قيل في «الأزمة» الناشبة في اليمن...

تحت عنوان «السعودية في حرب اليمن والرقص مع الثعابين» نشرت السفير اللبنانية مقالة للكاتب فواز طرابلسي جاء فيها:

«مهما يكن من أمر، فإن مجرد وجود قوات سعودية على الأراضي اليمنية يثير حفيظة جمهور واسع من اليمنيين يملك حساسية خاصة تجاه الجارة النفطية لأسباب متعددة.
مطلع ردود الأفعال البيان الصادر عن «اللقاء المشترك» لأحزاب المعارضة الإسلاميةـ القوميةـ اليسارية الذي يتهم الحكومة بالتفريط في السيادة الوطنية في حرب صعدة.
وطالما أن الأمر يتعلق بالسيادة على الحدود، لا يزال العديد من اليمنيين يتذكّر أن علي عبد الله صالح تجرّأ على ما لم يتجرّأ أي حاكم يمني قبله عليه، بمن فيهم أئمة آل حميد الدين.... تنازل رسمياً للسعودية عن أراض يمنية احتلتها المملكة عام 1934 في عسير ونجران ويام توازي مساحتها مساحة الجمهورية العربية السورية.
أما صالح، ففي استدعائه التدخل العسكري السعودي، بلغ ذروة اللعب على التناقضات والخلائط المتفجرة الداخلية منها والإقليمية والدولية.

في ظل دعم وتأييد من الإدارة الأمريكية، يواجهه نزاعان أهليان يبلغان حد العنف في المحافظات الشمالية الغربية والجنوبية وتعارضه معارضة متعددة الانتماءات الفكرية والسياسية ذات قاعدة شعبية لا يستهان بها على مستوى البلد برمته.
في مواجهة ذلك، لا يكتفي الحكم في صنعاء بالقمع بواسطة الجيش والأمن، بل يزج قبائل في وجه قبائل وعناصر مذهبية ومناطقية للتصدي لأخرى في شمال البلاد وجنوبيها ويلوّح للإدارة الأمريكية والسعودية بخطر تنظيم «القاعدة» لضمان استمرار شرعيته الخارجية، علماً أنه هو من استدعى العناصر الجهادية بالآلاف واستعان بها في الحرب ضد الجنوب في العام 1994 وضد خصومه ومنافسيه السياسيين في سائر البلاد.

على الصعيد الخارجي، لم ينجح صالح في تقديم إثبات مقنع عن تدخل إيراني إلى جانب الحوثيين، اللهم إلا الإيحاء بالقربى المذهبية بينهم وبين الجمهورية الإسلامية, ومع ذلك، فإن صحّ اتهامه يكن كل ما أنجزه هو استدعاء «النفوذ الإيراني» والعسكري منه خصوصاً، إلى حدود السعودية!
بات وضع علي عبد الله صالح وعهده أشبه بمن يرقص بين الثعابين، على حد تعبير أحد الصحافيين اليمنيين... والجديد أنه لم يعد واضحاً ما الذي سوف يمنعها من أن تلدغه جميعها دفعة واحدة..»!

 
وتحت عنوان «السعودية وحرب صعدة» كتب عبد الباري عطوان رئيس صحيفة «القدس العربي»:
«يتواصل صدور بيانات التضامن مع الحكومة السعودية (وليس مع اليمن) في حربها ضد «المعتدين» الحوثيين من قبل معظم الدول العربية، بما في ذلك السلطة الفلسطينية في رام الله، ولكن هذه البيانات لن يكون لها إلا تأثير معنوي شكلي، لأن أزمة السعودية أعمق بكثير مما يتصوره حلفاؤها العرب، بمن في ذلك وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الذين طار بعضهم إلى الدوحة لبحث هذه الأزمة وتداعياتها».
ويتابع «ربما لا نبالغ إذا قلنا إن الحرب الدائرة حالياً بين الحوثيين اليمنيين والقوات السعودية في جنوب المملكة أخطر كثيراً من أزمة اجتياح القوات العراقية للكويت صيف عام 1990، ومن الحرب اليمنية السعودية التي اندلعت بعد ثورة عبد الله السلال عام 1962 وأطاحت بالحكم الإمامي في صنعاء، وفتحت الباب على مصراعيه لدخول القوات المصرية في مواجهة مع نظيرتها السعودية».
ويرى الكاتب أن «ما يميز هذه الحرب هو أنها حرب طائفية أولاً، وسياسية ثانياً، واجتماعية ثالثاً، ومرشحة لأن تتحول بسرعة إلى حرب إقليمية تدخل فيها أطراف عديدة تحت عناوين مختلفة، يظل البعد الطائفي أبرزها، فالتصريحات التي أدلى بها منوشهر متقي وزير الخارجية الإيراني وقال فيها «ننصح بشدة دول المنطقة، والدول المجاورة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، لأن من يختارون صب الزيت على لهب الصراع سيحترقون بنيرانه»، هذه التصريحات التي هي بمثابة تحذير شديد اللهجة للحكومة السعودية ليست إلا مؤشراً على بدء مرحلة استقطاب طائفي وإقليمي ربما تغير شكل المنطقة وخريطتها السياسية، وتهدد استقرارها».
ويذكر عطوان «أن الحدود السعودية اليمنية تمتد لأكثر من 1500 كيلومتر، أما الحدود اليمنية على البحر الأحمر الممتدة من عدن إلى صعدة فتصل إلى حوالي 400 كيلومتر ومعظم هذه الحدود غير مسيطر عليها بسبب ضعف إمكانيات الحكومة اليمنية، مما يجعل عمليات التهريب للاسلحة والبشر ميسّرة للغاية، خاصة عبر سواحل البحر الأحمر وعلينا أن نتذكر أن اريتريا التي يقال إنها باتت قاعدة لتهريب أسلحة إلى الحوثيين استطاعت احتلال جزر حنيش اليمنية قبل عشر سنوات بقاربين مسلحين فقط، بسبب ضعف سلاح البحرية اليمني».

وقبل أن يختم يقول: «نخلص إلى القول إن السعودية وقعت في مصيدة طائفية وعسكرية على درجة كبيرة من الخطورة، أو أثارت على نفسها (عش دبابير) طائفياً قد يصعب الفكاك من لسعاته القاتلة، رغم التفوق الكبير في ميزان القوى لصالحها, وعلينا أن نتذكر أن القوة العسكرية الأمريكية الجبارة أطاحت بنظامي صدام وطالبان، ولكنها تترنح في حرب الميليشيات التي انفجرت بعد ذلك»..!!