وسام العار لقائد العسكر الأمريكان

نشرت جريدة الأهرام في 19 شباط/ فبراير 2007 خبراً في صدر صفحتها الأولى نصه «منح الرئيس حسني مبارك القائد الأعلى للقوات المسلحة وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى للفريق أول جون أبي زيد قائد القيادة المركزية الأمريكية تقديراً لمجهوداته في دفع علاقات التعاون العسكري المصري الأمريكي بمناسبة إحالته إلى التقاعد وذلك أثناء زيارته لمصر في الفترة من 17 إلى 18 فبراير الجاري.

وقد أناب الرئيس مبارك المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي في تقليد الوسام» (انتهى الخبر)    

ولمن يهمه الأمر فإن أبي زيد هذا ليس أبو زيد الهلالي بكل السيرة الهلالية ولا من ذريته، لكنه قائد جيش الاحتلال الأمريكي للعراق الذي قتل مئات الآلاف وشرد الملايين من أبناء العراق الحزين، أحد قادة المؤسسة العسكرية الأمريكية عدوة شعب مصر وشعوب العالم العربي والحركات الوطنية والتحررية في العالم أجمع، حليف قادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قاتلي أبنائنا في سيناء وأبو زعبل وبحر البقر وأبناء فلسطين وسورية ولبنان.

لكن ما معني تقدير مجهوداته في دفع علاقات التعاون العسكري المصري الأمريكي؟ هل يعقل أن يكون هناك تعاون بين تابع ومتبوع؟ إلا إذا كان هذا التعاون هو فتح المياه الإقليمية والأرض والسماء للقوات الأمريكية لتجري مناورات التجهيز لأي عملية عسكرية تنوي أمريكا شنها على شعوبنا العربية، فيما يسمى مناورات النجم الساطع، أو تقديم التسهيلات الأرضية والجوية والبحرية لقواتها للمرور والعبور والتحليق لضرب أخوتنا في العراق ولبنان وأفغانستان والتجهيز لضرب إيران وسورية وحزب الله في لبنان، ومساعدتها بالفعل أو بالاشتراك أو حتى بالصمت في خططها لفرض الشرق الأوسط الجديد بما يستدعيه من تقطيع لأراضي بعض دول المنطقة وبعث الفوضى القاتلة بين شعوبها ببعث النزاعات الطائفية والمذهبية والعرقية .

هل كان الإعداد لتقليد أبي زيد هذا الوسام بدءاً من صلاة الشيخ المشهور ركعتين لله على هزيمة الجيش المصري في حرب 1967؟ أم عند الكيلو 101 بعد حرب 1973؟ أم يوم توقيع معاهدة كامب ديفيد 1978؟ أم يوم توقيع معاهدة «السلام» 1979؟ أم يوم توقيع اتفاقية أوسلو1994؟ أم يوم توقيع الكويز 2005؟ أم يوم الحرب علي العراق في الكويت 1991؟ أم يوم الصمت على غزو العراق2003؟ أم يوم إدانة حزب الله في مواجهته الظافرة مع العدو الإسرائيلي في صيف 2006؟ أم يوم حصار الحكومة الفلسطينية المنتخبة انتخابا حرا؟ ثم جاء الوســــام تتويجا لكل هذا؟     

بالطبع تقليد وسام الاستحقاق سيصدر به قرار جمهوري ينشر في الوقائع الرسمية. ماذا سيقول باحث شاب في التاريخ المصري بعد خمسين عاما وهو يقلب أوراق تاريخ مصر؟ كيف سيفسر هذا الوسام؟ هل سيسمي الفترة فترة حكم المماليك والأغوات الجدد بعد إنهاء عصر المماليك البحرية والبرجية؟ وما صفة هؤلاء المماليك؟ هل هم المماليك الأمريكية؟ وكيف سيتصور مشاعر وأحاسيس المشير قائد جيش مصر وهو يقلد قائد جيش الأعداء وسام الاستحقاق؟ هل كان عليه أن يمتنع؟ هل سيستمع الباحث إلى همهمات أصوات في أركان التاريخ يؤرخ لها بالفترة من 17 إلى 18 فبراير 2007 تقول:

أبشروا يا كل العمال ، والفلاحين ، والموظفين ، والمتعطلين ، يا كل فقراء مصر ومثقفيها الوطنيين من أجلكم نهدي عدوكم الوسام ليسود السلام ويعم الوئام، ولتنعموا بنوم هادئ ولذيذ تحِِت أقدام الطغاة، فالراحة أفضل من مواجهة الحياة. والكلام عن الوطنية والحياء والكرامة والجهاد والكفاح كلام ولى زمانه، فنحن في زمن الزناة.  

فيا شهداء مصر بدءاً من عمال حفر القناِة حتى حروبنا في سيناء وفلسطين، ويا شهداء مصر في الحركة الوطنية الديمقراطية ضد الاحتلال والسراي... ياعرابي.. يانديم.. ياسعد.. يانحاس.. ياجمال عبدالناصر... عذراً. .

بل عذرا يا «هالة شو» فقد ظلمناك، فالدعارة في مكان آخر .

ويا طبيبي الذي يعالجني من الذبحة الصدرية.. لم يعد لي علاج لديك، علاجي في مستشفى الأمراض العقلية أو رصاصة من أبي زيد !!

■ أحمد عبد الحليم حسين

موقع اللجنة المصرية لمناهضة  الاستعمار والصهيونية

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 12:34