجيش الأمريكي بإجراء تحقيق في الأسباب التي دفعت الجنود لرفض مهمة التمويل التي كانت مقررة من منطقة تليل الواقعة جنوب شرق العراق إلى بغداد يوم الأربعاء الماضي.

ينتمي الجنود إلى الوحدة 343 ومقرها جنوب كاليفورنيا. ونقلت مصادر إعلامية أن أقارب الجنود أبلغوا من أبنائهم أن القافلة كانت تمثل مهمة انتحارية وقد نفى تشامبرز هذه الدعاوى.

وإلى الآن لم تتخذ أي إجراءات ضد الجنود ليعادوا إلى الخدمة بانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات. 

وفي السياق نفسه ورد في بيان عسكري أن وحدة بأكملها رفضت تنفيذ مهمة تعتبر انتهاكا خطيرا للانضباط العسكري. وأثنى في الوقت نفسه على أداء وتفاني الوحدة 343 التي نفذت مهمات مشرفة في العراق خلال الأشهر التسعة الماضية على حد قول البيان. 

يشار إلى أن الجيش الأميركي ينظم 250 قافلة بصورة يومية وتضم حوالي 3000 عربة لنقل إمدادات ومعدات لقواته بالعراق وتستهدف بصورة مستمرة من قبل المسلحين العراقيين.

أمراض الحرب العراقية:

لتفتح صحف عديدة حول العالم الكثير من القضايا المسكوت عنها حول الرعب المتزايد لدى الجنود الأمريكيين على وجه الخصوص وجنود الدول المشاركة في «الإتلاف» الكاذب، لتذكر النيوز ويك بالجنود الثلاثة الذين تم أسرهم والأمراض التي لحقت بهم لدى عودتهم إلى بلادهم، والانهيارات المتكررة لعدد كبير من الجنود العائدين من الحرب. 

لتنشر بعض الصحف البريطانية عدداً من اللقاءات مع أطباء نفسيين قاموا بتحليل للآثار التي تظهر على الجنود العائدين من الحرب في العراق، وأكد عدد كبير من هؤلاء الأطباء أن هذه الحرب لا تشبه في شيء أياً من الحروب التي خاضتها أميركا قبلاً، ولن تشكل هذه الحرب «فيتناماً جديدة» كما أكد معظم الأطباء، بل سيكون أثرها أقوى بكثير وستستمر آثارها إلى الأجيال اللاحقة لا عن طريق الأثر الذي يتركه الإعلام بل عن طريق الوراة الجينية، ذلك لأن العامل النفسي والمبررات التي كانت حكومة الولايات المتحدة قد خلقتها في فيتنام ، اختفى تماماً في العراق ، كما أن الجزء الأعظم من أهالي الجنود الأمريكيين غير مقتنعين بالحرب أساساً، كما أن الدوافع المرتبطة بمستوى توازن القوى غائب تماماً في هذه الحرب، ومن الأعراض المتوقعة للجنود العائدين إلى بلادهم، حالة الذهول التي يتعرض لها الكثير من الجنود، بالإضافة إلى حالات التوتر الشديد والاختلاط في الكثير من وظائف الدماغ، والهرمونات. 

وقد بدأ العديد من هذه الأمراض يبرز بقوة، فقد أعيد الكثير من الجنود إلى بلادهم، عقب حالات إغماء، أو فقدان للوعي، أو حالات هيستيرية تصيبهم، عقب قصف إحدى المدن. 

ويضاف إلى ذلك حالات الإدمان على المخدرات التي باتت منتشرة في صفوف الجيش الأمريكي بدرجة كبيرة والتي لا تواجه اعتراضاً من الضباط الأعلى رتباً خاصة في المناطق الساخنة كالقوات التي تخدم بالقرب من الفلوجة أو الرمادي، وغيرها من المناطق التي يتعرض فيها الجنود الأمريكيون لضغط كبير. 

وذكرت صحيفة الغادرديان حالات كثيرة من عدم التقيد بالأوامر لدى الجنود الأمريكيين، سبقت بكثير الحالة المذكورة، منها مجموعة من حالات الاستعصاء التي سبقت الحرب، مروراً بالعديد من الجنود الذين تمت إعادتهم إلى قواعدهم في أميركا والمانيا تحت ظروف غامضة بعد لغط صحفي كبير أعقب تصريح الضابط المسؤول عنهم حول رفضهم القيام بمهمات محددةن، بينما ربطت صحيفة الأوبزرفر بين حوادث سجن أبو غريب وحالات مشابهة أخرى ظهرت في عدد من السجون والمعتقلات التي تعتبر رد فعل على الخوف لدى الجنود الأمريكيين، وتكرر أعمال الانتقام التي يقوم الجنود الأمريكيون من المدنيين العراقيين، ويضاف إلى ذلك كله عدد كبير من التقارير التي تتحدث عن تحقيقات داخلية تقوم بها وزارة الدفاع الأمريكية حول قصف عشوائي قام به عدد من الطياريين لأماكن مدنية، قامت الوزارة بتبريرها، إلاّ أن الحقيقة لا تتعدى كونها حالات انتقام فردية على طريقة الكاوبوي.

الإئتلاف

ويبدد أن القوات الأمريكية والبنتاغون الأمريكي يعاني من أزمة حقيقية، أبرزتها إلى السطح فيما بعد المناظرات بين المرشحين على كرسي الرئاسة الأمريكي، وتعود إلى النقص العددي في الجيش الأمريكي، وناجم ايضاً عن التدخلات الداخلية في القطع العسكرية التي يتوجب إرسالها إلى العراق، بعد مجموعة الانسحابات من قوة الإتلاف المدعاة، والتي توجت بإنسحاب إسبانيا أوائل العام الحالي، وفي وقت مواز لحالة الإستعصاء فإن رئيس الوزراء البولندي ماريك بيلكا قال إن بلاده ستبدأ في خفض عدد جنودها المشاركين ضمن قوات التحالف الدولي في العراق والذين يقدر عددهم بألفين وخمسمائة جندي. وتتولى بولندا الحليف القوي للولايات المتحدة قيادة ثمانية آلاف جندي ينتشرون في وسط وجنوب العراق. وتعهد رئيس الوزراء البولندي أمام البرلمان قبل اقتراح بحجب الثقة عن حكومته بأن تخرج قوات بلاده من العراق فور انتفاء الحاجة لذلك. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 70% من اليولنديين يعارضون نشر قوات من بلادهم في العراق. 

وقالت بولندا الأسبوع الماضي إنها ستسحب قواتها من العراق بعد اجراء الانتخابات هناك والمقرر لها شهر كانون الثاني القادم. 

كما ألمح وزير الدفاع البولندي يرزي سزمايدزنسكي إلى فكرة سحب قوات بلاده من العراق بنهاية عام 2005.

شعوب الإئتلاف

في هذا الوقت طلبت الولايات المتحدة الأمريكية علناً من بريطانيا، وسراً من مجموعة من الدول للدخول في القوة المشكلة في وسط بغداد، ليتظاهر آلاف المناهضين للحرب على العراق في شوارع العاصمة البريطانية داعين لإنهاء الاحتلالن وللوقوف في وجه هذا الأقتراح.

شارك في التظاهرة نحو 65 إلى 75 ألفا بحسب المنظمين، غير أن مصادر الشرطة قالت إن العدد بلغ 20 ألفا فقط. 

وكان من المشاركين في التظاهرة بول بيغلي شقيق كينيث بيغلي الرهينة البريطاني الذي ذبح في العراق في وقت سابق من هذا الشهر. ودعا بيغلي البريطانيين إلى المشاركة في مسيرة الاحتجاج من أجل شقيقه ومن أجل الجميع في العراق، وقال إنه بمقدار ما يرفع الناس أصواتهم بقدر ما سننعم بالأمن. 

كما تتزامن مسيرة الأحد في ختام المنتدى الاجتماعي الأوروبي الذي شارك فيه الآلاف من النقابيين ودعاة السلام وحماية البيئة الذين تجمعوا في لندن لإدانة الحرب والعنصرية والعولمة والشركات الكبرى. وقالت لينزي جيرمان المتحدثة باسم ائتلاف "أوقفوا الحرب" إن السلام في العراق لن يحل قبل أن ينتهي الاحتلال غير الشرعي.

وانتهت أعمال المنتدى الذي افتتح رسميا يوم الجمعة الماضي بإصدار نداء لقيام أوروبا مسالمة واجتماعية وتنظيم يوم تعبئة في كافة أنحاء القارة يوم 19 مارس/ آذار 2005 قبل ثلاثة أيام من انعقاد قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل يومي 22 و23 من الشهر نفسه.

 

وقال متحدث باسم الشرطة إن تسعة أشخاص اعتقلوا بسبب سلوكهم الصاخب. غير أن التظاهرة، التي انطلقت من ساحة في وسط لندن وتوجهت إلى منطقة ويست منستر قبل أن تنتهي في ساحة الطرف الأغر، مرت بسلام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232