سجون «إسرائيل» السرية: كم عددها؟

انتقدت لجنة مراقبة التعذيب التابعة للأمم المتحدة الكيان الصهيوني لرفضه السماح بتفتيش سجن سري أطلق عليه منتقدوه تسمية «معتقل غوانتانامو الإسرائيلي» وطالبت بمعرفة إن كان قد قام بافتتاح المزيد من معسكرات الاعتقال السرية.

في تقرير أصدرته لجنة مناهضة التعذيب بتاريخ 15/5/2009 طالبت فيه الكيان الصهيوني بتحديد مكان معسكر اعتقال يشار إليه رسميا بـ(المنشأة 1391) والسماح بدخول الصليب الأحمر الدولي إليه. فقد أظهرت نتائج تحقيق أجرته منظمات «حقوق الإنسان الإسرائيلية» بأنه سجن تم استخدامه من قبل لاحتجاز السجناء العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، ومارس فيه المحققون شتى أنواع التعذيب في أثناء الاستجواب. وصادقت لجنة الأمم المتحدة المكونة من عشرة خبراء مستقلين على ما أفادت به المنظمات الإسرائيلية بأن المعتقلين الفلسطينيين يتعرضون للتعذيب بشكل منتظم ومنهجي. وكانت المرة الأولى التي تتسرب فيها معلومات عن وجود معتقل (المنشأة 1391) عام 2002 إثر إعادة غزو الضفة الغربية واحتجاز الفلسطينيين فيه.
وفي رد سلم إلى لجنة الأمم المتحدة أنكر الكيان الصهيوني وجود أي معتقل بهذه المواصفات بالرغم من اعترافه بأن العديد من اللبنانيين تم احتجازهم فيه خلال عدوان تموز 2006. في وقت عبرت فيه اللجنة الدولية عن قلقها للقرار الذي أقرته المحكمة الإسرائيلية العليا عام 2005 والذي نص على أنه لأمر حيوي بالنسبة «للدولة» ألا تجري تحقيقات حول التعذيب الذي يمارس في ذلك المعتقل. وتبيَّن أن هيئة المحلفين الإسرائيلية مهتمة بأنه في حال تم منع التقصي حول هذا المعتقل فإنه يمكن له أن يبقى قيد الاستخدام. وجاء في كتاب اللجنة الدولية أنه على المحكمة الإسرائيلية أن تتكفل بالتحقيق بحياد في كل حالات التعذيب والمعاملة السيئة للمحتجزين في هذا المعتقل وإعلان النتيجة على صفحات الجرائد. وكانت إحدى منظمات حقوق الإنسان قد حددت مكان السجن بعد أن تم اعتقال شخصين من نابلس عجزت عائلتيهما من اقتفاء أثرهما إلى أن أقرت السلطات الإسرائيلية أخيراً بأنها تحتجزهما في مكان سري. لكن السلطات الإسرائيلية ما تزال ترفض تحديد هذا المكان المرجح أن يكون 100كم شمال مدينة القدس حيث تشاهد هنالك بعض الأبنية إلا أن الكتلة الرئيسية والأكبر للسجن تقع تحت الأرض.
وقالت إحدى الناشطات في المنظمة: «لم نكن نعلم بمكان المعتقل إلى أن اقترف الجيش الإسرائيلي خطأً عندما وضع فيه فلسطينيين فروا من سجن إسرائيل المركزي». وأضافت: «الغرض الأساسي من هذا المعتقل هو استجواب السجناء من الدول العربية والإسلامية بسهولة عبر جعل اقتفاء أثرهم صعباً كون عائلاتهم ستلجأ لمنظمات حقوق الإنسان للعثور عليهم». وقالت إن رفض الإفصاح عن موقع المعتقل يعتبر بحد ذاته أكبر خرقٍ للقانون الدولي من معتقل غوانتانامو ذاته لأنه لم يتم تفتيشه من قبل ولا أحد يعلم ما الذي يجري فيه.
لكن تبعاً لشهادة محمد وبشار جاد الله فقد احتجزا بزنزانتين منفردتين لا تتجاوز مساحة الواحدة منهما مترين مربعين جدرانها بلا نوافذ ومدهونة باللون الأسود تضاء بمصباح كهربائي على مدار الساعة ولا يسمح للمعتقلين بالخروج للتنفس إلا في مناسبات قليلة يرافقهم فيها السجانون وعليهم أن يضعوا نظارات تمنعهم من مشاهدة ضوء الشمس. وتبعاً لشهادة محمد جاد الله، 23 عاماً، فقد تعرض للضرب مرات كثيرة وكانوا يقيدونه بطريقة محكمة إلى كرسي بوضعيات مؤلمة ولم يكن مسموحاً له الذهاب إلى المرحاض كما حرم من النوم عن طريق رشه بالماء كلما غالبه النعاس. وكان المحققون يعرضون عليه صور أهله ويهددوه بأنهم سيؤذونهم. وبالرغم من أن البوليس السري كان يستجوب المعتقلين إلا أن وحدة خاصة في جهاز «الشين بيت» (الأمن الداخلي الإسرائيلي) تسمى بالوحدة 504 والمعروفة بطريقتها الخاصة بالتعذيب كانت تتولى أحياناً استجواب المعتقلين.
وبعد فترة وجيزة من افتضاح أمر المعتقل، رفع الأسير اللبناني مصطفى الديراني دعوى قضائية في الكيان الصهيوني مؤكداً فيها أنه قد تعرض للاغتصاب على يد أحد الحراس. وكان الديراني قد اختطف من لبنان عام 1994 ووضع في معتقل (المنشأة 1391) لمدة ثمانية أعوام مع أحد قادة حزب الله وهو الشيخ عبد الكريم عبيد. كانت إسرائيل تأمل بانتزاع معلومات من كلا المعتقلين تفيدها في بحثها عن الطيار رون آراد الذي أسقطت طائرته فوق لبنان عام 1986. وأفاد الديراني أنه كان يتعرض للإهانة النفسية ولأسوأ أنواع التعذيب من «الميجر جورج» كبير محققي السجن إلى حد استعمال الخازوق.
وقالت كريستين، إحدى ناشطات منظمات حقوق الإنسان أنه لم يتوافر إلى الآن دليل على وجود معتقلات سرية أخرى شبيهة بالـ(المنشأة 1391) لكن بعض الأدلة التي جمعت من سجناء سابقين تفيد أنهم كانوا موقوفين في أماكن سرية متفرقة. وأضافت أنه ربما يكون الكيان الصهيوني واحداً من تلك البلدان التي كانت تستقبل الرحلات الجوية غير العادية التي كانت تهرب السجناء الذين تعتقلهم الولايات المتحدة إلى بلدان أخرى ليتم تعذيبهم. وقال أحد ناشطي حقوق الإنسان أنه وبعد أن اعتبر الكيان الصهيوني قطاع غزة «كيانا معادياً» أصبح يتم احتجاز الفلسطينيين في أحد السجون السرية الشبيهة بمعتقل (المنشأة 1391).

جوناثان كوك
ترجمة مالك ونوس – قاسيون

معلومات إضافية

العدد رقم:
415