تدمير العراق 1 مليون قتيل، 2 مليون جريح، 3 مليون مُشرّد- إبادة جماعية عرضية!!
يتطلب ارتكاب إبادة جماعية توفر ركنين ضروريين:
الأول- الركن العقلي، ويعني توفر القصد، كلياً أو جزئياً، لتدمير شعب، جماعة عرقية أو مجموعة دينية.
الثاني- الركن المادي، ويتضمن أي من العناصر التالية: القتل أو التسبب بالإيذاء الخطير، عقلياً أو جسدياً، لمجموعة من الناس، إفساد مقصود لظروف الحياة باتجاه تدمير شروط الحياة المادية لجماعة، كلياً أو جزئياً، فَرضْ معايير موجهة لمنع الولادات أو النقل الإجباري للأطفال من جماعة إلى أخرى.
مع الأخذ في الاعتبار هذه اللهجة الواضحة المقتبسة من معاهدة الأمم المتحدة التي تُلزم بشكل طبيعي بلدنا (الولايات المتحدة الأمريكية)، عندئذ فالأمور الحاصلة تُثير القلق والإزعاج- بخاصة، عند إدراك أن حكومتنا، منذ إعلانها الحرب الاقتصادية والعسكرية على العراق، قتلت أكثر من مليون عراقي، والرقم يتجه سريعاً إلى المليونين.
في هذا الصيف يكون قد مضى عام واحد على نشر الباحثين في جامعة جونز هوبكنز نتائج دراستهم الميدانية التي تضمنت موتاً إضافياً لـ655 ألف عراقي بسبب الحرب. وبعد ذلك سارت الأمور فقط من سيء إلى أسوأ، مع ملاحظة أن الحرب الاقتصادية سبق وأن قتلت نصف مليون طفل عراقي دون الخامسة خلال سبع سنوات فقط من فترة المقاطعة التي فُرِضَتْ على امتداد تجاوز اثني عشر عاماً، حسب تقرير الأمم المتحدة.
استناداً إلى دراسة جونز هوبكنز للقتلى العراقيين أثناء الحرب/ الاحتلال، يمكن للمرء أن يُقدّر وبشكل متحفظ عدد الجرحى بحدود 2.6 مليون. من جهة أخرى، تُقدّر الأمم المتحدة بين 1.5- 2.6 مليون عراقي من «المشردين دولياً» نتيجة الحرب. كما أن آلافاً من الأطباء والجامعيين وأهل الفكر والخبرة هربوا من وطنهم.
إذا كنت جالساً وفي حالة صحية ملائمة، حاول استحضار الظروف العراقية نفسها هنا في بلدنا (أمريكا). أبدأ مع حقيقة أن قلّة قليلة من الناس قادرون على شراء زجاجات المياه الصحية، بينما أغلب الناس يواجهون خيار استخدام المياه غير الصحية في طعامهم وشرابهم.. يصلنا التيار الكهربائي فقط على 3-4 ساعات يومياً لتدبير أمور الطبخ واتقاء حرارة الصيف التي تصل إلى حدود 40 درجة مئوية.. غياب المستشفيات الملائمة والمؤسسات الصحية لمعالجة مصابينا.. ولادات ناقصة- مشوهة بسبب استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب على مستوى بلادنا.. معاناة الناس من فقد أحبائهم في ظروف العنف والرعب وفرق الموت.. ثم أفتح قلبك ومشاعرك لمعاناة هؤلاء الناس في العراق!!
وتخيل أن ملايين الناس في العديد من مدننا الأمريكية أصبحوا مشردين من ديارهم، يعيشون مع أصدقاء أو أقرباء أو في معسكرات أو تحت الجسور.. واحد من كل أربعة أطباء، على الأقل، تركوا البلاد.. العام السابق فقط تم خطف 3000 وقتل 800 طبيب.. باختصار، لا أحد «في الخارج» يأتي لإنقاذنا.. كيف سنعيش!؟.. في جحيم!؟
بطبيعة الحال لم تكن في نيّة حكومتنا ارتكاب مجازر جماعية.. إنها وقعت كحادثة فقط ضمن الحوادث الجارية (تحصيل حاصل!). العراقيون يستمرون في العيش في جحيمهم، ونحن مستمرون في محاولتنا «إنجاز المهمة!». حدثت أخطاء ونحن نُقيم ديمقراطيتهم، ولكن لم تكن هناك نيّة مقصودة لتنفيذ مجازر جماعية.. وبعد كل هذا نحن مَن يُقرر دولياً إذا كان ما حدث هو مجازر جماعية أم لا، ونحن نعلم جيداً فيما إذا توفرت النيّة لهذه الإبادة الجماعية أم لا.. إنها فقط «مجازر جماعية عرضية!!»
■ مايك فيرنر/ شبكة أوروك
ترجمة: د. عبد الوهاب حميد رشيد