توازن سلطات الدولة الأمريكية في مهب الريح
بالنظر إلى الصورة الكبرى تبدو رئاسة بوش الامبريالية تعمل بشكل جيد جداً لصالح كل الأطراف، فدعونا نفكر في الأمر: جميع أعضاء الكونغرس لا يحتاجون حقيقة للقيام بمهامهم بعد اليوم، فما دام الرئيس قادرا على شن الحرب كما يحلو له ويعامل «الأعداء» كما يراه مناسبا ويتجسس على الأمريكيين أيضاً كما يشاء، لذلك فإن ممثلينا لديهم وقت أطول للقيام بالمهمة التي أصبح الكثيرون منهم لا يصلحون إلا لها وهي: ممارسة لعبة الغولف مجاناً في سكوتلانديارد.
أما الآن بعد أن حرر ديك تشيني الكونغرس من القلق بشأن تقديم النصيحة و ربما الموافقة يستطيع المشرعون العمل لابتكار سبل لتحويل النظام إلى لعبة وابتلاع ثقافة الفساد التي يبنيها الحزب الجمهوري في الوقت الذي نتذمر فيه من انحطاط القيم الأمريكية.
وبما أن الكونغرس الجمهوري في كابيتول هيل ليس لديه ما يقلقه حول وضع البيت الأبيض بقيادة بوش قيد المحاسبة على الإفراط في التعذيب والتجسس والطرق العديدة الأخرى التي وضعت فيها الإدارة نفسها فوق القانون، أصبح لدى أعضاء الكونغرس المزيد من وقت للاسترخاء والترفيه لدى الحفلات التي تقيمها الشركات الضالعة في الفساد.
فنظام توازن سلطات الدولة الثلاث أصبح في مهب الريح مثل اتفاقات جنيف، وأصبح الكونغرس مطواعا بوضع أصبعه في كفة السلطة التنفيذية.
ذكرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها أن جورج دبليو بوش استغل الابتكار الجديد الذي بدأ العمل به قبل سنوات من صمويل اليتو بالاعتماد على امتيازات السلطة التنفيذية، فعندما كان محامياً صغيراً في وزارة العدل في عهد إدارة ريغان ابتكر أليتو استراتيجية تعطي الرئيس الإعلان عن المعنى الذي تحمله القوانين عندما يقوم بالتوقيع على تلك القوانين، وكان اليتو يريد من المحاكم أن تركز على تفسير الرئيس للقوانين بقدر ما تركز على ما يسميه «المغزى من القانون».
وقد اصدر جورج دبليو بوش ما لا يقل عن «108» تصريحات تفسيرية للقوانين، وقالت الصحيفة إن تلك التصريحات ترفض نصوص القوانين التي يعتبرها البيت الأبيض بأنها تتعلق بسلطات السلطة التنفيذية - البيت الأبيض في شخص الرئيس بخصوص الأمن القومي وسياسة المخابرات وسلطة تطبيق القوانين.
وبما أن الرئاسة الإمبريالية تدار من نائب الرئيس ديك تشيني، لذلك فان جورج دبليو بوش لديه الكثير من وقت الفراغ ليمارس الأشياء التي يجب عملها، وبما انه مضطر للمكوث مع زوجته وحماته في مزرعة كروفورد لذلك أمضى إجازة عيد الميلاد يقود دراجة هوائية فغادر المزرعة لزيارة قصيرة لمركز بروك الطبي العسكري في سان انطونيو حيث أبدى مرة أخرى افتقاره للتعاطف مع الذين فقدوا أطرافهم في الحرب في أفغانستان والعراق عندما قال كما تشاهدون أنا نفسي مصاب بجرح ليس هنا في المستشفى وإنما في القتال مع شجرة أرز ولكنني انتصرت عليها في نهاية المطاف وقد تسببت شجرة الأرز بجرح بسيط، وفي الواقع العقيد الذي سألته، ما إذا كنت بحاجة إلى إسعاف أولي عندما رآني لأول مرة تمكنت من تجنب أية عمليات رئيسية هنا ولكن الحمد الله على صبر العقيد.
كما استعمل بوش المناسبة للدفاع عن برنامج نكسون للتجسس الذي جعل حتى جون اشكروفت ونائبه جميس كومي يذوبان خجلا ومثلي قالت صحيفة نيويورك تايمز اضطر اندي كارد والبيرتو غونزاليس للقيام برحلة طارئة لرؤية اشكروفت المتردد على المشفى من أجل المصادقة على البرنامج لأن كومي فتح فمه وفضح الموضوع وقيل له أنت تعرف بأنك في ورطة عندما يكون اشكروفت قلقا بشأن تجاوز الحدود المسموح بها.
■ مورين دود/ موقع ايكاوس