إشارات ضرب إيران تصدر عن حزب الله
قبل الحديث عن اعتماده درجة أعلى من المكاشفة والصراحة ووضعه للنقاط على الحروف في تعاطيه مع أعداء لبنان وخصوم حزبه في الداخل والخارج والذين باتوا يريدون تصنيفه في أعتى المنظمات الإرهابية حتى أكثر من القاعدة ذاتها، وبعيداً عن تطرقه لتعاطيه الاستقلالي مع الأطراف الإقليمية والدولية بما فيها حلفاؤه بخصوص القضايا العالقة في لبنان، فربما كان الأبرز في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هو حديثه غير المسبوق عن احتمال قيام ضربة عسكرية أمريكية لطهران!
إن وصول الحديث عن عدوان ضد إيران إلى مستوى خطابات قيادة حزب الله حتى ولو وضعوها في سياق الاحتمالات يقدم مؤشراً جديداً على قرب حدوث ذلك العدوان ولا يقلل من نسبة الاحتمال بدليل تأكيد السيد نصر الله على عدم تخوف حزب الله من ذلك، بمعنى جهوزية الحزب لمواجهة ثانية وبالمعنى الأوسع تقديم إشارة أخرى عن جهوزية إيران للمواجهة هي الأخرى. تصريحات ألأمين العام لحزب الله رافقتها «تسريبات» عن «عزم» «إسرائيل» ضرب لبنان مجدداً لفرض نزع سلاح حزب الله وإعادة الاعتبار لجيشها المهزوم في تموز. (ولكن «المفاجأة» أن فرنسا «رفضت!»، وهو رفض إن حدث فإنما يندرج في سياق تخوف فرنسا على جنودها الذين يقودون قوة اليونيفيل في جنوب لبنان، وتخوفها على حلفائها من قوى «الأكثرية» الحاكمة في لبنان، والأهم تخوفها من أن أي انتصار جديد للمقاومة اللبنانية سوف يقضي كلياً على مشروعها في لبنان والمنطقة وهو الملتحق بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي).
وبطبيعة الحال لم تسكت الأبواق اللبنانية (المتأمركة) محاولةً الرد على ما كل ما جاء في حديث نصر الله، وتولى تلك المهمة «أبو الجعجاع»، رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير «جعجع»، «مكتشفاً» أن «حزب الله يسير عكس التاريخ ولا يمكن أن يستمر.. وأن إستراتيجيته لن يكتب لها النجاح»(!!). وفي سعي متعثر منه للدفاع عن إسرائيل وأمريكا من جهة والتشويش وخلط الأمور والتحريض على حزب الله من جهة أخرى، قال جعجع مخاطباً السيد نصر الله «نعلم أن سبب وجودك هو إلقاء اليهود في البحر وتحرير كامل فلسطين والشيشان وإعادة الأندلس وفق ما يتمناه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد»، (وكأن تحرير كامل فلسطين تهمة!؟) واصفاً في «فتوى سياسية دينية» تجمع أنصار المعارضة وبينها حزب الله وسط بيروت التجاري منذ كانون الأول الماضي بـ«الاحتلال» و«الحرام».
وبالعودة إلى الخطاب فقد أكد السيد أن الدولة التي تتواطأ على أهلها وشعبها وأشرف مقاوماتها «ليست دولة»، مشددا على أنه لا يمكن لأحد القضاء على حيوية حزب الله لأنه يمثل حركة شعبية لديها قضية واضحة.
وأشار إلى أن لبنان يمر بمرحلة تاريخية مصيرية تستهدف تغيير هويته، مستبقاً على من يريدون «تجريم» حزب الله تحت «تهم الإرهاب» برفض الاعتقال السياسي في لبنان مستشهداً بقضية الضباط الأربعة الموقوفين في ظل الحكومة الحالية بنظامها القضائي المتخاذل على ذمة لاشيء منذ عام ونيف.
وبينما أوضح أن الحوار مع ما يسمى بفريق الأكثرية وصل إلى طريق مسدود قال نصر الله إنه ومنذ استشهاد رفيق الحريري تكوّن بشكل واضح فريق مدعوم دوليا بقوة للسيطرة على كل مؤسسات الدولة السياسية والتشريعية والإجرائية والقضائية والأمنية والعسكرية والإدارية، ولنقل لبنان بالكامل إلى الموقع الأميركي بما يقتضيه هذا الموقع من التزامات أو عداوات، مشيراً إلى أن الأكثرية النيابية تقوم باستغلال دماء الحريري لاستنفار العواطف والمشاعر، وبدء تنفيذ الخطة بالسيطرة على المجلس النيابي على قاعدة قانون انتخابات ظالم، وتحالفات كانوا ينوون منذ البداية نقضها عن سابق تصور وتصميم من خلال ممارسة الخداع والغدر الانتخابي والسياسي مع حزب الله وحركة أمل.
وبعد أن استعرض بعض الاغتيالات التي تزامنت «مصادفة» مع تحولات جذرية تتعلق بلبنان، لفت نصر الله إلى أن الأكثرية، نجحت في شطب المجلس الدستوري واستبدلته بمجلس الأمن الدولي الذي بات يحدد أن هذه الحكومة شرعية أو غير شرعية، وقال: أصبح السيد بان كي مون وبقية «السادة الكرام» في مجلس الأمن خبراء دستوريين في الدستور اللبناني، مؤكداً أن نظام «المحكمة الدولية» قائم على أحكام صادرة مسبقاً من جانب أسياد الأكثرية فيما وراء البحار، وأن حزب الله يحتفظ بملاحظاته على المحكمة الدولية إلى حين توفر إطار جدي لمناقشة الموضوع، الذي لا يمكن مناقشته حتى من الأصدقاء والأطراف الإقليمية المختلفة موضحاً أن الجهة الوحيدة التي يمكن تقديم أي ملاحظات لها عن المحكمة هي حكومة جدية.
وجاء خطاب نصر الله غداة تسلم الأمم المتحدة مذكرة موقعة من 70 نائبا لبنانيا من الأكثرية النيابية تطلب من مجلس الأمن «اتخاذ كل الإجراءات البديلة» لضمان إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي التي وافق عليها مجلس الأمن.
وفي معرض خطابة أشاد نصر الله بشجاعة وصمود الرئيس أميل لحود مضيفاً من جانب آخر أن رهان الأكثرية على حرب تموز التي توقعوا أن تسهم في إحداث تغيير خريطة المنطقة باء بالفشل!