ترجمة قاسيون ترجمة قاسيون

مرة أخرى.. وداعاً للدولار..!

قال محلّلون بانّ وضع الدولار، بوصفه عملةً احتياطيةً عالميةً رائدة، يواجه ضغطاً متزايداً لأنّ الأزمة الاقتصادية سمحت بظهور تأثيرٍ أكبر للاقتصادات على الصعيد العالمي.

زعم تقريرٌ أصدرته مؤخراً صحيفة «ذي إندبندنت» أنّ استعداد الصين وروسيا ودول الخليج، من بين دول أخرى، للتخلي عن الدولار في تجارة النفط يضاعف الشكوك التي تحيط بمستقبل العملة الأمريكية.
قال كيت جاكس، وهو محللٌ في مجموعة تبادلات العملة ECU إنّ «الدولار الأمريكي يتأذّى بالحديث المتواصل عن الابتعاد عن عالمٍ يتمحور عليه».
أضاف جاكس أنّ «ثلاثة استنتاجاتٍ تبدو جليةً. أولاً، تواصل ابتعاد السلطة الاقتصادية عن اقتصادات مجموعة السبعة. ثانياً، هنالك قبولٌ متنامٍ بين هؤلاء الرابحين أنّ عاقبة انتقال هذه السلطة سيعزز قوة بلدانها. وأخيراً، طالما أنّ الاقتصاد الأمريكي ليس قوياً بما يكفي لأي ارتفاعٍ في أسعار الفائدة، يكون معقولاً لوقتٍ طويل، فسيتواصل الانخفاض الأساسي للدولار».

ذكرت «ذي إندبندنت» تحت عنوانٍ رئيسي، «فناء الدولار»، في صدر صفحتها الأولى أنّ دول الخليج والصين وروسيا واليابان وفرنسا تفكّر في استبدال الدولار كعملةٍ في صفقات النفط (راجع ترجمة قاسيون للموضوع في العدد 423 تاريخ 10 تشرين الأول 2009).

كتب روبرت فيسك، مراسل الإندبندنت في الشرق الأوسط: «في التغيير الأكثر عمقاً من تاريخ الشرق الأوسط الحديث، يخطط عرب الخليج- سويةً مع الصين وروسيا واليابان وفرنسا- لإنهاء تسعير مبادلاتهم النفطية بالدولار». كما أضاف فيسك، مقتبساً من مصادر مصرفية صينية وخليجية، أنّهم سينتقلون بدل ذلك «إلى سلة عملات تتضمن الين الياباني واليوان الصيني واليورو والذهب وعملة موحدة جديدة مصممة لبلدان مجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية وأبو ظبي والكويت وقطر».

تبرّأ حشدٌ من البلدان من التقرير، بما فيها الكويت وقطر وروسيا، في حين أهملته فرنسا بوصفه «مجرد تخمين».

رغم ذلك، دعت الولايات المتحدة نفسها إلى عملة احتياطيات عالمية جديدة تنهي سيادة الدولار، التي سمحت للولايات المتحدة «بامتياز» مراكمة عجزٍ تجاري هائل. قال نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية شا زو كانغ إنّ «التقدم الهام على صعيد إدارة انعدام التناسبات يمكن تحقيقه من خلال الحد من «امتياز» عملة دولة واحدة (الدولار) لتحريك العجوزات الخارجية من أجل تقديم سيولةٍ دولية.

كان زو كانغ يتحدّث في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والنقد الدولي، الذي حذّر رئيسه روبرت زويليك مؤخراً من أنّه ينبغي على الولايات المتحدة ألاّ «تعتبر بديهياً» دور الدولار بوصفه عملة احتياطيات عالمية دائمة.
في هذه الأثناء، وفي قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في بيتسبرغ الشهر الماضي، أزاح زعماء العالم الستار عن رؤيةٍ جديدةٍ للحكم الاقتصادي، تتضمن خططاً جريئةً لإصلاح الاختلال العالمي ومنح مزيدٍ من النفوذ لعمالقةٍ صاعدين مثل الصين والهند.
بعد القمة، كرّر تيموثي غيثنر وزير الخزينة الأمريكي التزام واشنطن بدولار قوي. لكن رئيس المالية أخذ يراقب إن كان المتعاملون سيستغلون تقرير الصحيفة البريطانية كفرصةٍ لدفع عملة الولايات المتحدة المعسرة لمزيدٍ من الانخفاض.
أخبر محلل الأسواق العالمية ديفيد موريسون وكالة الأنباء الفرنسية أنّ التقرير «ساعد في حشد أذهان المتعاملين والمستثمرين معاً، ومنحهم ذريعةً أخرى لتعريض الدولار لمزيدٍ من الانخفاض».
وأضاف أنّه «على الرغم مما قاله الاحتياطي الفيدرالي والمصارف المركزية الأخرى، فالدولار الأضعف هو المرغوب، لأنه ضروري لإعادة التوازن للاقتصاد العالم». وقال أيضاً: «طالما بقي التدهور منتظماً ومعتدلاً، فهم سعداء. لكنّ بيعاً حاداً سيرعب الأسواق».
وافق أنتجي بريفك، محلل العملات في كوميرس بنك على أنّ ردّ فعل السوق كان ذا معنىً لأنّه أظهر أن الدولار كان على مسارٍ منحدر».
قال بريفك: «تمّ التبرّؤ من المقالة المشكوك فيها في الإندبندنت بطبيعة الحال».
وتابع: «مع ذلك، فهي دراسةٌ مثيرةً لعوامل نفسيةٍ تقوم بالضغط على الدولار حالياً. حتى لو ظهر أنّ نظريات المؤامرة هي مجرد هراء، لكنّ الدولار سيكون بعد ذلك قادراً على استعادة بعض خسائره فحسب»..!