قراءة أمريكية: محادثات سلام نتنياهو، لاتجد من يصدقها..
استُقبِل تصريح رئيس وزراء «إسرائيل»، بنيامين نتنياهو، حول قبوله أخيراً بمبدأ دولة فلسطينية، مع تقييدات، بارتياب عميق حول مصداقيته. انشغل مسؤولون كبار وأشخاص متنفذون في حزبه اليميني، الليكود، في جلسات علنية وخاصة بالشرح لماذا هم يعتقدون بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية في أي وقت قريب، بينما لزم صقور الليكود المتشددون الصمت، وتُرجمَ موقفهم هذا على أنه ليس هناك شيء يدعوهم للخوف. هذا يطرح أسئلة إضافية حول تعهد حكومة نتنياهو الحالية بالوصول إلى اتفاق سلام نهائي.
في اليوم المائة على تسلمه منصبه، أثنى نتنياهو على حكومته لصنعها «إجماعاً قومياً» حول «فكرة دولتين لشعبين» لكنه كان واضحاً جداً حول شروطه من أجل عقد أي اتفاق. قال بأنه يجب على الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، مضيفاً بأن مشكلة اللاجئين يجب أن تُحَل خارج حدود دولة إسرائيل وأن إسرائيل تقبل فقط بحدود يمكن الدفاع عنها، وتوفير ضمانات دولية بأن أية دولة فلسطينية في المستقبل ستكون منزوعة السلاح كاملاً. قال مساعدوه أيضا بأنه لايوجد الآن شريك فلسطيني يمكن له أن ينجز شروط الدولة كما حددها نتنياهو، أو شريك قادر على اتخاذ قرارات تاريخية ضرورية للوصول إلى اتفاق سلام نهائي.
إنها لازمة معتادة: لسنوات، رفض قادة الليكود التفاوض مع ياسر عرفات، الرجل القوي في الساحة الفلسطينية، حيث نظروا إليه كديكتاتور إرهابي لا كشريك من أجل السلام. الآن، خليفته محمود عباس المدعوم من الغرب والذي اجتنب العنف ضد إسرائيل، يُنظَر إليه باستخفاف باعتباره ضعيفاً على الساحة الفلسطينية. يقول القادة الإسرائيليون بأن عباس لايسيطر على غزة. أضافوا أيضاً بأن حتى مدى سيطرته على الضفة الغربية أمر مشكوك فيه، ويقولون بأنه إذا غادر الجيش الإسرائيلي المنطقة فإنها قد تتحول إلى منطقة «حمساوية» أخرى.
تلقى شروط نتنياهو المرتبطة بدولة فلسطينية صدى حسناً لدى اليمين الإسرائيلي. قال دوري غولد، رئيس مركز القدس للشؤون العامة، وسفير سابق مقرب من نتنياهو «في الماضي، كان حديث إسرائيل الدبلوماسي يعالج حاجة الفلسطينيين إلى دولة لكنه لم يؤسس لحقوق إسرائيلية بالتوازي. يحاول رئيس الوزراء الآن تصحيح هذا الاعوجاج بواسطة تعريف المصالح الإسرائيلية علناً لأول مرة».
لكن والد نتنياهو، بينزيون نتنياهو، الإيديولوجي اليميني والمؤرخ البالغ من العمر 100 سنة، أخبر القناة الثانية الإسرائيلية في 8 تموز بأن ابنه وضع شروطاً يعرف بأن الفلسطينيين لن يستطيعوا أبداً قبولها.
على كل حال، مهما تكن نية نتنياهو الحقيقية، فإن المحيطين به ليس لديهم توقعات كبيرة لفرص السلام. دان ميريدور، نائب رئيس الوزراء ووزير الاستخبارات والطاقة الذرية، وأحد قادة الليكود البراغماتيين، أخبر مؤخراً بعض الصحفيين بأن «السؤال المفتوح» هو فيما إذا كانت القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية مستعدة لاتخاذ «خطوات الحد الأدنى الضرورية» لتنفيذ المتطلبات الإسرائيلية من أجل اتفاق سلام نهائي. «يبدو أنه ليس لدينا شريك الآن» قال ميريدور.
تحدث بفظاظة أكثر، عزيز عراد، مستشار نتنياهو للأمن القومي وصديقه الحميم القديم، قال في مقابلة له مع صحيفة هآرتس «لم ألتق بعد بأية شخصية عربية قادرة على الاعتراف بشكل تام وواضح بحق إسرائيل بالوجود بمعنى واع وتاريخي», جاعلاً من الصعب تخيل اتفاق حقيقي في السنوات القادمة. قال عراد أيضاً «لايوجد قادة حقيقيون بين الفلسطينيين لصنع اتفاق سلام« مضيفاً «في هذا الوقت، لايوجد أحد على الخارطة».
تحدث مساعدون آخرون لنتنياهو بجلسات خاصة بلغة العقم نفسها وانعدام الجدوى هذه. هذه الاستنتاجات، وفقاً لبعض منهم، تأتي من المراجعة السياسية لجهود السلام الإسرائيلية الفلسطينية السابقة والتي انتهت دون أية نتائج. أشاروا بشكل خاص إلى الجهود التي بذلها رئيس الوزراء السابق أيهود أولمرت للوصول إلى اتفاق مع عباس. قال ميريدور إنه «من غير المرجح» أن يعرض نتنياهو على الفلسطينيين شروطا أفضل من التي كان قد عرضها عليهم أولمرت. يقول أولمرت لم يسمع أي جواب على العرض الذي قَّدمه.
تقترح حكومة نتنياهو مناقشة القضايا بدءاً من الأدنى إلى الأعلى لصنع اتفاق سلام وهذا قد يأخذ بعض الوقت، مع التركيز على تطوير الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية. يقول الإسرائيليون بأن الفلسطينيين سلبيون لايقومون بما يتوجب عليهم القيام به، ويطالبون إسرائيل بتجميد كامل لعملية بناء المستوطنات كشرط فلسطيني لمتابعة المحادثات. قال صائب عريقات، أحد كبار مساعدي عباس وكبير المفاوضين الفلسطينيين بأن توقف بناء المستوطنات، كما طالب الأمريكيون، كان «التزاماً إسرائيلياً، ولم يكن شرطاً فلسطينياً» وأضاف «لن يكون هناك أي تنازل، إما أن يتوقفوا أو لا». قال عريقات إن الإسرائيليين لايتحركون و«هم الذين يرفضون الاجتماع بنا».
تحت هذه الظروف، يقول الخبراء، إن متابعة إدارة أوباما لإيجاد حل سريع «للنزاع»، يقوم على أساس دولتين، لن تحقق تقدماً بعيداً. قال غولد، السفير السابق، «المفتاح الرئيسي لصنع السلام هو بأيدي الإسرائيليين والفلسطينيين، لاتستطيع الولايات المتحدة أن تصنع سلاماً أو تريده أكثر مما يريده الجانبان».
ترجمة حسين علي - بوسطن
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 414