القادة الذين أسقطوا بلادهم
* الحلقة الرابعة
نعتقد أن الهدف من تهريب الأموال الصعبة للخارج هو إفراغ خزينة الدولة السوفييتية من الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة والاحتياطي من الذهب والأحجار الكريمة، في وخلال ما يسمى «بالبيروسترويكا» تم إيقاف أكثر من 50% من المؤسسات والمشاريع الحكومية وخاصة الإنتاجية منها ومنها مشاريع الصناعات الدوائية ومشاريع إنتاج السلع الغذائية الضرورية بحجة «التجديد» ـ والتجديد لم يحدث أصلاً ـ وبالنتيجة تقلص إنتاج السلع الضرورية والرئيسية وبدأت تظهر شحتها في المخازن الحكومية كخطوة أولى، وبعد فترة اختفت هذه السلع تقريباً من المخازن الحكومية، وبدأ يظهر نشاط «الاقتصاد اللصوصي» أي اقتصاد السوق السوداء للوجود وبشكل شبه علني وبدأت تظهر عملية المضاربات بقوت الشعب وخاصة السلع الغذائية الدوائية، مما أدى إلى فوضى سياسية وأزمة اقتصادية ــ اجتماعية داخل المجتمع السوفييتي، وظهر نظام البطاقات التموينية (استخدم هذا النظام في خلال فترة الحرب العادلة التي خاضها الشعب السوفييتي ضد الفاشية الألمانية) وبدأ يظهر التذمر والسخط والاستياء الشعبي على قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي الحاكمة (وهذا هو بيت القصيد).
وفي خلال الفترة 1989 ـ 1991، كانت معاناة الشعب السوفييتي كارثية ومأساوية حقاً، إذ لم يعان الشعب السوفييتي من مثل هذه المآسي حتى في ظل حربه العادلة ضد الفاشية الألمانية، وفي خلال الفترة المظلمة أي «البيروسترويكا» بدأت الأموال وبشكل غير شرعي وغير قانوني تتراكم لدى قادة «البيروسترويكا» من البرجوازية الحزبية والبرجوازية الإدارية والطفيلية والمافيا، وبدأت تظهر وبشكل ملموس الفوارق الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع السوفييتي التي لم تكن مألوفة سابقاً وبالتالي يمكن القول، لقد حقق قادة «البيروسترويكا» سيئة الصيت ما لم يستطع تحقيقه هتلر في حربه غير العادلة ضد الشعب السوفييتي والسلطة السوفييتية.
نعتقد، أن نهج ما يسمى بالبيروسترويكا، لم يكن وليد صدفة، بل هو كان سيناريو مخططاً ومرسوماً بدقة وتم التعاون والتنسيق بين الأطراف المخططة والمنفذة لهذا السيناريو وهم: غورباتشوف وفريقه، (الطابور الخامس) في الحزب الحاكم والسلطة التنفيذية والتشريعية، والمؤسسات المالية الاقتصادية الدولية والمخابرات الغربية وخاصة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والماسونية والصهيونية والرجعية العالمية، إنها فعلاً مؤامرة دولية كبرى، وتحالف دولي لعبت كل من واشنطن ولندن وبون وباريس دوراً هاماً في هذا التحالف، ومن أهم أهداف هذا التحالف الدولي هو:
ـ القضاء على النظام الاشتراكي كنظام سياسي واقتصادي ـ اجتماعي قائم.
ـ القضاء على الاتحاد السوفييتي كدولة عظمى سياسية واقتصادية وعسكرية.
ـ القضاء على الحركة الشيوعية العالمية من خلال إضعاف ثم تفتيت الأحزاب الشيوعية على الصعيد العالمي والإقليمي وعلى صعيد كل حزب شيوعي.
ومما يؤسف له، أن ما حدث في الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي (الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية سابقاً) يؤكد ما ذكر أعلاه، إنه «انتصار» مؤقت لا يمكن أن سيتمر طويلاً، فالبشرية التقدمية ترفض الرأسمالية كنظام يكرس العبودية والحروب غير العادلة، والاستغلال والقهر والتخلف، والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية المتمثلة بالبطالة والجوع والفقر وتفشي الجريمة والمخدرات والتلوث الاجتماعي...،
لقد نفذ ميخائيل غورباتشوف وفريقه أحد أهم أهداف هذا السيناريو المتمثل في اختفاء الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي، وهو يواصل وينسق عمله اليوم (كأي «مشرد ومتسول» سياسي) مع الدوائر الإمبريالية ومؤسساتها المالية والاقتصادية ومع الصهيونية والماسونية العالمية لإضعاف ثم تفكيك وتخريب الأحزاب الشيوعية سواء في الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا لشرقية سابقاً أو الأحزاب الشيوعية في البلدان الرأسمالية والبلدان النامية.
* يتبع