الأحزاب السياسية التونسية تتضامن مع المناضلة «نصراوي» «أضرب عن الطعام دفاعا عن كرامتي»

■ تونس في 15 تشرين الثاني 2003.

الأحزاب السياسية الموقعة أدناه، بعد أن أخذت علماً بتدهور الحالة الصحية للسيدة راضية نصراوي المضربة عن الطعام منذ 15 /تشرين  الأول/ 2003 احتجاجاً على الضغوطات والملاحقة والمضايقات التي تعاني منها في إطار ممارسة مهامها كمحامية تعتبر :

■ أنّ حالة السيدة نصراوي تعكس وضعاًُ عاماً تعيشه في تونس جميع المناضلات وجميع المناضلين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين والمناضلين الآخرين في الحركة الجماعية المستقلة.

■ ويدعون السلطات للردّ بصورةٍ إيجابية على مطالبها الشرعية، أي إيقاف الانتهاكات التي تتعرض لها وفتح تحقيق جدّي يطال جميع الشكاوى التي قدّمتها إلى المحكمة.

■ تعتبر السلطات مسؤولةً بصورةٍ تامة عن كل ما ينتج عن تدهور الحالة الصحية للسيدة نصراوي

الموقعون: 

● الحزب التقدمي الديموقراطي.

● المنتدى الديموقراطي للعمل والحريات.

● مؤتمر الجمهورية.

● حركة التجديد.

● حزب العمال الشيوعي التونسي.

لماذا أضرب عن الطعام:

  بقلم: راضية نصراوي

    الدفاع عن كرامتي كمحامية وكمواطنة تونسية: هذه هي أسباب الإضراب عن الطعام الذي باشرت به في 15 تشرين الأول الماضي.

  وبالفعل، فإنّ الضغط الذي يمارسه البوليس السياسي على زبائني كي يرهبوهم ويمنعوهم من اللجوء إلى خدماتي قد ازداد حدّةً في الأشهر الماضية، وكذلك هي الحال بالنسبة لمراقبة مكتبي، الذي نهب ثلاث مرات في أقل من عشرة أعوام. أثناء النهب الأخير، سرق المهاجمون، الذين ينتمون على الأرجح إلى أمن رئاسة الجمهورية، قطع الأثاث والحاسب وأجهزة الهاتف، وحتى ملفات الموكّلين وعلب الأرشيف. كان ذلك أشبه بانتقال كامل من مكانٍ إلى آخر. 

بل هناك ما هو أسوأ: إذ إنّ الشرطة التي تحاصر مكتبي تمنع أحياناً الزبائن من الوصول إليه. وفي 16 نيسان الماضي، حجب41 عنصر مخابرات مدخل المبنى الذي يوجد فيه مكتبي، حتى في وجه الأمين العام لمجلس النقابة. 

من جهة أخرى، فإنني أتعرض في سفراتي إلى الخارج للاستفزازات العديدة: تفتيش منهجي لحقيبتي، مصادرة كتبي ووثائقي. بل هناك ما هو أكثر خطورةً، فرجال الجمارك الذين يعملون تحت الإدارة المباشرة للشرطة السياسية، قد قاموا في الفترة الأخيرة بخطوةٍ جديدة: إذ حاولوا الاستيلاء على ملفات زبائني المقيمين في الخارج. 

كما أنّ خطي الهاتفي مراقب بصورةٍ مستمرة، ويقطع في كلّ مرةٍ يروق للشرطة أن تفعل ذلك. وأنا أخضع يومياً لانتهاكاتٍ خطيرة لحياتي الخاصة والمهنية. ومنذ أكثر من عام، لم تتردد الشرطة السياسية في منع أي اتصالٍ هاتفي من تونس مع ابنتي وأختي وخالتي اللواتي يقمن في فرنسا. 

كما تستمر السلطات في التجسس على بريدي والاستيلاء على الوثائق التي «تهمها» حتى لو كانت ذات طبيعة مهنية!

هل يتوجب عليّ التذكير بأنّ الرئيس بن علي لا يتوقف عن التبجح بأنّه قد رفع سرّية الاتصالات الهاتفية والبريدية إلى مستوى المبدأ الدستوري!

والشرطة السرية لا تتوقف عن مراقبة مسكني، بهدفٍ واضح، هو إرهاب بناتي وإخافة الأقارب والأصدقاء الذين لا يزالون يتجرؤون على زيارتي. وتكرر ابنتاي الكبريان دائماً بمزيجٍ من المرارة والحقد: «لقد سرق بن علي طفولتنا منا»!

في حين كانت السلطات تتخذ في الماضي البحث عن زوجي حما حمامي، الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، حين كان متخفياً، ذريعةً لتبرير هذه المراقبة، فإنّ تسليمه لنفسه ومحاكمته للمرة الألف ثم «إطلاق سراحه المشروط» في أيلول/2002 لم تخفف في شيءٍ من تواجد عناصر الشرطة السياسية في جوار مسكني. 

  بل على العكس، فقد تزايد عددهم منذ أن بدأت إضرابي عن الطعام للمطالبة، بين ما أطالب به، بتوقيف هذه المراقبة البوليسية. تذكيرٌ آخر: ففي منتصف التسعينات، أحرقت هذه الشرطة نفسها في رابعة النهار باب الشقة التي كنت أسكن فيها مع بناتي، في الوقت الذي كان زوجي في السجن.

  تنقلاتي في تونس مراقبة بصرامة. ولا تتردد الشرطة في استدعاء الأشخاص الذين أتصل بهم أو يدعونني إلى منازلهم، والتحقيق معهم. وكما لو أنّ كلّ ذلك لا يكفي، فقد اعتدت عليّ الشرطة السياسية جسدياً في 13 تموز. وقد تقدمت بشكوى، ولم تأمر المحكمة بعد بإجراء تحقيق.

  للحقيقة، فإنّها ليست أول شكوى أتقدم بها وتبقى دون متابعة: فمنذ العام 1992، كان هناك 6 شكاوى على الأقل، لانتهاكاتٍ وجرائم مختلفة تعرّضت لها. تتمتع الشرطة السياسية بمناعةٍ كاملة ضد العقاب في كنف دكتاتوريةٍ تنكر على المواطنين جميع أشكال الحرّية والحقوق.

  حصارٌ مهني، حصارٌ عائلي، حصار اجتماعي: هذا هو وضعي باختصار. الهدف واضح: إرغامي على الصمت، وجعلي شريكاً للتعذيب وللانتهاكات المنهجية لحقوق الأفراد. إنّ بن علي هو المسؤول عن هذا الوضع. هو الذي يحمل، سياسياً وشخصياً، مسؤولية الضغوطات والملاحقة والاعتداءات التي أتعرض لها، فكلّ الناس في تونس يعلمون بأنّ الوزراء والمسؤولين الأمنيين والقضاء لا يعملون إلاّ وفق تعليماته. 

  إنني مصممة على الذهاب إلى النهاية في إضرابي هذا عن الطعام. مطالبي واضحة ومحددة. أريد للملاحقة البوليسية أن تنتهي؛ أن تعطى الأوامر اللازمة لإجراء تحقيقات جدّية، على أساس الشكاوى التي تقدّمت بها؛ أن تتوقف مراقبة بريدي والتنصت على هاتفي وقطع الخط؛ أن تعاد لي الكتب والوثائق التي جرى الاستيلاء عليها؛ أن توضع نهاية للضغوطات الممارسة على أفراد عائلتي وخاصةً أن لا يهدد حقهم في العمل. باختصار، أن تحترم كرامتي كمحامية ومواطنة. 

  أنا لست معنية وحدي بهذه المعركة. جميع المناضلات وجميع المناضلين في بلدي يعانون من المصير نفسه. الانتظار؟ إلى متى؟

  إنني واعية للنتائج الخطيرة للإضراب عن الطعام، لكن ألم يصبح مثل هذا الإضراب في تونس وسيلة نضال أساسية يلجأ إليها، في غياب أيّة إمكانية احتجاجٍ جماعي، العاملون المسرّحون والعاطلون عن العمل والطلاب المحرومون من التسجيل... والمدافعون عن حقوق الإنسان؟ العار لمن لا يتركون للمواطنين سوى حريةٍ وحيدة: حرية الموت. 

  للتوقيع على العريضة المكرّسة للتضامن مع راضية نصراوي:

■ الرابط:

 

http://www.aloufok.net/article.php3?id_article=731