من صحافة العدو: جسور أمريكا الآيلة للسقوط
«عهدنا الذهبي قد ولّى»، كتب في هذا الأسبوع الصحفي الأمريكي واسع التأثير مورت زوكرمان.
استطلاعات الرأي التي أُجريت من قبل مجموعة من الأطراف ذات العلاقة مثل «وول ستريت جورنال» وشبكات «ان.بي.سي» و«سي.بي.اس» التي أُجريت قبل انهيار الجسر من فوق نهر المسيسيبي توصلت إلى نتائج سوداوية:
19 في المائة فقط من الأمريكيين يعتقدون أن بلادهم تسير في الاتجاه الصحيح، بينما كان 70 في المائة على قناعة بأن بلادهم ذاهبة نحو الضياع.
أكثر من ثلثي المواطنين الأمريكيين على قناعة بأن الركود الاقتصادي العميق قد وصل، أو أنه سيصل في المستقبل القريب– رغم المعطيات الاقتصادية المحلية الايجابية.
وليس هناك من يحول دون قدوم هذا الركود:
32 في المائة فقط من الأمريكيين، أي أقل من الثلث، أعطوا الرئيس بوش علامة ايجابية على أدائه. هذه درجة في الحضيض (تقريباً) وغير مسبوقة في شعبية الرئيس.
الكونغرس، حجر الزاوية للديمقراطية الأمريكية، يعاني من صورة أكثر ترديا: 3 في المائة فقط من مواطني الولايات المتحدة يُقدرون عمل الشيوخ بصورة ايجابية.
المصدر الأول للتشاؤم هو حرب العراق.
رغم تأثيرها المحدود على حياة المواطن اليومية، إلا أن إخفاقاتها تُخيم على كل المجالات حتى مستوى مكانة أمريكا الاعتبارية في نظر مواطنيها ذاتهم.
لم نعد دولة عظمى قائدة وناجحة – قال الأمريكيون بلهجة تقريرية.
44 في المائة من مواطني الولايات المتحدة قلقون، حتى قلقين جداً، من النفقات الصحية الباهظة ومن عدم وجود تأمين صحي شامل.
34 في المائة قلقون من قرار الاستثمارات الجيدة للدول ذات الأجر المنخفض.
22 في المائة قلقون من الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
20 في المائة فقط (!) قلقون مما يحدث في البورصة.
المعطيات الأخيرة ليست مفاجئة: المواطن الأمريكي لم يعد مشاركاً بصورة مباشرة في استثمارات البورصة منذ زمن، بعدما اكتوى من التأرجحات الحادة في سوق الأسهم ونأى بنفسه عن وول ستريت وأخطائها.
الاقتصاد البيتي الأمريكي يُسلم إدارة مدخراته القليلة في العادة لخبير مالي معين.
إذا ارتفعت السوق أو انخفضت يقرأ المواطن في المسيسيبي أو كولورادو عن ذلك في الصحف ويشد أكتافه فقط.
القطاع المالي هو الذي يتسبب بتقلبات البورصة: جيش المحللين المضطرب وشركات الاستثمار العصبية والبنوك وصناديق الاستثمار وغيرها من الأوساط المالية.
وهل يثق المواطن الأمريكي بهذه المؤسسات المالية على اختلافها؟
بالطبع لا.
16 في المائة فقط من المواطنين الأمريكيين يعطون علامة ايجابية للصناعة المالية الأمريكية. والإدارة الفيدرالية تتمتع بنفس الدرجة تقريبا من المصداقية (16 في المائة).
التشاؤم وعدم الثقة والاحتقار لسلطات النظام الديمقراطي والرأسمالي تغلغلت عميقا في وعي الجمهور الأمريكي.
جسور امريكا الآيلة للسقوط ليست فقط تعبيراً ملموساً عن الإهمال المتواصل للبنى القومية التحتية الأساسية بناءً على ذلك، بل أنها أيضاً رمز لانهيار المؤسسات الريادية في المجتمع الأمريكي من الداخل.
سنشهد «أياما سوداء» غير قليلة – وليس في البورصة فقط.
لان المسألة لا تتعلق بالاقتصاد هذه المرة يا غبي! – المسألة تتعلق بالثقة والإيمان.