من قتل الشهيد هادي المهدي: الطالباني... المالكي...الساعدي... الشلاه، أم من يتاجر باسمه اليوم؟
قام عنصر من جهاز أمن نوري السعيد الثاني وقبل ثلاثة أيام من تنفيذ عملية اغتيال الشهيد هادي المهدي برفع كاميرات لمنظمة مجتمع مدني مواجهة لبيته، وهو الذي كان قد أعتقل يوم 25 شباط 2011 وتعرض للإهانة والتعذيب، وعقد بعد الإفراج عنه هو وزملاؤه مؤتمراً صحفياً فضح فيه وبشجاعة الأساليب والممارسات القذرة التي مورست بحقهم، علماً بأن المهدي من كوادر حزب الدعوة الذين عادوا إلى العراق بعد سقوط النظام الفاشي واحتلال العراق في 9 نيسان 2003، وقد اختلف مع حزبه منذ البداية وتحول إلى شخصية إعلامية مستقلة مناهضة للاحتلال والنظام الطائفي الأثني الفاسد، كما لعب دوراً محورياً في قيادة الحراك الجماهيري في ساحة التحرير.
لقد أعلن الشهيد هادي المهدي وعلى رؤوس الأشهاد بأن من سيقتله هم الطالباني– المالكي وأبنه أحمد– الساعدي– الشلاه (وإنني هنا أود أن أسجل ملاحظة مهمة وحساسة لمعرفتي بعقلية من أتكلم عنهم وبجرأة ووضوح: إنني أحمل مسؤولية أي اعتداء أتعرض له أو أي خطر يتهدد حياتي بأي شكل كان على عاتق هؤلاء الذين ذكرتهم بالأسماء.. وماقلته هنا هي حقائق ناصعة وأنا مستعد أن أمثل أمام القضاء للمحاسبة عليها لو كذبوا مقاصدي). وكان الشهيد اعتبر تنازلات حكومة نوري السعيد الثاني انتصاراً للحراك الجماهيري الشعبي، أما اتهام الحكومة المتظاهرين بأنهم عصابات «بعثية» إهانة للشعب العراقي وهو عار على الحكومة وأزلامها من الذين تحولوا بين ليلة وضحاها من قومجيين إلى إسلامويين: (هذا أول مقال لي بعد اعتقالي والاعتداء علي بشكل وحشي ماجرى قربان للعراق وشيء أقل من القليل ماقدمناه من أجل عراق أفضل وحكومة أفضل وحياة حرة كريمة وما نلنا العقاب عليه هو أقل ما يمكن أن نقدمه لعراق المواطن، عراق يكون فيه المواطن مكرماً والمسؤول خادماً ووضع حد لنخب وحيتان السياسة من نهب العراق وإهانة شعب العراق.. لا أملك أن أقول فعلت الكثير أمام الأب البصري الذي قتل وحيده على يد قوات المالكي في البصرة، ولا أملك إلا أن أنحني لأسرة الطفل الذي قتلته عصابات جلال الطالباني في السليمانية.. نعم ما حققناه أننا دفعنا المالكي وليومين أن يقف ويقول كلمتنا وشعاراتنا ومطالبنا المشروعة بدولة عادلة لا نهب ولافساد ولا مزورين ولا نخب يتحكمون بها وهاهو بقدرة التظاهرات والتضحيات أرغم على أن يقدم مشروع المئة يوم وهو مشروع نفتخر به ونعتبره جزءاً صغيراً من مطالبنا ولكن تبقى عبرة وغصة. أليس ما يصرح به المالكي الآن كان هو شعار تظاهرات العراقيين فكيف وصفهم بالبعثيين وهو الآن يعد بتحقيق مطالبهم ويعدها مشروعة؟ وإن كنت أجزم أنها ستبقى وعوداً وحبراً على ورق ومورفيناً لتخدير التظاهرات والغضب العراقي على جحيم الوضع الإنساني والاقتصادي المزري الذي نعيشه).
كما فضح الشهيد بكلمات واضحة، لا لبس فيها، الخطاب السياسي المتاجر بالدين:
(تبقى مسألة أخرى أود أن أتساءل عنها وأنا ببالغ الشك والريبة فيها.. قضية جرحتني أكثر من اختطافي وتعذيبي وإرهابي بمنهجية:- أسألكم يا خبراء السياسة ويا إعلاميي العراق ويا قائمة دولة القانون ويا موظفي رئاسة الوزراء ويا مكتب حزب الدعوة بكل فروعه وتفريعاته: ترى هل كان السيد نوري المالكي يأكل ويشرب ويستحم ويصلي يوم الجمعة 25 شباط وكنا نحن نهان ونقتل في كل المدن؟؟ ترى أي صلاة كان يؤديها وعلى أي دين أو ملة ولأي رب وأي مغفرة كان يرجوها بينما كانت كرامتنا تنزف على يد عساكره المتورطين والمضغوط عليهم بأوامره البشعة؟).
ولعل أكثر ما أثار غضب القتلة هو تلك المقارنة بين المقبور عدي صدام وأحمد ابن نوري المالكي، المقارنة المبرهنة على أنهما وجهان لعملة واحدة عنوانها الاستهتار والقتل والنهب، ناهيكم عن فضح تاريخ علي الشلاه الصدامي ودور كمال الساعدي القذر: (-أسألكم يا برلمان الشعب العراقي (المنتخب!) أسأل السيد النجيفي والشيخ صباح الساعدى الشجاع وبهاء الأعرجي الشهم وأسأل نواب المجلس الأعلى وعلى رأسهم الشجاع باقر جبر الزبيدي والتيار الصدري والقائمة العراقية: هل أن كمال الساعدى عضو حزب الدعوة وقائمة دولة القانون والنائب في برلمانكم الموقر هو حقاً من ظهرت صورته يقف بمكان عدي صدام في الأعلى في المطعم التركي يوجه ويراقب انتهاك حقوقنا وإهانتنا وإطلاق النار علينا واختطافنا في ساحة التحرير يوم الجمعة 25 شباط؟ استحلفكم بالله قولوا لا، وأنكروا لأن إثبات الأمر سيجعل كمال الساعدي مسيئاً للعراق وللعملية الديمقراطية والبرلمان ذلك إن صح ظهوره ووقوفه في الأعلى وتوجيهه الأوامر بقتلنا وسحلنا واختطافنا، إنما هي ممارسة لاتمت للقانون والديمقراطية بصلة وهي تذكرنا برفاق الطاغية وكيف هبوا للدفاع عن عرشه في انتفاضة 1991 وبأي حال لايمكن لكمال الساعدى أن يتصرف وهو لايملك سوى صفة عضو برلمان. فهل يحق له خرق قسمه بخدمة الشعب العراقي بهذا الشكل؟ إن ما فعله كمال الساعدي إن صدقت الصور يجعله حانثاً باليمين ويستحق إلغاء عضويته في البرلمان العراقي وإلا دعونا نتصور عضواً آخر يشكل مليشيات ويقف بالجانب الآخر يتقاتل مع الساعدى وعسكره! وهكذا نسحق القانون ونحول ساحة التحرير إلى مجزرة.. أنا أشك ومن أجل بقية أمل لي بالعراق وبالحكومة أن تكون الصور خطأً أو مفبركة وإلا فإننا نقف إزاء رجال لا يحترمون القانون ولا البرلمان وينتمون لروح العصابة الحزبية الفتاكة من أجل الحزب الأوحد والقائد الضرورة.. وإن صح الخبر وصدقت الصور فيتوجب على من ناشدتهم أن يهبوا لحماية شرف وكرامة البرلمان بطرد هذا المعتدي على هيبة البرلمان والشعب العراقي وكفى نضع رؤوسنا في الرمل كالنعام.
- أتساءل حول الإشاعات حول ظهور أحمد المالكي وكمال الساعدي في المطعم التركي مرتع عدي صدام ومراقبتهم للتظاهرات وتوجيهاتهم للأوامر هل حدث هذا حقا وما هي صفة احمد المالكي الحكومية وما هي صفة الساعدي العسكرية ليقوم بهذه المهمة ؟
- هل ذهب الساعدي وأحمد إن صدق الخبر لتناول الطعام والاستحمام وأداء الصلاة بعد انتهاك حقوق المتظاهرين والاعتداء عليهم؟ وهل شعرا بالرضا عن نفسيهما وشكرا الله على تمكنهما من إهانة العراقيين بهذا الشكل؟؟).
وفضح الشهيد عملية الهيمنة «الدعوجية» المنظمة على الإعلام الرسمي وفق النموذج الفاشي سيئ الصيت:
(- أسال البرلمان العراقي: هل شبكة الإعلام العراقية وهل قناة العراقية وصحيفة الصباح عراقية حقاً وملكاً للبرلمان أم ملكاً للمالكي وحزب الدعوة وقائمة «دولة القانون»؟؟ أتساءل كيف احتل علي الشلاه والموسوي قناة العراقية ومنعوا النقل المباشر وكذبوا الأخبار وأهانوا التظاهرات وكيف تقلب صحيفة الصباح الحقائق من أجل قائمة وحزب وشخص؟؟ ألا يحاسب البرلمان الشبكة على انحرافها هذا؟ كيف تمول الشبكة من أموال العراق وهي مجرد بوق لحزب وشخص وقائمة؟).
وناشد الشهيد الجيش العراقي أن ينحاز للشعب ويحترم دور الجيش الوطني، وهو يضرب بذلك على وتر حساس في النظام الطائفي الأثني الفاسد، النظام الذي أراد للجيش أن يتأسس على اساس طائفي اثني:
(- هل شعر السيد المالكي ودولة القانون وحزب الدعوة بالرضا وشكروا الله على توريط الجيش العراقي النزيه والنبيل والشجاع والمهني بإهانة العراقيين والاعتداء عليهم؟؟
- هل فكر قادة الجيش وجنرالات العراق النبلاء الرائعين بنتائج هذه الممارسات في حمايتهم لحيتان السياسة ومن نهبوا العراق وأهانوا الشعب العراقي؟ هل فكروا أنه تم توريطهم للعب دور محامي الشيطان وهم أصحاب الروح الوطنية والأيدي النظيفة، بينما رجال السياسة الذين ورطوهم هم اللصوص وهم المفسدون وهم عملاء الأجندات المعادية للشعب العراقي؟؟).
وقد لامس الشهيد هادي المهدي قضية في غاية الحساسية، ألا وهي قضية شهداء حزب الدعوة المهملة عوائلهم مقابل تكريم القتلة السابقين بضمهم إلى حزب الدعوة والجيش والأمن بعد أن غيروا الولاء، خصوصاً وأن هناك حالة استياء على مستوى قواعد وكوادر هذا الحزب مما آل إليه مصير حزبهم الذي تحول إلى حزب «بعثدعوجي عراقي»:
(- سؤالي إلى حزب الدعوة.. إلى أسر شهداء الدعوة.. إلى السيد جعفر محمد باقر الصدر.. إلى الدكتور وليد الحلي والأستاذ علي الأديب والأستاذ صادق الركابي وأسأل قبور إخواني شهداء الدعوة: ترى كيف أصبح ابرز خادم البعث العراقي ربيب لؤي حقي (ابن صدام الثالث بالتبني) ناطقاً باسم حزب الدعوة وكيف أصبحت أنا متهماً بالبعثية (العراقية)؟؟ كيف أمسى من تزلف وتملق وتربى في مؤسسات المقبور عدي صدام وأعني به النائب (علي الشلاه) كيف أصبح عضواً في برلمان العراق وممثلاً لحزب الدعوة والناطق باسم شهداء الدعوة ودولة القانون وشتّام التظاهرات الساخر من تطلعات العراقيين؟؟ من هو «البعثي» (العراقي) إذن يا كوادر الدعوة تعالوا نتكاشف أمام العراقيين وأمام قبر السيد محمد باقر الصدر (قدس).. دولة رئيس الوزراء يتهم التظاهرات بالبعث وهو يضم لحزبه وقائمته أشهر خدام البعث ويدفعه ليحتل قناة العراقية ويشتم ويشكك بالتظاهرات.. ليسأل نوري المالكي وحزب الدعوة من هو علي الشلاه ومن أنا ومن هم المثقفون الشرفاء الذين خرجوا في تظاهرات الجمعة.. لقد قالها بهاء الأعرجي الشجاع في حرم البرلمان وبوجه علي الشلاه (أنت عدو الشعب العراقي وربيب مؤسسات «النظام البائد») ألم يسمع بذلك المالكي وعلي الحلي وعلي الأديب والركابي؟ أم تراهم يجهلون تاريخ العراقيين ويتورطون بدفع من خدم لؤي حقي وتلقى منه ضربة شهيرة بحذائه على جبهته ليوجهوه ويدفعوه لشتم من هم أرفع قامة وأنقى تاريخاً وتضحيات منه ومن العديد من إمعات السلطة والأحزاب؟؟ من هو «البائد» الآن يا حزب الدعوة ويا دولة القانون ويا دولة رئيس الوزراء أنا وبقية الشرفاء أم صاحبكم والناطق باسمكم علي الشلاه؟؟ أريد الرد إن كنتم تملكون شجاعة ووطنية وديناً وإني أقيم الحجة عليكم أمام الله والعراقيين).
وناشد الشهيد هادي المهدي الجماهير الشعبية العراقية من أجل أن تأخذ زمام المبادرة وتدافع عن حقوقها المهدورة على يد عصابات الاحتلال، وتعهد بمواصلة الكفاح حتى تحقيق النصر للشعب العراقي:
(ومن أجل من سقطوا قتلى ومن أهينوا ومن اعتقلوا ومن أجل كل عراقي عاطل ومحروم ومهمش ومسحوق سنواصل رفع أصواتنا وحجنا سيكون إلى ساحات المدن العراقية من أجل استعادة عراقنا من حيتان السياسة وإعلاء كرامة المواطن ورد الاعتبار للعراقيين).
نعم إن من اغتال الشهيد هادي المهدي هم عصابات العمالة والقتل وعلى رأسها المجرم جلال الطالباني ونوري السعيد الثاني وأحمد المالكي وكمال الساعدي وعلي الشلاه، أما من يريد أن يقتله مرة ثانية بالمتاجرة باسمه، فهم تجار ثقافة الاحتلال الممولة مؤسساتهم «الثقافية» بأموال الشعب العراقي المنهوبة على يد المحتل، المرمي فتاتها في صندوق دعم هذه المؤسسات المشبوهة المتاجرة بالوطنية والعدالة الاجتماعية.
لقد بادر أصدقاء وأخوة الشهيد الوطني العراقي هادي المهدي إلى إقامة تشييع رمزي للشهيد الذي اغتيل في 8/8/2011، أي قبل يوم واحد من مظاهرات ساهم مساهمة نشيطة في التحضير لها، حيث شيعت جنازة رمزية له من منزله في الكرادة الشرقية مروراً بساحة كهرمانة وساحة الفردوس، وقد أوقف الموكب في ساحة النصر منعاً لوصوله إلى ساحة التحرير، إذ صودر النعش الرمزي، ورغم ذلك واصل الموكب مسيرته حتى ساحة التحرير وسط هتافات التنديد بالقتلة والنظام العميل، والتعهد بالسير قدماً على خطا الشهيد هادي المهدي حتى تحقيق أهداف الشعب العراقي في الحرية والعدالة الاجتماعية.