كيف تدخل أموال النفط إلى جيوبهم!؟

منذ 26 سنة مضت عندما ارتفعت أسعار النفط، وقفزت أرباح شركاته بالتالي، تم إرسال صحفيين من كل الصحف في أمريكا (بمن فيهم كاتب هذا المقال) إلى محطات الوقود لجمع معلومات وأخبار من سائقي السيارات الغاضبين. وكان ينظر إلى شركة بيغ أويل على أنها عدو رقم واحد للجميع، وحتى أن الكونغرس الأمريكي عقد جلسات لتوبيخ مسؤولي الصناعة النفطية، وقامت الوكالات ومختلف الأجهزة الأمريكية بمن فيها منظمة العمل الأمريكية بعمليات التحري والتقصي بشأن الأسعار. كما قامت بعض المؤسسات الصحفية باستئجار طائرات مروحية للطواف عبثاً فوق المياه بحثا عن علامات على وجود حاويات نفط طافية خارج الشاطئ بانتظار ارتفاع الأسعار أكثر.

حالياً وفي الشهور الأخيرة، قفزت أرباح شركات النفط مرة أخرى وارتفعت أسعار النفط الخام الدولية إلى مستويات قياسية جديدة، غير أن ردة الفعل العامة كانت مكبوتة أكثر. وقد يكون هذا ما شجع الكونغرس الأمريكي على امتلاك الجرأة لمنح الشركات حسب تقديرات مختلفة اقتطاعات ضريبية تراوحت بين 1.4 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار في مشروع قانون الطاقة الجديد، بدلا من التحقيق معها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أليس من الخطأ أن تجني شركات النفط أرباحاً طائلة وتحقق غنى فاحشا على حساب إتعاس الاقتصاد والمستهلك الأمريكي؟

ليس هناك من شك في أن استنزاف جيب الأمريكي العادي يشكل طموحاً ورغبة لدى شركات النفط الكبرى. ولننظر فقط إلى البيانات المالية الصادرة في نهاية تموز الماضي والتي تظهر أن أرباح الربع الثاني من هذا العام لشركة إكسون موبيل قفزت بنسبة 35 % عن الربع الثاني لعام 2004 وصولاً إلى 7.64 مليار دولار في حين قالت شركة (بريتش بتروليوم/ بي بي) النفطية البريطانية، ثاني أكبر شركة نفطية في العالم، إن دخلها الصافي ازداد بنسبة 29 % ليصل إلى 5.59 مليار دولار. أما شركة رويال داتش شل الهولندية فقد ارتفعت أرباح الربع الثاني بنسبة 34 % وصولاً إلى 5.24 مليار دولار . وأوردت شركة كونوكوفيليبس، ثالث أكبر شركة نفطية أمريكية، ارتفاعا كبيرا في أرباحها بنسبة 51 % يصل إلى 3.14 مليار دولار.

فما الذي يكمن وراء هذه الأرقام؟ حين ترتفع أسعار النفط، يصبح لدى الشركات النفطية، التي لديها عقود طويلة الأجل أو تمتلك احتياطيات نفطية، حظوظ غير مرتقبة ومكاسب كبيرة مفاجئة. ولكنها في كل الأحوال كانت قد استثمرت حقول النفط تلك وطورتها عندما كانت أسعار النفط تتراوح ما بين 10دولارات إلى 25 دولارا للبرميل فقط، وفجأة تقفز الأسعار.. وتغرق الشركات في الأرباح.

ووصلت أسعار خام نفط بحر الشمال (برنت) إلى 51.63 دولار للبرميل الواحد في الربع الثاني من هذا العام، أي أعلى بنسبة 46 % عن متوسط سعر البرميل نفسه قبل سنة خلت، وذلك وفقا لما قالته شركة (بي بي) البريطانية للمستثمرين العام الماضي. وفي الولايات المتحدة، وصلت أسعار النفط الخام إلى حوالي خمسة أمثال مستويات أسعار عام 1998 ، وهذا وفقا لإحصائيات وزارة الطاقة الأمريكية.

ولتتصوروا حضراتكم حجم وضخامة شركة مثل إكسون موبيل التي وصل حجم مبيعاتها في الربع الثاني من هذا العام 88.6 مليار دولار، وهو دخل يفوق إجمالي الناتج المحلي لأكثر من 18 بلدا تقريباً، وأكبر قليلا من مبيعات شركة وال - مارت الأمريكية التي تمتلك وتدير سلسلة متاجر وأسواق مركزية حول العالم.

ووصلت الأرباح الفصلية لشركة إكسون موبيل إلى قرابة 50 % أعلى من أرباح مجموعة (سيتي غروب) المالية الأمريكية وأعلى مرتين ونصف من أرباح شركة (مايكروسوفت) الشهيرة التي تعمل في مجال الحاسوب!!!؟

■ ستيفين موفسون

نائب رئيس تحرير صحيفة واشنطن بوست،

 

رئيس دائرة قياس الرأي العام واستشراف المستقبل