إلى أين بعد قمة الرياض؟
بعد أن حشد قادة العرب كل قواهم «لإنجاح» قمة الرياض سواء لإكرام السعودية أو من هو خلفها يتساءل البعض عن سر الاهتمام المفاجئ لايهود أولمرت رئيس وزراء كيان العدو ليس بالقمة أو المبادرة العربية، بل بذلك الدور الذي يمكن أن تلعبه السعودية في هذه المرحلة بالذات فيما يتعلق بالصراع العربي ـ الصهيوني على سكة التنازلات العربية الرسمية من «لاءات مؤتمر الخرطوم، إلى إحياء جثة المبادرة». وهنا أجاد الدكتور سليم الحص بالقول إن «المبادرة تعني القبول بنصف حل وعند التفاوض عليها تتحول إلى ربع حل»، وهذا هو عين التفريط بالحقوق العربية وهو مايرفضه الشارع العربي!
...في بداية تصريحه لصحيفة يديعوت أحرونوت يؤكد أولمرت أن «السعودية ستكون في نهاية المطاف الدولة التي تحدد قدرة العرب على التواصل إلى تسوية مع إسرائيل... وثمة احتمال فعلي أن تتمكن إسرائيل من توقيع اتفاقية شاملة للسلام مع (أعدائها) في غضون خمس سنوات»، مكرراً رفضه حق العودة ومبدياً استعداده حضور قمة عربية إذا دعته السعودية إليها مع محمود عباس.
اللافت هنا قبل تحليل مقاصد أولمرت من إشارته (لمدة الخمس سنوات) التي تتوافق مع الآجال الزمنية لانجاز المشروع الإمبراطوري الأمريكي في المنطقة، وهو عدم صدور أي رد سعودي أو عربي رسمي على تصريحات إيهود أولمرت، بحيث جاء موقف رئيس وزراء العدو وكأنه جزء من توجه «المعتدلين العرب» لعزل إيران عن محيطها العربي والإقليمي وتصويرها بأنها الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي أكثر من الكيان الصهيوني، وهذا ما تبلغه رؤساء مخابرات «دول الرباعية العربية» لدى اجتماعهم مع السيدة رايس عشية القمة العربية في الرياض.
...وبالعودة إلى تصريحات أولمرت وعدم الرد السعودي أو العربي عليها، وبالتوفيق بتكامل الأدوار والحراك السياسي الذي أعقب قمة الرياض وخصوصاً زيارة بان كي مون وميركل وبيلوسي ومن معها من أعضاء الكونغرس إلى المنطقة واستمرار التصعيد ضد إيران وكل مواقع المقاومة ضد الاحتلالين الصهيوني والأمريكي، نلاحظ ليس فقط كيف يجري توزيع المجهود الحربي في إطار التعبئة ضد إيران، بل خلق واقع جيوسياسي جديد في المنطقة أبرز ما فيه جعل مفهوم الأمن القومي العربي متصلاً بمفهوم الأمن القومي الأمريكي، وتصوير سورية وكأنها تعيق التضامن العربي بتضامنها مع إيران.
...إذا كانت القمم العربية ـ خصوصاً بعد احتلال العراق ـ هي تمديد سنوي لنظام رسمي عربي خرج إلى التقاعد ولاعلاقة له بمزاج الشارع، فإن التحالف الامبريالي - الصهيوني يحاول النفخ في جسد هذا النظام وإعطاءه هوامش محددة للتحرك في إطار خدمة السياسة الأمريكية في المنطقة ولاضير هنا أن تحاول السعودية تقديم خطاب فيه من الترغيب للشارع العربي والمجيء على ذكر مفهوم الأمن القومي العربي والتشديد على وحدة العرب في مواجهة الخطاب الإيراني ضد أمريكا والكيان الصهيوني. وعندما أشار الملك عبد الله إلى احتلال العراق كان ذلك ضرورياً من أجل الحديث ضد الملف النووي الإيراني واستبعاد أسلحة الدمار الشامل عن المنطقة دون ذكر إسرائيل صراحة. وقد جاءت تصريحات الأمير سعود الفيصل بعد القمة حول ما قاله الملك عبد الله للرئيس الإيراني لتؤكد حقيقة ما ذهبنا إليه.
... يبقى السؤال الأهم كيف سنواجه الاحتلال في العراق وفلسطين والجولان ولبنان!، وهل استطاعت القمم العربية من انشاص حتى الرياض أن تحرر شبراً واحداً من الأراضي المحتلة؟
...إذاً لاخيار إلا المقاومة الشاملة، وبدل النظر إلى القمم السنوية، فلنتذكر ماجرى في مارون الراس وقبله في مرصد جبل الشيخ.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.