الشيخ ياسين يترجل.. وتستمر الانتفاضة
اغتيال المناضل الوطني الفلسطيني وأحد مؤسسي حماس وقائدها الشيخ أحمد ياسين، وبضوء أخضر أمريكي، لم يكن مفاجئاً لأحد. إنه يعكس تماماً نهج شارون المجرم في القضاء على المقاومة الفلسطينية عن طريق تصفية قادتها وكوادرها.
فالشهيد أحمد ياسين تعرض مرتين للاغتيال، ونجا منهما بإعجوبة، كما أن القوات الإسرائيلية اغتالت قبلاً قائداً آخر لحماس، وكذلك اغتالت القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام، فضلاً عن اغتيال قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى وعدد كبير من كوادر المقاومة الفلسطينية.
ردود الفعل على حادث الاغتيال
لقد جاء رد الفعل على اغتيال الشهيد أحمد ياسين مختلفاً ومتبايناً:
1. فلسطينياً: لقد أثار نهوضاً فلسطينياً شعبياً لا مثيل له، يذكرنا بالانتفاضة الفلسطينية الأولى ـ انتفاضة الحجارة ـ التي بدأت من تحت وتصاعدت إلى فوق حيث المنظمات والقيادات. فقد خرج عشرات الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني، رجالاً ونساء، في جميع المدن والمناطق الفلسطينية بشكل مسيرات ومظاهرات غاضبة على الجريمة الوحشية النكراء التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية وطالبت بالثأر, وتحولت المظاهرات إلى اشتباكات دامية بين قوات الاحتلال والجماهير الفلسطينية الثائرة ووقوع قتلى وجرحى.
وتوعدت أكثرية منظمات المقاومة برد سريع على هذا العمل الوحشي وتقاطعت مواقف فصائل المقاومة باتجاهاتها كافة عند ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتصعيد المقاومة ضد الاحتلال.
2. عربياً: عم الغضب الشعبي جميع البلدان العربية على الإجرام الإسرائيلي والدعم الأمريكي له. وإن لم يتحول هذا الغضب إلى مظاهرات عارمة تتناسب مع مستوى الحدث وخطورته.
أما الموقف الرسمي العربي، فلم يتعد نطاق الإدانة الكلامية، حفاظاً على ماء الوجه أمام الشعوب العربية، لأن الحكام العرب لا يتجرؤون على اتخاذ أي موقف عملي جاد وصلب تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر وحماته وراء المحيط.
3. دولياً:
■ الإدارة الأمريكية تنصلت بادئ الأمر من الجريمة على لسان مستشارة الأمن القومي الأمريكي كونداليزا رايس حين ادعت أن الإدارة الأمريكية لم تتلق أي إنذار مسبق بشأن عملية اغتيال قائد حماس ولكنها اعتبرت، كما اعتبر شارون، أن حماس منظمة «إرهابية» والشيخ ياسين حسب قولها، متورط شخصياً في عمليات إرهابية!!
■ أما دول الاتحاد الأوروبي، التي صنفت حماس سابقاً ضمن قائمة «المنظمات الإرهابية» أخذت موقفاً مراوغاً، إذ اعتبرت اغتيال قائد حماس انتهاكاً للقانون الدولي، وفي الوقت ذاته أشارت إلى أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها!!
■ وأما الحكومة الروسية فقد أحجمت عن التنديد بعملية اغتيال الشيخ ياسين واكتفت بالإعراب عن قلقها، ودعت الأطراف إلى «ضبط النفس»!
ما تمخض عنه الاغتيال
لقد أحدث اغتيال القوات الإسرائيلية للشيخ أحمد ياسين هزة عنيفة داخل الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية ومقاومته الباسلة، وفي العالم العربي، حتى أن بعض الأوساط الأمريكية انتقدت إدارة بوش وقالت إن موقفها سيهدد المصالح الأمريكية في المنطقة.
لقد أعطى الاغتيال مفعولاً عكسياً:
1. أثار نهوضاً شعبياً ووطنياً فلسطينياً أقوى من النهوض في انتفاضة الحجارة، إذ هب الشعب برمته ونزل إلى شوارع المدن الفلسطينية ومناطقها في مظاهرات غاضبة على المعتدين الإسرائيليين، وتوحد الشعب في جبهة واسعة، وشرعت بوادر انتفاضة من تحت لفوق تطل برأسها، أي أن الاغتيال لم يفت في عضد أبناء الشعب الفلسطيني ولم يوهن عزيمته بل بالعكس زاده حقداً وضراما ًعلى مغتصبي حقه.
2. إعادة لحمة التضامن والتلاحم بين قوى المقاومة الفلسطينية التي اعتبرت الشهيد الشيخ ياسين رمزاً للمقاومة الفلسطينية، وأعلنت أنها سترد على أعمال إسرائيل الإجرامية بما تستحق، وبما يتناسب وحجم الجريمة المرتكبة داخل فلسطين وخارجها.
3. التأكيد بأن المقاومة هي السبيل للصمود واسترداد الحقوق.
4. أضعف مواقع السلطة الفلسطينية بشكل كبير، وأفشل نهجها بالتخلي عن المقاومة المسلحة والاكتفاء بالطرق السياسية، بعد أن تبين أن شارون لا يريد مفاوضات ولا يود أن ينسحب من الأراضي الفلسطينية، وإنما يريد فقط سحق المقاومة الفلسطينية.
استنتاجات:
إن استرداد حقوق الشعب الفلسطيني لابد أن يمر عبر:
1. تقوية الوحدة الوطنية وتصليبها على أساس برنامج مشترك متفق عليه من قبل الجميع، تتحدد فيه بوضوح لا لبس فيه الأهداف التي يجب تحقيقها، والوسائل التي يجب استخدامها للوصول إلى الهدف المنشود.
2. التأكيد بأن المقاومة هي الأداة الأولى في النضال مع عدم إغفال الوسائل الأخرى، كما فعل الفيتناميون إذ جمعوا بين القتال والتفاوض.
3. تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستثني أحداً لتنفيذ البرنامج المقرر.
4. التحالف والتعاون مع الشعوب العربية وقواها الوطنية والإسلامية، لتكون للمقاومة الفلسطينية معيناً ودرعاً حامياً لها، كما أنها يجب أن تتحالف مع جميع قوى الحرية والسلام في العالم التي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية.
■ عادل الملا
الشهادة حياة.. والمساومة موت
تتقدم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين من الحركة الوطنية الإسلامية «حماس» وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية الباسلة، ومن الشعب الفلسطيني وجميع من آمن ويؤمن بخيار المقاومة الشاملة ضد الاحتلالين الصهيوني والأمريكي في فلسطين والعراق، بأصدق التعازي باستشهاد القائد المجاهد الشيخ أحمد ياسين.
هذا ليس وقتاً للحزن والاستنكار البروتوكولي المقيت، بل وقت الاستنفار الوطني العام لشعوبنا وقوانا الوطنية في كل مكان تحت شعار: «الشهادة حياة ونصر وتحرير، والمساومة موت وخيانة».
لن يكون مصير شارون وبوش وأمثالهما بأفضل من مصير هتلر.
عدونا سيتحطم، والنصر إلى جانبنا طال الزمن أم قصر.
دمشق في 22/3/2004
اللجنة الوطنية
لوحدة الشيوعيين السوريين