وجدي حيدر وجدي حيدر

قضايا فكرية الاشتراكية لا بد منها (1 من 2)

في اسبوع المدى الثقافي برز عنوان ملفت للانتباه» هل للاشتراكية مستقبل؟». وتحاور حوله شخصيات فكرية بارزة في المنطقة العربية، وقدموا آراء مختلفة وأجوبة متنوعة. وإذا بحثنا عن العوامل التي دفعت هؤلاء المفكرين إلى طرح هذا السؤال والإجابة عليه، فسنجد ثمة عاملاً رئيسياً خلق هذه الهزة الفكرية العارمة، أي انهيار الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية. مما يعني أن الفكر الماركسي في عقول الغالبية العظمى من المفكرين كان مرتبطاً بتلك التجربة، لأن أكثر من مليار إنسان الذين ما زالوا يعيشون في ظل الاشتراكية لم يمنع هؤلاء من طرح علمية أو عدم علميتها الاشتراكية على بساط البحث.

لا أريد محاورة أحد في هذا الموضوع، وإنما أود أن أقدم وجهة نظري إلى القارئ، حول المسائل الجوهرية المتعلقة بالفكر الاشتراكي، وبالاشتراكية كتصور لمجتمع إنساني و«هل الاشتراكية تحققت بفعل إرادة كسرت رأس التاريخ ؟»، «وحين وهنت الإرادة عاد التاريخ لينتقم من إرادة خرجت عن حركته».

إذا كان الأمر كما يقول الدكتور برقاوي. فهل إمبراطورية هولاكو التي قامت على أهرامات الجماجم البشرية كانت نتيجة إرادة كسرت رأس التاريخ، وعندما وهنت هذه الإرادة، انتقم التاريخ لنفسه ومزقت هذه الإمبراطورية التي سيطرت على أكثر من نصف أسيا، وكذلك الأمر بالنسبة للإمبراطورية العثمانية.. وغيرها. إن ما يحدث في التاريخ البشري لا يمكن أن يكون خارجاً عنه. فلولا الظروف الموضوعية الروسية والعالمية لما انتصرت ثورة أكتوبر، ولولا الظروف الموضوعية والمحلية للمنظومة الاشتراكية لما استمرت سبعين سنة. ومن ناحية أخرى، فإذا كانت مقولة الدكتور برقاوي صحيحة، يعني ذلك أن الاشتراكية في الصين أيضاً ستنهار قريباً. وإذا كان الدكتور برقاوي يرفض الرأسمالية فما هو الضروري أو الموضوعي بالنسبة له.

إن كل الفكر البشري بما في ذلك الأسطوري، هو علمي من حيث ظهوره في العقل البشري، واستمراريته يدل على الحاجة البشرية له، كما أن انتهاء تجسده في العمل الإنساني هو الآخر يدل على انتهاء الحاجة له ودخوله في تصنيف التاريخ العلمي.

الفكر الاشتراكي هو المولود الطبيعي من رحم النظام الرأسمالي الذي جسد فكراً برجوازياً علمياً في أركانه الأساسية، إلى جانب أنه تجسد في الواقع الاجتماعي البشري، ولهذا جاءت علمية الاشتراكية من علمية الرأسمالية، ولهذه العلاقة القانونية تميزت اشتراكية ماركس العلمية عن الاشتراكيات الطوباوية التي برزت ملامحها في النظام الإقطاعي الأوروبي. زد عل ذلك فالاشتراكية كفكر سيطر على عقول الملايين خلال القرن العشرين، فكيف بالإمكان لحلم أو وهم أن يسيطر على الملايين من خلال إرادة ذاتية لزعيم أو حزب؟!.

 

يتبع) 

آخر تعديل على الإثنين, 21 تشرين2/نوفمبر 2016 18:26