الحل اليمني.. والترابط سورياً
خارطة طريق، مبادرات، دعوات وتوصيات، أوراق لجان العمل المشتركة، هي الأدوات التي تم إنتاجها وإعادة تدويرها على طول مراحل الأزمة اليمنية، وجميعها تدور حول القرار الدولي «2216»، الذي وضع الخطوط العامة لحل الأزمة اليمنية، فما الذي يقف حاجزاً حتى اليوم، قبل الوصول إلى اتفاق ناجز ينهي معاناة اليمنيين؟
قبل أسابيع، جاء كيري بـ«مبادرة لحل الأزمة اليمنية». هذه المبادرة لم تصدر كورقة معلنة، إنما كـ«تسريبات» تدور حول القرار الدولي 2216. وقد جاء ذلك بعد مباحثات شملت المجموعة الدولية المعنية بحل الأزمة اليمنية، والتي تضم إلى جانب الولايات المتحدة كلاً من بريطانيا ودول «مجلس التعاون الخليجي». لكن ما جرى بعدها على الأرض، يوحي بأن منطق المبادرات الأمريكية أو السعودية، حتى الآن، له وظيفة أخرى غير حل الأزمة. وما يؤكد هذا القول هو دعوة «الرباعية الدولية»، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات في 16/تشرين الأول إلى هدنة، والتي تم تطبيقها فعلاً لثلاثة أيام شهدت خروقات بالجملة، وما أن انتهت حتى عادت حمّامات الدم في الشوارع اليمنية مجدداً، وما تزال حتى الآن.
إذاً ما المطلوب أمريكياً من تكرار المبادرات دون الوصول إلى نتائج حقيقية على الأرض؟ هل فعلاً تقف واشنطن عاجزة عن لجم الاندفاع السعودي في اليمن وإجباره على الرضوخ للحلول السياسية؟ أم أنها وحلفاءها عاجزون عن إنهاء الأزمة اليمنية؟
هذا الافتراض الأخير حول قدرة واشنطن وحدها على إنهاء الأزمة اليمنية هو الذي يدفعها عملياً إلى إظهار نشاط منقطع النظير حيال الملف اليمني، تفادياً لضغوط دولية، أولها من الأمم المتحدة التي «تؤنب» السعودية، ليلاً نهاراً «إنسانياً»، وليس آخرها خصوم واشنطن الدوليين المرابطين أمامها عند كل مفصل، في خضم هذا الصراع الدولي، وهم عملياً الأهم.
بمعنى آخر، فإن واشنطن إذ تحاول المماطلة والمشاغلة الاستراتيجية فإنها تحاول أيضاً الإبقاء على صورة الباحث عن حلول للأزمة اليمنية، وهو ما يفسر إلى حد ما الكم الهائل من المبادرات واللقاءات التشاورية التي تشارك فيها واشنطن حيال الملف اليمني. ولكن المخاوف اليوم أصبحت أكثر جدية بالنسبة لواشنطن، التي تستحسن تسجيل الحل اليمني باسمها، من فقدان جزء من الهيمنة على تفاصيل هذا الحل، عبر الدخول الروسي الجزئي على خط الحل، من خلال لقاءات متكررة مع وفود يمنية ومع البعثة الدولية إلى اليمن.
وفي إشارة إلى التفاف واشنطن على الحل السياسي للأزمة اليمنية، يقول وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: إن واشنطن و«التحالف» السعودي ليست لديهما الجدية لإنهاء معاناة اليمنيين، مضيفاً أنه ما من نوايا جادة نحو إنهاء حرب اليمن وإنهاء معاناة اليمنيين وإنجاز مصالحة وطنية.
فهل تحتمل الأزمة اليمنية، منطق ربط الملفات أمريكياً كما يبدو واضحاً في الملفين السوري واليمني؟ أم أن تغيراً وارداً تدفع إليه موازين القوى الإقليمية، والأوضاع المتردية داخلياً في اليمن سينحو بالمعادلات خارج الحسبة الأمريكية؟