مصر: من يحسم الصراع السياسي؟
يستطيع المراقب لتتابع الأحداث في مصر أن يرى حجم التغير في قواعد اللعبة السياسية المصرية، فالانتخابات الرئاسية القادمة عام 2011 والتي تتطلب وجود نسبة معينة من المؤيدين من مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية سواء للمرشح الحزبي أو المستقل على حد سواء وهو التعديل الذي جعل المراقبين يتوقعون تنازل الحزب الحاكم مرغما عن عدد من المقاعد للمعارضة والمستقلين لإتاحة الفرصة لأي منهم للمنافسة على مقعد الرئاسة حتى يكتمل الديكور الديمقراطي، وهنا يرى المراقبون أن الحزب ربما يتعمد اختيار عناصر ضعيفة في بعض الدوائر لإتاحة الفرصة للمعارضة أو المستقلين لاقتناص عدد من المقاعد.
كما أن عوامل أخرى ستتدخل بشكل حاسم لإجبار الحزب الوطني على تسمية اسم بديل تحت أي شكل للرئيس الحالي ربما يكون نائب رئيس جمهورية أو غيره مع عدم استبعاد الغمز واللمز حول ابن الرئيس وتهيئة الأجواء له لتصدر المشهد السياسي في مصر وهو ما بدأت بوادره في الآونة الأخيرة مع المؤتمر العام للحزب الحاكم والترتيب لانتخابات مجلس الشعب وسيطرة لجنة السياسات ورجال ابن الرئيس على مقاليد الأمور داخل الحزب وتهميش دور الحرس القديم.
الأهم هو تلك الطريقة التي آثر أن يدخل بها الحزب الحاكم المعركة الانتخابية والمتمثلة في مسرحية المجمع الانتخابي بهدف تضييق مساحة الحركة على أمناء المحافظات وربما قيادات من الحرس القديم التي انتشرت حولهم الشائعات في بيع المقاعد لمن يدفع أكثر عبر اختيارهم على قوائم الحزب وهو ما عرف بأصحاب «حقائب المال» وترك الملف بأكمله لرئاسة الجمهورية ومن خلفها أمانة السياسات واقتصار دور الحزب والمجمع الانتخابي على تقديم »تقييم» للمرشحين وهناك تكهنات حول مدي التزام تلك الجهات بالالتزام بتقييمات المجمع الانتخابي والاستناد فقط إلى ما ستجمعه من معلومات حول المرشحين ومدى شعبيتهم في الشارع ونزاهتهم وهو الأمر الذي يعطي أمانة السياسات اليد العليا في اختيار العناصر التي ستمثل الحزب في مجلس الشعب القادم نظرا لمحورية هذا الأمر في اختيار المرشح الرئاسي القادم واعتبارهم رجال المرحلة الرفيعة التي ستمر بها مصر في السنوات القادمة وربما في الشهور القادمة.
كما ويأتي في هذا السياق تأثير الخارج وتسليط الميديا الإعلامية الضوء على الانتخابات البرلمانية القادمة وربما سماح الدولة هذه المرة لجهات مراقبة محلية ودولية لمراقبة سير ونزاهة العملية الانتخابية لاسيما أن مساحة التزوير وألاعيبه المختلفة سوف تتقلص إلي حد كبير لاعتبارات تخص «الكوتة» التي سيتنازل عنها الحزب للمعارضة والمستقلين ولن يضيره كثيرا سقوط بعض مرشحيه كما أن الاحتقان في الشارع المصري سيدفع النظام إلي التخلي عن أساليبه القديمة في التزوير والتدخل الأمني السافر في العملية الانتخابية إضافة إلى إصرار الجهاز القضائي على النزاهة والحيدة وهي أمور تتعلق جميعها بدرجة أهمية الانتخابات الرئاسية التي كانت مسألة حياة أو موت بالنسبة للنظام وهو الأمر الذي يختلف إلى حد ما مع الانتخابات البرلمانية فالأمر لا يتعلق هذه المرة بالرئيس.