ثالث مورِّد للسلاح في العالم: ألمانيا تسلح الحروب... بصمت!

برلين-  شنت الحركات السلمية وجماعات المعارضة السياسية والكنائس، حملة انتقادات للحكومة الألمانية لزيادتها لصادرات السلاح بنسبة 70 في المائة في السنوات الأخيرة، ما جعل من ألمانيا ثالث أكبر مورد للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا.

فخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أواخر 2008 وأوائل 2009، استخدم الجيش الإسرائيلي مقاتلات «إف 16» ومروحيات «أباتشي» ودبابات «ميركافا»، لم تصّنع أو تركب في ألمانيا، لكنها بنيت كلها بالاستعانة بمكونات ألمانية بيعت لشركات أجنبية.
هذا النوع من الممارسات التجارية أصبح شائعاً في دول الاتحاد الأوروبي وبمعدلات متنامية. فقد صرح الباحث بمركز بون الدولي الداعم للسلام والتنمية، مارك فون بويكين، أنه على الرغم من أن المبادئ السياسية التي تلتزم بها الحكومة الألمانية تحظر بوضوح تصدير الأسلحة إلى مناطق النزاعات، فالواقع أنه ليس في وسع أحد أن يجزم بأن المكونات المصنوعة في ألمانيا لا ينتهي بها المطاف في نزاعات مسلحة».
وأضاف أنه «على الرغم من ذلك، فيبدو أن الحكومة لا تعبأ أو تكترث»، علماً بأنه لا يجوز للشركات الألمانية بيع المكونات التي تنتجها إلى الخارج دون موافقة الحكومة.
وتباع غالبية الأسلحة الألمانية إلى الحلفاء، وخاصة تركيا واليونان. ومع ذلك، يجري شحن عدد كبير منها لدول «ثالثة» ليست أعضاءً في الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي.
وشرح الخبير أن «الحكومة الألمانية، عملاً بمبادئها السياسية لعام 2000، استبعدت تصدير الأسلحة لدول «ثالثة»، اللهم إلا إذا وجدت مصلحة أمنية ومتصلة بالسياسة الخارجية».
لكن بيع 112 دبابة من طراز «ليوبارد 2» لتشيلي، و 16 دبابة استطلاع «فاك» للإمارات المتحدة، في عامي 2007 و 2008، لا يبدو أنه يخدم مصالح الأمن أو السياسة الخارجية الألمانية، وفقا للخبير.
واستطرد فون بويكين قائلاً إن «الواقع (يؤكد) أن هناك فوارق بين المبادئ السياسية التي تلتزم بها الحكومة الألمانية وبين سياستها في مجال منح التراخيص»، حيث وافقت الحكومة الألمانية على بيع ثلاث غواصات لباكستان، رغم أن العقد النهائي الخاص بالصفقة لم يتم التوقيع عليه بعد بسبب انعدام الاستقرار السياسي في هذا البلد الآسيوي.
وعلق الخبير أنه «لابد أن يتخذ قرار سياسي بما إذا كانت ألمانيا تريد تغذية سباق التسلح بين باكستان والهند».
وفي الوقت نفسه، أظهرت الصور التي بثت عن اقتحام قوات جورجيا لأراضي جمهورية أوسيتيا الجنوبية في آب 2008، أن القوات المسلحة الجورجية تستخدم بنادق G36 من تصميم شركة «هيكلر أند كوش» الألمانية. ولكن الحكومة الألمانية عجزت عن شرح كيف وصلت هذه الأسلحة إلى جورجيا، على الرغم من أنها رفضت طلباً من الشركة ذاتها «لتصدير 230 بندقية من هذا الطراز في نوفمبر 2005».
وأفاد معهد استوكهلم الدولي لبحوث السلام أن صادرات ألمانيا من الأسلحة التقليدية كالغواصات والدبابات والمروحيات، قد ارتفعت بنسبة 70 في المائة بين عامي 1999-2003 ثم في الفترة بين 2004-2008.
كما ارتفع نصيب ألمانيا في سوق السلاح العالمية من 7 إلى 10 في المائة، لتحتل المرتبة الثالثة على قائمة كبار موردي السلاح في العالم بعد الولايات المتحدة بحصة تبلغ 31 في المائة، وروسيا بنسبة 25 في المائة.
وأضاف المعهد أن الشركات الألمانية باعت أسلحة بلغت قيمتها 8.7 مليار يورو في الفترة 2004-2008.
بدورها تفيد بيانات وزارة الاقتصاد الاتحادية الألمانية أنة بإضافة مبيعات الأسلحة الصغيرة ومكونات الآلات وسيارة «جيب» إلى مبيعات أنظمة السلاح، تكون الحكومة قد رخصت بصادرات بلغت قيمتها 8.8 مليار يورو في عام 2008، مقابل 7.7 ملياراً في سنة 2006.
وزعم مصدر مطلع يعمل في شركة ألمانية كبرى لصناعة الأسلحة، أن ألمانيا تعتبر واحدة من أكثر الدول تشدداً في تطبيق قوانين بيع السلاح، «فعلى عكس شركات في النمسا وهولندا على سبيل المثال، لا يُسمح لنا بعقد صفقات معينة مع بلدان بعينها»، ما يمثل في رأيه اختلالاً في المنافسة.
وشرح أن ألمانيا لا تصدر بالضرورة مزيداً من الأسلحة بالمقارنة بغيرها، لكنها تصدر أسلحة ذات قيمة أعلى، لأن «ألمانيا تصدر أساساً منتجات متقدمة تكنولوجياً، وبالتالي عالية التكلفة».

معلومات إضافية

العدد رقم:
409