في كوبنهاغن: هزيمة أوباما وضعت على رئاسته علامة
لم تغيّر رحلة أوباما السريعة إلى الدانمارك وعبوره المحيط أياً من معادلات القرار الأولمبي. مبروك للبرازيل ولرئيسها «لولا».. لريو دي جانيرو... من حقهم أن يفرحوا ، ويرقصوا... ويشربوا حتى الثمالة... أما نحن والمتفائلون من عهد أمريكي جديد ، فمن حقنا أن نسأل: لماذا يا أوباما البراعة السياسية وسياسات العالمية والشرعية الدولية.. لماذا أيها الرئيس العتيد...؟
واشنطن- خاص قاسيون
ملايين الدولارات من النفقات من أجل رحلة ساعات.. جهود رئاسية وشخصية وطائرتان رئاسيتان وكل التكنولوجيا والحرس والسيارات حملت أولاً زوجته ميشيل، ثم أوباما، إلى كوبنهاغن ، سعياً للتأثير على القادة الأولمبيين وتوجيه أبصارهم بما يرجوه من بوصلة المسار الأولمبي القادم بعد حين، نحو مكان انعقاد للألعاب الأولمبية يكون في شيكاغو، مدينة الصخب الراقصة على موجات بحيراتها صرخات ريح وتشويق وأنين.
نتائج تصويت أولمبي مزرية لم تخرج أمريكا من آمالها من أول جولة تصويت فحسب، بل وكذلك أطاحت بأحلام أوباما وأمريكيين، عّول وإياهم في آمال تحقيق النجاح، على بريق شخصيته في أوساط عالمية كما عند الأوروبيين.
لقد أطاحت هزيمة مساعي أوباما الأولمبية بمطامح نهضوية ورياضية لمدينته شيكاغو، ذات البرودة المميزة والرياح العاتية. وقرار اختيار البرازيل للألعاب الأولمبية لعام 2016 أطاح أيضاً بآمال من نوع آخر بأن شيكاغو قد تكون المدينة الأفضل لألعاب أولمبية تجريها وفود رياضية فتية، وبأن شيكاغو اليوم هي غير شيكاغو الأمس، وكل ذلك الذي كانت تعرف به عن مافيات الأزقة الضيقة والبارات وتشعّب السياسات، وبأن ما تطمح إليه اليوم هو أن يساعدها أوباما والأولمبيون على التخلص من عميق سبات.
نتائج سلبية لمقامرة سياسية من أوباما ما كان ليفعلها حتى رئيس من فئات مناوئيه الجمهوريين، تلقي اليوم بظلها الثقيل على رئاسته وملاءته الرئاسية المستهدفة من قبل الكثيرين، فيما صراع البيت الأبيض على أشده في مواجهة أزمات طاغية لا توفر من الوعود للأمريكيين ما هو أكيد.. من وهن النظام المالي إلى معارضات البرنامج الصحي إلى تأثيرات ارتفاع أرقام البطالة.. وصولاً إلى محاولات تحقير وإذلال، ربما لم يتعرض لمثلها رئيس من قبله، من أجنحة لجهابذة اليمين، ممن بأفكار زمن العبودية ما زالوا متمسكين..
وما كان لرئيس غيره أن يتوجه لعبور المحيط مقامراً بمكانة ومصداقية حنكته السياسية وملاءته الرئاسية سعياً وراء مسألة، يفترض في أدنى تقديرات بيت أبيض وفريق مستشارين، من غير العابثين، أن تكون قد أكدت للرئيس قبل قيامه برحلة مثل هذه، أنها ستكون مضمونة النتائج، بما يحفظ مكانة الرئاسة ومصداقية قرارها وزخمها مجتمعين.
كانت مغادرة أوباما إلى رحلة البضع ساعات التي قضاها في كوبنهاغن بعد عبوره المحيط، أثارت منذ بدئه بها، الكثير من الدهشة والاستغراب في الكثير من الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية وحتى قبل أن يصيبها الخزي الذي أوقعه بها القرار الأولمبي..
رغم أن الإخفاق الأولمبي لأوباما ليس على مستوى إخفاق يتعلق بنزاع دولي أو أزمة عالمية، فإن عدم الحكمة والتأني والتحضير لمهمة باءت بالفشل الذريع ، ورغم كونها مهمة أولمبية، فقد تتجسد مضامينها السياسية بأكبر مما تبدو عليه بكثير، هذا مع الأخذ في الاعتبار ترّقب العالم لكيفية صناعة أوباما لقراراته، ولمدى الحكمة والتأني في اتخاذ القرار، وتبني نصائح المستشارين الكبار المحيطين بالبيت الأبيض، وناهيك عما يتجسد يومياً من مدى الهجمة والحنق المشتد على أوباما ممن يدوّرون الدوائر من مناوئيه، ومن فئات لا ترضيها تطلعات سياساته الداخلية أو الخارجية، من شيكاغو إلى واشنطن ...ومن روسيا إلى الصين، بل وحتى حطّين.