هل تم تنفيذ تفجيرات الأردن  بأحزمة ناسفة وانتحاريين؟

يا ترى ما طبيعة هذه الأحزمة التي تدمر السقوف وتترك الجدران دون أدنى ضرر. حتى الطاولة الخشبية لم تتأثر! ألا تلاحظ أن ضغط الانفجار جاء من الأعلى إلى الأسفل.

إذا كانت الصور في الأعلى تم التقاطها من فندق الراديسون، فهي تشير إلى أن الانفجارات كانت أكثر من انفجار واحد، وفي أماكن متفرقة. أمّا إذا كانت الصورة الأولى أخذت من فندق الراديسون، والثانية من فندق جراند حياة، فهي دليل على أن طريقة التفجير كانت واحدة في كلا الفندقين، وبنفس النوع من الأحزمة الناسفة التي تدمر السقوف، دون أن تضر بالجدران والطاولات المحيطة بها!

أمّا الانفجار الذي استهدف فندق الـ ديز إن (Days Inn)، فلم يوفق صاحبه في الوصول إلى هدفه واضطر إلى تفجير سيارته «الخاصة» خارج الفندق. نلاحظ في الصورة التالية أن طبيعة هذا الانفجار تختلف عن الانفجارات التي حصلت في الفندقين الآخرين، «فالحزام الناسف» هنا لم تذهب قوته إلى الأعلى!

يقول السيد مروان المعشر، نائب رئيس وزراء الأردن، في آخر بياناته عن العملية، إن الهجمات كانت بأحزمة ناسفة، قام بها عراقيون استقلوا سيارات أجرة من مكان إقامتهم إلى الفنادق المستهدفة. هل يبدو لك أن الانفجار الظاهر في الصورة في الأعلى تم تنفيذه بحزام ناسف؟ إن قلت لا، فإنك لن تكون الوحيد من ينفي أن يكون هذا الانفجار ناجم عن حزام ناسف. فالسيد المعشر بنفسه قد صرح في أول بياناته أن هذا الهجوم نجم عن انفجار سيارة مفخخة. وجاء هذا التصريح للسيد المعشر قبل أن يزعم الزرقاوي أنه المسؤول عن الهجوم.

اقتباس: قال المعشر إن الهجوم الثالث على فندق الـ ديز إن (Days Inn) حصل بعد أن اقتربت سيارة مليئة بالمتفجرات نحو الفندق. «الاسوشييتد برس، 10 تشرين الثاني 2005 »

طبعا، الحزام الناسف لا يحتاج إلى سيارة لتفجيره. بالعكس، انفجار الحزام الناسف داخل السيارة يقلل من تأثيره الخارجي. إذا كان «الانتحاري» يريد تفجير حزام ناسف، لأوقف سيارته في موقف السيارات، أو مكان بعيد، أو لم يأت بها نهائياً كما فعل زملاؤه «الانتحاريون» في الفنادق الأخرى.

والآن دعنا نرى ما قاله شهود العيان لمراسل صحيفة القدس العربي.

اقتباس: وفي فندق الـ ديز إن في ضاحية الرابية كان يتواجد وفد أندونيسي في إطار مباحثات ذات طابع تجاري ومن الواضح أن الانتحاري كان يقود سيارة خاصة فجر نفسه بداخلها بعد أن فشل فيما يبدو في دخول المكان بسبب وجود حاجز أمني قرب بوابة الفندق الذي يحظي بحراسات خاصة دائماً وغالبية القتلى هنا كانوا من الأجانب مع بعض العمال المحليين ويتردد أن دورية الحراسة الأمنية لاحظت وجود السيارة وهي تلتف بالمكان ولفتت أنظارها، وكان لذلك دور في منع الانتحاري من الدخول واضطراره لتفجير نفسه خلال مشاهدته لبعض رجال الشرطة وهم يتوجهون إليه حسب الإفادات. (القدس العربي، 11 نوفمبر 2005)

على ضوء الاقتباس في الأعلى، فقد كانت السيارة واقفة، وكانت تتحين الفرصة للوصول إلى مبنى الفندق، أو كما اعتقد من شاهدها. هل قال الاقتباس إنها سيارة خاصة؟ هذا يناقض الرواية الأردنية الرسمية والتي تقول إن العراقيين «الإرهابيين» ذهبوا بسيارات تاكسي إلى الفنادق!

تجدر الإشارة هنا إلى أن الكلام الذي قرأناه في الاقتباس السابق قاله شهود عيان لمراسل صحيفة القدس العربي. وشهود العيان هؤلاء هم شهود العيان أنفسهم الذين يدلون بشهاداتهم للجهات الأمنية الرسمية. وشهود العيان كما هو معروف هم الأفراد الذين يتصادف وجودهم مع الحدث في المكان والزمان ذاتهما. فلو رأى هؤلاء الناس سيارة أجرة، لأخبروا مراسل الصحيفة عنها. ولكنهم شاهدوا سيارة خاصة. تقف بالقرب من بوابة الفندق. واستنتجوا أن صاحبها كان يتحين الفرصة لاقتحام البوابة.

طبقا للاقتباس السابق فإن صاحب السيارة فجر نفسه داخل سيارته عندما شاهد دورية الحراسة تتوجه إليه. وفعل ذلك قبل أن تصل إليه الدورية، ولكن في طريقها إليه. قبل أن نأخذ بهذه الفرضية، لابد أن نسأل: ما عسى أن تفعل له الدورية؟ سيبادره رجال الدورية بالسؤال: ماذا تفعل هنا؟ سيجيب: أنتظر زميل لي داخل الفندق. الدورية: الانتظار في هذا المكان ممنوع، لو سمحت حرك سيارتك من هنا. عندها يستطيع أن يحركها باتجاه الفندق ويحاول اقتحام البوابة بالقوة. حتى لو فشلت محاولته في الوصول إلى المبنى، فالانفجار بالتأكيد سيحدث خسائر أكبر، لكونه اقترب من المبنى أكثر. ولكنه لم يفعل ذلك، بل فجرها حتى قبل أن تصل الدورية إليه! إذن السيناريو القائل بوجود السائق داخل السيارة ساعة انفجارها يبقى ضعيفا جدا، ونسبة حدوثه تكاد تكون معدومة.

الاحتمال الوارد هو أن السيارة لم يكن بها أحد على الإطلاق. والانفجار حصل في وقت الليل، وبسبب الظلام لم يلاحظ المارة عدم وجود السائق. أوقفها صاحبها أمام بوابة الفندق وذهب يراقبها من مكان بعيد، في انتظار خروج حافلة سياحية أو ما شابه ذلك من الفندق. عندها يقوم بتفجير السيارة بطريقة التحكم عن بعد، ساعة خروج الحافلة من البوابة واقترابها من السيارة المفخخة. وعندما شاهد دورية الحراسة تقترب من السيارة اضطر إلى تفجيرها.

من الواضح أن التفجيرات التي استهدفت فندق جراند حياة وفندق الراديسون تمت بواسطة قنابل وضعت في سقف الفندق. وتؤكد ذلك الصور والتقارير الأولية التي بثتها وكالة رويترز للأنباء نقلاً عن مصادر في الشرطة الأردنية. وقد فشل مدبري الهجمات في إيجاد من يوصل القنابل إلى سقف فندق الـ ديز إن، واضطروا لاستخدام سيارة مفخخة، كما صرح المعشر في أول بياناته، يتم تفجيرها عن بعد (ريموت كنترول) ساعة خروج حافلة سياحية من الفندق. ويرجح أيضا استخدام الريموت كنترول في تفجير القنابل في الفنادق الأخرى، مما يعني أن مدبري الهجمات كانوا متواجدين في الفنادق أو بالقرب منها ساعة وقوع الانفجارات.

وتبقى "الإرهابية" أم عمير هي الوحيدة التي كانت تلبس حزام ناسف. وعلى شاشة التلفاز فقط.

 

 ■ علي محمد البابا