«البيرو» على قائمة انتظار التحولات اليسارية
بانتظار الانتخابات المرتقبة في نيسان وأيار المقبلين، تمثل البيرو رد الفعل الأكثر إرباكاً في أمريكا اللاتينية بالنسبة لواشنطن ولاسيما بعد انتصار ايفو مورالس في بوليفيا والاشتراكية ميشيل باشليه في تشيلي، واستمرارية عمل محور كوبا كاسترو-فنزويلا شافيز-البرازيل دا سيلفا في القارة الفقيرة التي طالما اعتبرتها الولايات المتحدة حديقة خلفية لها وحسب.
أولانتا هومالا، 43 عاماً، أحد أبرز مرشحي الرئاسة في بيرو هو مقدم متقاعد حصل سابقاً في استطلاعات الرأي على 12% فقط ولكن هذه النسبة ارتفعت مباشرة بعد فوز موراليس في بوليفيا إلى 22% وصولاً إلى أكثر من 28%، مقابل 25% لمنافسته مرشحة يمين الوسط للحزب الحاكم، لورديس نانو فلورس.
ولتأكيد توجهاته وميوله سافر هومالا أوائل الشهر الماضي إلى كاركاس والتقى هناك كلاً من شافيز ومورالس. وبدأت الصحافة في بيرو بتسميتهم "ترويكا الانديز". وفي الاجتماع، قام شافيز بالإطراء على هومالا وقارنه بآخر قائد عسكري وطني في البيرو، الجنرال خوان فيلاسكو، الذي حكم بين 1968 و1975. وقامت الحكومة الحالية في بيرو أخيرا باستدعاء سفيرها من كاركاس للاحتجاج على ما وصفته تدخل الرئيس الفنزويلي في الشؤون الداخلية لبيرو.
وفي كل الأحوال ما زال أمام هومالا طريق طويل إلى الرئاسة إذ ينبغي عليه أولاً أن يفوز في المرتبة الأولى أو الثانية في انتخابات 9 نيسان؛ ومن ثم يفوز في الانتخابات التكميلية في 7 أيار. وفي الوقت نفسه، فان تاريخه السياسي وتاريخ عائلته هما سلاح ثنائي الحد بحسب طريقة توظيفهما من قبل الأنصار والخصوم، فقد قاد هومالا انتفاضة محدودة ضد رئيس بيرو الذي يعيش الآن في المنفى البيرتو فوجيموري عام 2000، قبل انهيار حكومته. كما أن أخاه الأصغر يقبع الآن في السجن بانتظار المحاكمة لقيامه بانتفاضة قبل عام في مدينة انديان.
وبينما سجل أخوه الأكبر، اوليسيز، اسمه رسمياً للتنافس على منصب رئيس الجمهورية تحت يافطة أنه "الوطني الحقيقي" في العائلة، يرفض الضابط السابق هومالا نموذج الليبرالية الجديدة مؤكداً عزمه على مراجعة العقود الموقعة مع الشركات الأجنبية في بلاده. وقال إن "الناس يريدون تغييرا، سئموا السياسات والحكام الذين يعدون بأي شيء كل خمس سنوات". وهو يرى ان "الأحزاب السياسية اليمينية التقليدية أشبه بناد تتخذ فيه القرارات في المنزل بين ثلاثة أو أربعة أشخاص نافذين". وتابع ان "البعض يلقبنا بمناصري السكان المحليين فيما يعتبر آخرون أننا غير مسؤولين ممن ينتظرون مجيء مخلص، لكن الواقع أن أمريكا اللاتينية سئمت الوجوه نفسها وباتت تؤيد التغيير مع شافيز ومع موراليس، واعتقد أننا نجد حاليا التغيير مع أولانتا".
وأوضح هومالا الذي يلقى شعبية كبيرة في المناطق الريفية من بيرو "لا أؤمن بالنموذج الاقتصادي الليبرالي الجديد الذي يقضى على مفهوم التضامن ويكون الفرد فيه فوق المصلحة العامة". ويعتزم هولاما في حال انتخابه تعزيز دور السلطة المركزية، معتبرا ان "دولة بيرو، إن كانت موجودة، فهي دولة فاسدة وضعيفة".
ويشدد المرشح الذي يردد على الدوم انه ليس لديه برنامج، على ان "العديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي قدمت الى بيرو في عهد فوجيموري وفالنتين بانياغوا (رئيس بالوكالة عام 2001) ووقعت عقودا لاستغلال المناجم والموارد الأخرى (..) لا تدفع ضرائب".
ويلفت الى انه بالرغم من الارتفاع الكبير في اسعار المحروقات من نفط وغاز التي تصدرها بيرو، فان مداخيل البلاد بقيت على مستواها ويقول معلقا على مطالبته إعادة النظر في العقود الموقعة "كيف لا نعيد النظر في فضيحة كهذه في حين أنها لا تدر أرباحاً على البيروفيين الذين يملكون الغاز". وأضاف ان "الحجة لتوقيع العقود كانت في تلك الفترة وجود المحاولات التخريبية". ويعتزم هومالا تعديل الدستور والقوانين الخاصة بالمناجم لإرغام الشركات الأجنبية على دفع ضرائب قوية.
ويرى بعض المراقبين أنه إذا كان هومالا يشعر انه قريب من شافيز وموراليس، الا انه يلزم الحذر في مواقفه حيال كل من تشيلي والولايات المتحدة ويقول إن علاقات بلاده مع الأخيرة "يجب ان تكون افضل مما هي عليه ولكن ضمن الاحترام المتبادل"، مؤكداً أن "وعود الليبرالية الجديدة التي قطعت منذ زمن بعيد لم تنفذ وأن الشعب يتولى بنفسه بالتالي تحقيق العدالة".