ليبيا تتحول إلى حقل تجارب للطائرات الأطلسية

قتل عشرات الأشخاص في قصف شنته سفن حربية تابعة لحلف شمال الأطلسي فجر الأربعاء على بلدة زليتن غرب ليبيا في وقت كشف فيه مسؤولون أمريكيون النقاب عن بدء «الناتو» استخدام طائرة عمودية جديدة في غاراتهم على ليبيا.
وقال التلفزيون الليبي.. إن عشرات الأشخاص سقطوا في قصف لبوارج حربية للناتو على مدينة زليتن مشيراً إلى أن الناتو شن غارات جوية على مدنيتي الخمس ونالوت في غرب ليبيا مستهدفاً نقطتي تفتيش في منطقة الخمس على بعد 210 كلم إلى شرق طرابلس مؤكداً أن هاتين النقطتين كانتا مدنيتين والهدف منها تنظيم عملية المرور.

من ناحية أخرى كشف مسؤولون أمريكيون النقاب في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية عن بدء حلف الناتو استخدام طائرة عمودية جديدة في غاراتهم على ليبيا مشيرين إلى أن المروحية التي اختفت من رادار الاتصال مع الحلف فوق ليبيا هي مروحية أميركية دون طيار من نوع فاير سكاوت وأنه لم يتم معرفة السبب وراء فقد اتصال الرادار بالمروحية.
إلى ذلك قال جيرار لونغيه وزير الدفاع الفرنسي في مؤتمر صحفي نشرت تفاصيله ا ف ب إن الكلفة الإضافية الناجمة عن ثلاثة أشهر من العمليات الجوية الفرنسية في ليبيا تبلغ نحو 100 مليون يورو موضحاً أن وزارته لن تتحمل أي تجاوز لبرنامج العمليات الخارجية وأن الحكومة طلبت من البرلمان التصويت على قروض جديدة في حال تجاوز الموازنة المخصصة للعمليات الخارجية.
من جانبها أعلنت وزارة الخارجية البولندية أن وارسو التي ستتولى في الأول من تموز رئاسة الاتحاد الأوربي لستة أشهر ستعين خلال هذه الفترة فويتشيك بوزيك سفيراً في بنغازي بحيث يقيم اعتباراً من تموز بشكل دائم في بنغازي لتمثيل مصالح الاتحاد الأوربي على أن تظل السفارة البولندية في طرابلس مغلقة.
من جهتها رأت الصين حسب بيان لوزارة الخارجية الصينية نشر على موقع الوزارة أن المجلس الوطني الانتقالي شريك مهم في الحوار وأنه أصبح قوة سياسية رئيسية في البلاد.
من ناحية أخرى ألقت الأزمة الليبية بظلالها على الواقع الاقتصادي لليبيا حيث أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على ثلاثة مصارف اعتبرتها فروعاً لمصرف تملكه الحكومة الليبية وتقع في لبنان وتونس وتركيا بعد أن اتهمتها بالقيام بتحويلات لمصلحة الحكومة الليبية.
كما يعكف الكونغرس الأمريكي قريباً على قرارات أقرت الثلاثاء وتهدف إلى السماح بعمليات وصفت بالمحدودة في ليبيا، فيما أبدى عدد من النواب استعدادهم لمنع رصد أموال لحرب من دون موافقة الكونغرس.
واعتبر رئيس مجلس النواب جون بوينر (جمهوري) أنه إذا كان الرئيس «يعتقد أن التدخل في ليبيا هو مهم لأمننا القومي فيتحمل مسؤولية الدفاع عن موقفه. بوضوح وعلناً. وان يطلب الموافقة». ورفع الثلاثاء مشروع قرار جديد أمام مجلس الشيوخ يسمح بعمليات عسكرية أمريكية «محدودة» في ليبيا.
ويسمح القرار الذي طرحه السناتور الديمقراطي جون كيري وزميله الجمهوري جون ماكين باستخدام «محدود» للقوة ويحظر إرسال قوات إلى الأراضي الليبية. وقال كيري أمام أعضاء مجلس الشيوخ «هذا ليس شيكا على بياض للرئيس». ولكن القرار يكشف أيضاً عن الإطار الزمني الذي ترتأيه المصالح الاحتكارية الأمريكية مبدئياً للعدوان على ليبيا حيث قال كيري إن السماح باستخدام «محدود» للقوة ينتهي مفعوله بعد عام من تنفيذ القرار..! وأشار بوينر إلى أن النواب سيناقشون مشروعي قرارين قرار يسمح بعمل «محدود» في ليبيا على نموذج قرار كيري/ ماكين وقرار آخر ينهي عمليات الوحدات التي لها دور قتالي والإبقاء على وحدات الدعم اللوجستي أو المخابرات. وتبحث كتلة الجمهوريين في مجلس النواب القرارين في يوم إغلاق تحرير هذا العدد، وقد يعرضا على التصويت في مجلس النواب خلال الأيام التالية.

ومن جهة أخرى سيبحث مجلس النواب هذا الأسبوع إجراءات عدة لمنع استعمال أموال من أجل الحرب على ليبيا. وأعرب عدد من النواب عن استيائهم من عدم طلب الرئيس رأي الكونغرس قبل أن يأمر في آذار ببدء عمليات عسكرية ضد نظام العقيد معمر القذافي. وقالت الإدارة في تقرير من 32 صفحة سلمته للنواب إن دور «المهمة» الأمريكية يقتصر على توفير الدعم للحلف الأطلسي وأن الأمر لا يتعلق بـ«أعمال حربية» حددها قانون 1973. وأيد كيري هذا الموقف مؤكداً «أننا لم نخض أعمالاً حربية لأن هناك أعمالاً حربية ولأننا ندعم أناساً يخوضون أعمالاً حربية»..!
لكن ماكين كرر بخلاف زميله أن «إلقاء قنابل وقتل الأعداء» يشكل في نظره حالة حرب. وقال «سأكون أول من يقر بان هذا (القرار) بالسماح ليس مثالياً ولن يرضي الجميع»، لافتاً إلى أن القرار كان يمكن أن يتضمن دعوة للرئيس إلى تحديد أهداف واضحة في ليبيا. لكن السناتور الجمهوري اعتبر أن هذا الخيار هو الأفضل وأنه «حان الوقت» للسماح بتحرك أمريكي في ليبيا. وقال أيضاً «اعتقد أن الرئيس قام بالخيار الملائم عبر التدخل لوقف كارثة إنسانية»..!

بموازاة ذلك أعربت روسيا عن قلقها العميق لتدهور الوضع الإنساني في ليبيا نتيجة للأحداث الجارية فيها. وقال الكسندر لوكاشيفتش المتحدث باسم الخارجية الروسية إن بلاده قررت تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لجميع سكان ليبيا المحتاجين إليها في جميع أنحاء ليبيا.
وفي روما دعا وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني في كلمة ألقاها أمام لجنة في مجلس النواب الإيطالي إلى تعليق فوري للأعمال الحربية ضد ليبيا بهدف إقامة ممرات إنسانية لمساعدة المدنيين.
وتأتي هذه الدعوة بعد سقوط العديد من المدنيين في الأيام القليلة الماضية في عمليات متتالية لحلف الأطلسي ضد ليبيا.
غير أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن أعلن الأربعاء في مفارقة كبرى أن الحلف سيواصل عملياته في ليبيا تفاديا لسقوط «مزيد من المدنيين».
وأكد راسموسن في شريط فيديو على موقع الحلف الأطلسي في شبكة الانترنت أن «الحلف سيواصل مهمته لأنه إذا ما توقفنا، يمكن أن يسقط عدد كبير من الضحايا المدنيين»...!
وأضاف «في الأيام الأخيرة قيل إن تحركات الأطلسي أدت إلى خسائر في صفوف المدنيين... أعرب عن أسفي الشديد لأي خسارة بشرية في هذا النزاع.. لكن لا تنسوا أن نظام  القذافي هو الذي تسبب في النزاع بإقدامه على التصدي لشعبه وليس الأطلسي.. قوات نظام القذافي هي التي تقصف المدن بالدبابات والمدفعية الثقيل وليس الأطلسي».
وأكد راسموسن أن «نظام القذافي هو الذي يطلق صواريخ من مساجد وملاجئ موجودة على مقربة من حدائق للأطفال وليس الأطلسي».. ولكن المسؤول الغربي لم يذكر ما تعرضه وكالات الأنباء من صور تلتقطها طائرات الأطلسي ذاته خلال قيامها بتدمير مصادر النيران ومحيطها، ليبقى الشعب الليبي بين فكي كماشة القصف، قذافي المصدر، والأطلسي على حد سواء..