مسيرة تشيني.. سلسلة من الكوارث

بدأ ظهور ديك تشيني كعالم سياسي يسير تحت إبط دونالد رامسفيلد كعضو في الكونغرس. وكان رامسفيلد يصوت على الدوام ضد البرامج المخصصة للفقراء، وعليه ليس من المستغرب أن يعينه ريتشارد نيكسون ليرأس مكتب الفرصة الاقتصادية وهي وكالة مخصصة لمكافحة الفقر، وقد سارع رامسفيلد لتعيين تشيني نائبا له، وعمل الاثنان معا على وأد ذلك البرنامج.

عندما أصبح رامسفيلد كبير موظفي البيت الأبيض في عهد جيرالد فورد سارع مرة أخرى لتعيين تشيني نائبا له وعمل الاثنان على وأد سياسة الانفراج الدولي التي تمثلت بالعلاقة الجديدة الهشة بين واشنطن وموسكو، وآمن الرجلان بالحرب الباردة التي بدأت تذوب في الثمانينيات وحاولا إعادتها من جديد.

وبوصفه وزيراً للدفاع لدى جورج بوش الأب حاول تشيني الإبقاء على التوترات قائمة، كان العنف على مستوى العالم أجمع في حالة تراجع من الفلبين إلى أمريكا اللاتينية مروراً بجنوب أفريقيا وايرلندا والشرق الأوسط.

عندما سقط جدار برلين في 1989 سارع تشيني بعدها بشهر واحد إلى شن حرب غير شرعية ضد بنما، واشرف غورباتشوف على «التفكيك السلمي» للاتحاد السوفييتي، ولكن تشيني حذر بوش الأب ودعاه لعدم الثقة به.

وعندما انتفت الحاجة لوجود آلة عسكرية ضخمة، قفز تشيني لركوب موجة مقاومة صدام حسين بعد غزوه الكويت، الآن وبقدرة قادر تحول صدام من حليف سابق إلى هتلر، واختار تشيني العنف على الدبلوماسية.

كل ما كان يهم تشيني هو النفط الذي جعله غنيا، وعندما تم ضرب برجي التجارة الدولية في نيويورك نصح تشيني رئيسه المهزوز جورج بوش الابن بالفرار واستأثر بالسلطة ولو لفترة قصيرة.

لجنة التحقيق في أحداث أيلول وجدت أن تشيني أخبر بوش أن تهديداً محدداً استهدف طائرة الرئاسة مما دفع بوش لقضاء يوم مختبئاً في ملجأ تابع للقوات الجوية في نبراسكا، وغني عن القول انه لم يكن هناك تهديد محدد، وخلال فترة غياب الرئيس تسلم تشيني زمام السلطة وشكل الرد الأمريكي (الرسمي) على الأزمة، ولم تكن هناك أي مكالمة تليفونية من الرئيس لنائبه لتولي السلطات، وامتنعت لجنة التحقيق عن جعل هذا الموضوع قضية، علماً بأن الذي حصل عملياً هو أن تشيني اغتصب السلطة ولم تمنح له بالتفويض.

تشيني مولع بالحروب من كل نوع، فلقد حول الحرب ضد الفقر إلى حرب ضد الفقراء، وساعد في إبقاء الحرب الباردة لمدة أطول‚ وعندما انتهت أخيرا رفض تشيني تصديق ذلك وكان يبحث باستمرار عن أسباب وذرائع للإبقاء على آلة الحرب الأمريكية الضخمة واستخدامها متى حانت الفرصة، ولو عن طريق لي عنق الحقيقة. (فهل) سيشكل العراق الحلقة الأخيرة من سلسلة الكوارث التي زخرت بها حياة تشيني المهنية؟

 

■ جيمس كارول/ بتصرف