تظاهرات الاحتجاج لاحقت عجرفته من أمريكا اللاتينية حتى عقر داره بوش: ليس من السهل استقبالي!!

بعد قمة الأمريكيتين في ماردي لابلاتا بالأرجنتين واستقبال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش بالتظاهرات في شوارعها احتجاجا على سياسة إدارته الاقتصادية والخارجية وحربه على العراق، لم يقصر البرازيليون في استقباله بالطريقة ذاتها، مرددين شعارات تصفه بالفاشي والإرهابي الحقيقي، مما اضطر رئيس الدولة التي تتشدق بملاحقة الإرهاب إلى الدخول متسللا من الباب الخلفي للمقر الرئاسي البرازيلي.

 

وجاءت زيارة بوش إلى البرازيل بعد ساعات من الفشل الذريع الذي مني به المشروع الأمريكي لإقامة منطقة تجارة حرة في القارتين الأمريكتين في قمة الأرجنتين مؤخراً حيث أخفق زعماء دول الأمريكتين في صياغة بيان ختامي بعد فشلهم في حل خلافات رئيسية بشأن كيفية إقامة تلك المنطقة باقتراح من واشنطن منذ عام 1994.

 وكانت الولايات المتحدة والمكسيك تأملان بتحديد نيسان المقبل موعداً لدفع محادثات التجارة قدما وهي خطوة عارضتها الارجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروجواي.

وأعلن وزير الخارجية الأرجنتيني رافاييل بيلسا التوقيع على نص ملحق للإعلان المشترك يعكس الخلافات حول منطقة تبادل حر تغطي كافة دول القارة الأمريكية. وهو مشروع كانت الولايات المتحدة قد اقترحته عام 1994.

بين مطرقة التظاهرات

وسندان العزل اللاتيني

ولم يواجه ذاك المشروع الأمريكي معارضة فنزويلا فحسب بل أيضا معارضة دول تعد حليفة لواشنطن مثل البرازيل والأرجنتين، حيث تتحفظ هذه الدول على الانضمام إلى هذا المشروع مشددة على غياب التزامات كافية من الولايات المتحدة بشأن فتح الأسواق الزراعية. وبلغت حساسية هذا الموضوع أنه تعذر التوصل إلى اتفاق بشأنه بين وزراء خارجية الدول الأربع والثلاثين المشاركة في القمة والمكلفين صياغة الإعلان الختامي.

في سياق متصل شدد الرئيس الأرجنتيني نيستور كيرشنر الذي أرادت حكومته إدراج موضوع الفقر كأحد المسائل الرئيسية على جدول أعمال القمة، شدد على ضرورة أن يتحمل صندوق النقد الدولي مسؤولياته في فشل "السياسات المشؤومة" التي أدت إلى إغراق عدد كبير من دول أميركا اللاتينية في الديون.

وبعد ان ندد بـ"اتفاق واشنطن" حول المبدأ الليبرالي الذي تبنته بعض الدول الأمريكية الجنوبية ومن بينها الأرجنتين في التسعينيات، انتقد كيرشنر بشدة "فشل هذه النظريات" السياسية وأقر بان بلاده قد تبنتها ولكنه دعا المؤسسات المالية الدولية الى "تحمل مسؤولياتها". وقد سجلت أمريكا اللاتينية العام الماضي نموا قياسيا بلغ 5.5% تقريباً من دون أن تتمكن من تخفيف حدة الفقر الذي يطال 220 مليونا من اصل 512 مليونا هم عدد سكان هذه المنطقة، وذلك بسبب تلك السياسات.

من الممكن بناء أمريكا أخرى

وإزاء ذلك احتشد ممثلون ومبعوثون عن ما يزيد على 6000 حركة ومنظمة اجتماعية من أمريكا الجنوبية والمعارضة لسياسة الهيمنة الأمريكية لبحث ونقاش مختلف الفعاليات التابعة للقمة الثالثة للشعوب الأمريكية والمنعقدة أيضاً في نفس المدينة التي استضافت القمة الرسمية. 

وانعقدت قمة الشعوب الثالثة أو القمة المضادة تحت شعار «من الممكن بناء أمريكا أخرى» في إشارة إلى الأمريكيتين معاً بمشاركة العديد من الشخصيات البارزة منهم الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، ورئيس البرلمان الكوبي ريكاردو ألاركون، و الفائز بجائزة نوبل الأرجنتيني أدولفو بيريز إسكيفال، ونجم الكرة السابق دييغو مارادونا والمغني الكوبي الملتزم سيلفيو رودريغز.

مارادونا: بوش حثالة البشرية

وعلى الرغم من المطر والسيول احتشد عشرات الألوف في شوارع مار ديل بلاتا للتعبير عن عدم ترحيبهم بزيارة بوش، الذي اعترف عند وصوله: «من غير السهل استقبالي».

التظاهرات التي شهدت أعمال شغب ومصادمات بين المتظاهرين ورجال الشرطة نجم عنها توقيف عشرات المتظاهرين، ولكنها تواصلت لتختتم في استاد المدينة الذي احتضن ما يزيد عن الأربعين ألفا يتقدمهم مارادونا، الذي قال: "بالنسبة لي أنا فخور كأرجنتيني بأن أكون قادرا على التبرأ من الحثالة البشرية المدعوة بوش..لهذا أريد كل الأرجنتينيين أن يفهموا أني هنا من أجل الكرامة.."

شافيز من فنزويلا إلى أمريكا اللاتينية..

بدوره هدد الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الذي كان حاضرا إلى جانب مارادونا بأنه في حال فكرت الولايات المتحدة بإجتياح بلاده فستبدأ حرب المئة عام، معلناً في الوقت ذاته عن عزمه "دفن" منطقة التبادل الحر في القارة الأمريكية.

وقبيل القمة أعلن شافيز أن بلاده سترفع راية النظام الاشتراكي للثورة البوليفارية في قمة الدول الأمريكية وذلك للرد على من يحاولون إعادة إحياء «الألكا» البديل الذي تطرحه الولايات المتحدة الأمريكية رمز الإمبريالية والاستعمار والطغيان. وأكد شافيز في تصريحات صحفية أن شعوب القارة الأمريكية تقوم بدفن الألكا وهي الأحرف الأولى التي ترمز لمعاهدة التجارة الحرة بين دول الأمريكيتين. 

كما وأبرز أهمية اتحاد جميع العمال في دول أمريكا اللاتينية للنضال من أجل بناء كيان واحد يجمع كل أبناء المنطقة.

وفي حوار أجراه معه مشاركون في المؤتمر الأمريكي اللاتيني الأول للشركات التي تمت خصخصتها، والذي عقد في العاصمة الفنزويلية كاراكاس أكد شافيز أن الدول في المنطقة تدخل عصراً جديداً، لأنها تعيش لحظات حاسمة في تاريخها حيث لن يستطيع أحد هزيمة الشعوب المتحدة.

والعصر الجديد حسب شافيز بدأ بـ«الألبا»، وهو مشروع تعاون وتكامل بين دول أمريكا اللاتينية طرحته كوبا وفنزويلا في رد على المشروع الأمريكي، وهو تحرك يكتسب حياة و تطوراً مع الأيام بما يؤكد على أن الشعوب اللاتينية بعد ما يزيد على 200 سنة من النضال، تمتلك الآن وعياً أكبر للواقع وتعمل بإصرار على تحويل أحلام مناضلي الحرية اللاتينيين لحقيقة وواقع معاش.

تظاهرات المدن الأمريكية

تطالب بطرد بوش من السلطة

ولم يكن حال بوش في الأرجنتين بأفضل مما كان عليه في واشنطن، حيث ترزح إدارته تحت وطأة الفضائح الأخيرة المتعلقة بكشف هوية عميلة للاستخبارات، حيث شهدت الولايات المتحدة تظاهرات عدة شارك فيها آلاف الأمريكيين للمطالبة برحيل بوش في مناسبة الذكرى الأولى لإعادة انتخابه. وجرت التظاهرات وسط مراقبة مشددة من الشرطة في سان فرانسيسكو ولوس انجليس ونيويورك وشيكاغو بدعوة وجهها تحالف معارضين أطلق على نفسه اسم "العالم لا يمكنه الانتظار، اطردوا حكومة بوش".