اقرأوا.. واحبسوا أنفاسكم..!
تسبح ثعابين المياه السامة مع الفئران في المياه المتعفنة في الطابق الأول الذي غطته المياه، بل أن البعض يقول انه شاهد تمساحا يقدر طوله بحوالي 12 قدما يجوب المياه في المنطقة الواقعة أمام المدخل الرئيسي للمبنى الذي كان مشفى قبل إعصار كاترينا.
يقول كارل وورنر، المهندس المسؤول بالمشفى الواقع في شرق نيو اورليانز، أكثر المناطق المتأثرة بالدمار الذي سببه الإعصار، إن ما يحدث لا يمكن ان يوصف سوى انه كارثة. كانت هناك جثث طافية فوق المياه خارج المبنى وتعين على بعض أفراد طاقم المشفى، الذين تمكنوا من الوصول إلى المبنى، السباحة بغرض الحصول على وقود لتشغيل المولد الكهربائي.
كان ممكنا إخلاء المرضى والعاملين في المشفى قبل الإعصار، ولكن بدلا عن ذلك ظلوا بالمشفى على مدى عدة أيام يعانون موجة من الخوف والفزع بسبب الإخفاق في اتخاذ القرارات الصائبة بواسطة الجهات المسؤولة في لويزيانا، بالإضافة إلى عجز وكالة إدارة الطوارئ مما أسفر عن وفاة بعض المرضى.
وعندما وصلت مساعدات طوارئ من مالكي المشفى من خارج الولاية لدرء بعض آثار الكارثة، صودرت هذه الإمدادات في المطار بواسطة وكالة إدارة الطوارئ وأرسلت إلى جهة أخرى.
كان من المقرر إخلاء المشفى من المرضى والطاقم العامل بها فور اتضاح أن مدينة نيو اورليانز باتت عرضة لإعصار من الدرجة الرابعة او الخامسة. يقول الطبيب جيفري كوكو، المسؤول عن طاقم المشفى، ان عدد المرضى كان 137، وان شركة تسمى «لايفغارد» كان من المفترض ان تخلي كل هؤلاء. ولكن بات من الواضح ان الجهات المعنية باتخاذ هذه الخطوة أحجمت عن إخلاء المشفى من دون توجيهات من الجهات الرسمية. وعندما أصدر عمدة نيو اورليانز، راي ناغين، أمرا إجباريا بالإخلاء جرى استثناء المستشفيات. وطبقا لتوضحيات الدكتور فريد سيرايس، وزير الصحة والمستشفيات المحلية بولاية لويزيانا، فقد كان بوسع المسؤولين اتخاذ القرار بالإخلاء بأنفسهم، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث.
بعض المرضى كان في حاجة إلى بخاخات تخفيف نوبات الربو، وكان آخرون في حاجة إلى عملية غسيل الكلى على نحو منتظم، فيما كان البعض في انتظار عمليات جراحية عاجلة. عندما هب الإعصار دمر جزءا من سقف المستشفى وعددا من النوافذ، كما ألحق أضرارا كبيرة بأجزاء أخرى من مباني المشفى التي ضربتها أمطار غزيرة أيضا. انقطع التيار الكهربائي تماما ليل الاثنين وغمرت المياه يوم الثلاثاء الطابق الأول لدى انهيار حواجز الحماية من الفيضانات. وبمنتصف الأسبوع بات الوضع أكثر سوءا عندما بات المرضى والأطباء وطاقم التمريض والموظفون وعدد من الذين كانوا يبحثون عن مأوى في حالة انقطاع كامل عن بقية العالم، فباتوا حبيسي مشفى شبه مدمر في مدينة أمريكية رئيسية. وقام الموظفون الذين يحملون الكشافات بعمل بطولي في بيئة تنتشر بها الروائح الكريهة ودرجات حرارة تصل إلى 110 درجة فهرنهايت. ولم تكن المصاعد تعمل، فاضطروا إلى حمل مرضى يصل وزن البعض منهم إلى 400 رطل في الظلام عبر السلالم. وعندما توقفت أجهزة التهوية عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي، عمل المتطوعون ورديات لتشغيل المضخات اليدوية لإبقاء المرضى على قيد الحياة. وبالرغم من ذلك، وطبقا للدكتور البرت باروكاس، المسؤول الطبي الأول، فإن انهيار حالة المرضى كان ملموسا ومنتشرا على نطاق واسع. وأضاف: «إن حالتهم الصحية كانت تتدهور بحيث أصبحوا ضعفاء. وكان يمكنك رؤية مشاعر الخوف على وجوهم».
وبحلول مساء الثلاثاء، كان أربعة مرضى قد ماتوا، ومات العشرات عندما تم إخلاء المشفى يوم الجمعة.
وعندما تعتبر ان ما حدث في ذلك المشفى كان جزءا صغيرا من كارثة نيو اورليانز، يمكنك تخيل حجم الفشل المجتمعي الذي سمحنا بوقوعه.
لماذا لا نقول من باب السخرية إذن: مرحبا بكم في الولايات المتحدة 2005
■ بوب هيربرت