«سي آي إيه» استعانت بالعرب «المعتدلين» لتطوير التعذيب!

 ليس جديداً الحديث عن معتقلات تعذيب سرية استحدثتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» في دول عديدة بعد هجمات الحادي عشر من أيلول 2001. غير أنّ الجديد في الموضوع، هو ما كشفته صحيفة «لو موند» الفرنسية في عددها الصادر أمس، نقلاً عن تقرير ستنشره المجلّة الأميركية «نيويوركر» في 13 من الشهر الجاري، يفيد بأنّ ضبّاط الاستخبارات الأميركية لجأوا إلى حلفائهم في محور الاعتدال العربي، السعودية ومصر والأردن، ليتعلّموا من أجهزة استخباراتها، أحدث وسائل التعذيب التي تدفع المعتقلين إلى الإفصاح عن القدر الأكبر من المعلومات المطلوبة.

واستعانت الصحافية الأميركية جاين ماير، من تقرير سرّي أعدّته منظّمة الصليب الأحمر الدولية، بشهادات 15 متّهماً عُذِّبوا في معتقلات غوانتانامو وأبو غريب في العراق والمعتقلات السرية في أفغانستان وبولندا، كما اعتمدت على تصريحات أدلى بها مسؤولو الجهاز الأميركي، ومدير الـ «سي آي إيه»، مايكل هايدن.
وبحسب ماير، فإنّ برنامج المعتقلات السرية بدأ العمل فيه منذ 17 أيلول 2001، حين أصدر الرئيس الأميركي جورج بوش أمراً يبيح إنشاء فرق «شبه عسكرية» مهمتها اعتقال أو حتّى قتل «أهداف بشرية»، مصنّفة على أنها «إرهابية»، وذلك في أي بقعة على الأرض.
وفي ذلك الوقت، كان مسؤولو الـ«سي آي إيه» يفتقدون للخبرة في مجال التحقيقات الجرمية، فما كان أمامهم سوى اللجوء إلى مصدرين: الاوّل، «برنامج فينيكس»، وهو برنامج أساليب التحقيق والتعذيب الذي طبّقه الأميركيون عامي 1970 و1971 خلال حرب فيتنام. أما الثاني، فكان الاستعانة بخبرات ضبّاط أجهزة الاستخبارات في الدول الحليفة لواشنطن، وبشكل خاص مصر والأردن والسعودية، وهي الدول التي تصنّفها الولايات المتحدة نفسها، في خانة «الأسوأ» في مجال احترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة.
وعدّدت الصحيفة أبرز وسائل التعذيب التي تُمارس، وتبدأ بالحرمان من النوم، والعزل لفترات طويلة، وتعريض المعتقل لدرجات حرارة مرتفعة أو منخفضة جداً، ولأصوات صاخبة جداً، والإهانات الجنسية والدينية.
وإلى جانب معتقلات غوانتانامو وأفغانستان، ورغم أنّ كلاماً كثيراً أُشيع عن دول أوروبية استضافت المعتقلات الأميركية، فإنّ المجلس الأوروبي اتهم رسمياً وارسو فقط باستضافة «المعتقلات السوداء». وتفجّرت فضيحة المعتقلات البولندية بسبب قضية المتّهم بالتخطيط لتفجيرات 11 أيلول، خالد الشيخ محمد، الذي عُذِّب في غوانتانامو وأفغانستان، قبل أن يُنقل أخيراً إلى بولندا.
وتؤكّد ماير أنّ هذه المعتقلات السوداء أُقفلت في خريف عام 2006، بعد انكشاف فضيحة المعتقلات الأميركية في بولندا ودول أوروبية أخرى، مثل رومانيا وبلغاريا والمجر، إلى جانب دول عربية. غير أنّ البيت الأبيض ما يزال مصرّاً على عدم سنّ قانون يمنع ما يُسمّى في اللغة القانونية «التحقيق الُمطوَّر»، أي بعبارة أخرى أساليب التعذيب خلال التحقيقات.