«أتاك فرنسا» مناهضة العولمة... تعني إعادة توزيع الثروة

منذ ست سنوات، رافقت أتاك المنظمة العالمية المناهضة للعولمة ولادتها بالمطالبة بتطبيق «ضريبة توبان» حول تحويل الأموال. وهذا يعني أنّ الأمر يتعلّق هنا بعنصرٍ مؤسّسٍ للحركة، رغم اقتناعها بأنّ إصلاحاً ضريبياً لا يكفي لفرض بديلٍ للنظام الليبرالي الجديد رغم لزومه.

لقد شذّبت حركة العولمة البديلة في المنتدى الاجتماعي العالمي والمنتدى الاجتماعي الأوروبي والمنتديات المحلّية مقترحاتها. ودافعت أتاك على الدوام عن إعادة التوزيع الضرورية للثروات، وبالتالي فرض الضرائب الشاملة، وعارضت على الدوام الجزء المتنامي من عوائد رأس المال على حساب عوائد العمل.

1. وعيٌ متنامٍ بتأثيرات العولمة الليبرالية الجديدة.

إنّ التفاوتات المتنامية في العالم، نتيجةٌ مباشرة للعولمة الليبرالية الجديدة. وهي ذات مظهر اجتماعي بتركيز الثروات والعوائد، وبتعميق أشكال التمييز والاستبعاد؛ كما أنّها تفاقم تعميق الهوّة بين السكان الفقراء في الجنوب والأغنياء في الشمال، وبصورةٍ خاصة عبر نشاط الشركات العابرة للقوميات؛ وتتجلى عبر كوارث بيئية حقيقية تجعل مستقبل الكوكب غائماً؛ مثلما تتعارض أيضاً مع الحاجة إلى الديموقراطية. لقد نتجت حركة العولمة البديلة عن وعي تلك الأخطار الرهيبة؛ وتترجم أشكال المقاومة والنضال، وتسجلها في مقترحاتٍ مبنية على منظور عالمٍ آخر ممكن. 

2. ضرورة إعادة توزيع الثروات.

منذ الآن، يمكننا أن نفرض تطبيق إصلاحاتٍ تخّفف من وطأة التفاوتات الأكثر قسوةً. لقد شكّلت الضرائب على الدوام أداةً نضالية ضد التفاوتات. لابدّ من ضرائب عالمية كي تؤخذ من أولئك الذين يثرون بفضل العولمة الليبرالية الجديدة عبر إفقارٍ متزايد للمليارات من البشر. ينبغي التصدّي للإغراق الضريبي الذي يرافق الإغراق الاجتماعي، إذ إنّ كليهما يستعيدان ما كانت عقودٌ من النضالات قد فرضته، وهما يحوزان على مساندة عالمية على أدنى المستويات. 

3. من ضريبة توبان إلى الضريبة على التحويلات المالية.

لقد تقدّمت المقترحات المتعلّقة بفرض ضريبة على تحويل العملات، والمسماة «ضريبة توبان»، بشكلٍ كبير انطلاقاً من الأعمال التي قامت بها منظمات أتاك في العالم، والمناقشات في البرلمانات الفنلندي والكندي والألماني والبلجيكي التي ناقشت تبنّيها. اليوم، أصبح ممكناً أن نذهب إلى مدى أبعد وبصورةٍ أكثر فعاليةً: إننا نعرف جغرافية وآلية عمليات التحويل. لهذا، فإننا نقترح ضريبةً مزدوجة في قيمتها ومداها، مستلهمين بصورةٍ خاصة تقلّبات النظام النقدي الأوروبي قبل اعتماد اليورو. سيكون لفرض ضريبة على التحويلات المالية قيمةٌ تتشكّل وفق هجمات المضاربة وآليات التصوّر المتكيّفة مع التقنيات الحديثة المرتبطة بالحاسبات. وسيكون لفرض ضريبة من أجل إعادة توزيع الثروات قيمةٌ منخفضة جداً، ولن تعني سوى مبادلات المضاربة ذات المدى القصير دون أن تعني الاستثمارات الإنتاجية. 

4. فرض ضريبة على الصناعة المالية أمرٌ ممكن.

على عكس ما تظهره الكثير من الفرضيات، فإنّه يمكن بسهولة اقتطاع ضريبة على التحويلات المالية. وهو أسهل بكثير من الضريبة على الدخل التي لا تتّهم اليوم مثلما اتّهمت حين اقترحت! لقد حصل تقدّمٌ هام في أوروبا في السنوات الثلاث الأخيرة. وجاء آخر تقدّمٍ من بلجيكا، حيث تبنّت عدّة لجان برلمانية مشروعاً يفترض أن يجري طرحه الآن على التصويت العام، وهو ينال حظاً معقولاً من النجاح. إنّ مشروع القانون البلجيكي مدروسٌ جيداً، بأدقّ التفاصيل، وهو يقدّم بالتالي إلى الجميع برهاناً ساطعاً على إمكانية تحقيق ما نقترحه. وعلاوةً على مظهرها الرمزي، فإنّ هذه الخطوة ستسجّل مرحلةً أساسية في ما يتعلّق بتبني الاتحاد الأوروبي للضريبة!

5. من ينبغي أن يدير الموارد الناتجة؟

في ما يتعلّق بالوصفات الحكومية، ومهما كانت طرائق الجمع، فينبغي أن تدار الموارد الناتجة وتوزّع بصورةٍ ديموقراطية على يد القوى الشعبية، عبر إجراءاتٍ قومية وإقليمية ودولية. هذه القوى تدير وتوزع الموارد المجموعة بهذه الطريقة وتسيطر على استخدامها، وفق مبادئ يعرفها المواطنون جميعاً وتحت مراقبتهم. ولا يمكن لإدارة هذه الموارد أن تكون في يد صندوق النقد الدولي، الضامن الحصري لمصالح شركات البلدان المهيمنة وأسواق رؤوس الأموال، ولا في يد البنك الدولي الذي نعرف جيداً الأضرار التي أثارتها عقيدته الليبرالية الجديدة في بلدان الجنوب. ويمكن لمنظمة الأمم المتحدة، بعد إصلاحها وإعادة تأهيلها، أن تقود هذه العملية التي ستؤدّي إلى وضعٍ صحّي. وتوجد صناديق دولية أو أوروبية للتحويل يمكن أن تكون مثالاً يحتذى.

6. الاتحاد الأوروبي، منطقة تطبيقٍ مناسبة.

نحن لسنا في عالم كلّ شيء أو لاشيء. سيكون من الوهم، وغير المجدي على الإطلاق، أن ننتظر توقيع البلدان المائتين في العالم في اليوم نفسه على عهدٍ دوليّ يتبنّى سياسةً دوليّة لفرض ضرائب. ينبغي البدء من مكانٍ ما: والاتحاد الأوروبي هو الأكثر ملاءمةً للعب دور الريادة هذا. فهو يقع في الصفّ الأول في مجال المساعدة الحكومية للتنمية؛ ويستطيع بالتالي أن يستمر في تقديم المثال. ومما يزيد من ملاءمته لذلك الدور امتلاكه لقدرةٍ اقتصادية تمكّنه من ذلك، وكونه قدرةً جاذبة لبلدان الجنوب يمكن أن تكون ذات أهميّة بالغة. ستكون تلك إحدى أفضل الطرق لإظهار الاهتمام الذي يمكن أن تبديه أوروبا بالعالم. 

7. ماذا نفعل بالموارد الناتجة؟

وفق تقديرات الأمم المتحدة، فإنّ الموارد الناتجة سوف تسمح بتمويل وصول الجميع في العالم إلى الحدّ الأدنى من الخدمات الأساسية (المياه، الأمن الغذائي، الطاقة المنزلية، التعليم، الصحة). إنّها مرحلةٌ أولى نحو المساواة، تحت مراقبة الجماهير، في الوصول إلى الحقوق الأساسية الذي يمثّل البديل لليبرالية الجديدة في بناء عالمٍ آخر. ويمكن فرض ضرائب شاملة أخرى؛ ومما يزيد من تبريرها إعادة توزيع الثروات وضرورة الضبط في مواجهة الانحرافات الاقتصادية. وإذا أضفنا إلى فرض الضريبة على الصناعة المالية الفرض الضروري للضريبة على التحويلات في البورصة، وضريبةً على فوائد الشركات العابرة للقوميات، وضريبةً عالمية على الثروات الكبيرة، وضرائب مختلفة ذات طبيعة بيئية أو ضريبة على التسلّح، يمكن أن ترتفع المبالغ المجموعة لتصل إلى عدة مئات من مليارات اليورو. لنذكّر هنا بأنّ نحو ألف مليار دولار تكرّس كلّ عام للنفقات العسكرية. 

8. منع الفراديس الضريبية والنضال ضدّ الجريمة المالية.

لا يمكن تفعيل هذا الهيكل قبل أن يجري تبنّي أمرٍ آخر: ينبغي محاربة الجريمة المالية وفرض عقوباتٍ صارمة عليها. ينبغي كذلك وضع نهاية لعدم المحاسبة الذي يسود في هذا المجال بسبب غياب القوانين المناسبة، أو، حين توجد مثل تلك القوانين، بسبب نقص الإمكانيات والإرادة لتطبيقها. وهكذا، فإنّ الفراديس الضريبية، التي يمسك الاتحاد الأوروبي ببعض أهمّ عناصرها، هي تشجيعٌ ومرفأ للأموال القذرة. لكنّ السرّ المصرفي وممارسات التهرّب الضريبي، وخاصّةً بين الشركات، هي ممارساتٌُ مدانة بنفس الدرجة تحرم الضريبة من مبالغ تزيد بعشرة أضعافٍ على الأقل على كلّ المساعدة الحكوميّة العالمية.

مع مجموع منظّمات أتاك، وبالدرجة الأولى أتاك أوروبا، سوف تجعل أتاك فرنسا من هذه المعركة إحدى أولوياتها داخل حركة العولمة البديلة. سوف نردّ على العدوان المعولم بالدفاع المستميت عن الممتلكات العامة للبشرية، وبالأخص الصحة والتعليم والبيئة. سوف نبرهن بمقاومتنا ومقترحاتنا أنّ عالماً آخر ممكن، يبنى على احترام الحرّيات الفردية والجماعية، وعلى المساواة في الوصول إلى الحقوق الأساسية، وعلى النضال ضدّ جميع أشكال التمييز والعنصرية، وعلى الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة وعلى التضامن بين الشعوب. 

لمزيد من المعلومات انظر في الموقع

 http://www.france.attac.org/a2694

باريس، 2 حزيران 2004.

 

■ أتاك فرنسا