... والمرتد أشد كفراً!

... بعد سبع سنوات من الغياب السياسي لأسباب صحية ناتجة عن إدمانه الكحول، وانتهاء المهمة الكبرى التي أوكلت إليه، وهي تجاوز تردد غورباتشوف، وتفكيك الاتحاد السوفييتي.. مات بوريس يلتسين رئيس الانهيارات الكبرى، والمساهم الأول مع المحيطين به من مافيات المال والقوى الصهيونية الضاربة في رسم الواقع المتردي لعالم ما بعد زلزال العصر المتمثل بانهيار الاتحاد السوفييتي!!

وكما هو متوقع كان أول رثاء بفقد يلتسين من واشنطن بلسان الرئيس بوش واصفاً إياه بـ «الشخصية التاريخية، خدم وطنه في وقت شهد تغييرات مهمة جداً»، لافتاً إلى الدور الأساسي الذي أداه يلتسين في تفكيك الاتحاد السوفييتي.

وهنا لابد من التذكير أنه بعد زيارته لواشنطن في أوائل 1991، وما رافقها من تغطية إعلامية غير مسبوقة، وما تفوَّه به يلتسين حول «وهم انتصار الاشتراكية على الرأسمالية»، كان أول عمل قام به يلتسين بعد عودته إلى موسكو هو «تمزيق هويته الحزبية» التي حملها أكثر من ثلاثين عاماً، واستعاض عنها بشعار: «الحرية لروسيا من حكم الشيوعية»...

بعد انتخابه رئيساً لروسيا في حزيران 1991، أصبح الحكم عملياً في أيدي المافيات المالية والقوى الصهيونية بكل ماتملكه من مواقع تأثير مالية وإعلامية على الرأي العام في روسيا لإحداث حالة طلاق مع كل ما هو مجيد ومشرق من تاريخ شعوب روسيا، وشعوب الاتحاد السوفييتي عموماً.

وعندما واجه بعض المقاومة في تنفيذ سياسته الرامية إلى بيع ثروة البلاد والقطاعات الاقتصادية الكبرى، سرعان ما ظهر زيف إدعاءاته حول «حرية روسيا» فأصدر في أيلول 1993 مرسوماً بحل البرلمان، وعندما رفض غالبية الأعضاء الانصياع، أعطى أوامره بقصف البرلمان واقتحامه بالدبابات حيث سقط آلاف الشهداء منهم عشرات النواب المدافعين عن البرلمان. ولم يسبق يلتسين في فعلته تلك إلا الدكتاتور التشيلي بينوشيت بالهجوم على القصر الجمهوري الذي انتهى باستشهاد الرئيس المنتخب االليندي.

...ففي فترة رئاسته الأولى 1991 ــ 1996 أنجز يلتسين مهمة تحطيم روسيا، وسلم ثرواتها لتماسيح المال المحليين، وسمح بتهريب آلاف المليارات من الدولارات إلى البنوك الأمريكية والأوربية. وفي فترة رئاسته الثانية 1996ـ 2000، تحولت روسيا إلى مزرعة عائلية وإقطاعيات مافياوية تعمل تحت شعار: «خذوا من الثروة بمقدار ما يمكنكم أن تهضموا»!!. وبذلك فقدت روسيا في عهد المرتد يلتسين، ليس فقط هيبتها كدولة وكيان، بل جرى تفتيت بنية المجتمع، وانتشرت الجريمة المنظمة والأمراض، خصوصاً بين الأطفال والمسنين، وتناقص عدد السكان بمقدار مليون ونصف خلال فترة حكمه، ناهيك عن تسعير الصراعات القومية والدينية بين شعوب روسيا، وانتقل هذا البلد صاحب الثروات الهائلة إلى حالة من التسول والتبعية السياسية للدوائر الامبريالية والصهيونية.

وإذا كانت دوائر الامبريالية الأمريكية وكل دوائر الرأسمال المعولم تشيد بـ «مآثر يلسين» في خدمتها وتنفيذ مخططاتها أثناء فترة حكمه، فإن شعوب روسيا وشعوب العالم التي فرضت عليها واشنطن في الوقت الراهن مواجهة مكشوفة ومباشرة، لن تذكر يلتسين إلا كخائن لشعبه، وللفكر والمثل الإنسانية التقدمية، وبذلك تنطبق عليه صفة «المرتد»، وهو أشد كفراً من بين جميع الرذائل...

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 11:36