فنزويلا والبرازيل.. مناورة «الأمريكي» في الساحة اللاتينية
تؤجج الولايات المتحدة الأمريكية نيران محاولاتها لإزاحة الحكومات اليسارية في أمريكا اللاتينية، ورفع منسوب الصراع في تلك البقعة من العالم، باستخدام أساليب «الثورات الملونة»، مع محاولة إظهارها بأنها تغييرات دستورية تقودها المعارضة في الدول المعنية.
في بداية شهر أيلول الحالي، وصلت الأزمة التي تضرب البرازيل إلى نتيجة عزل الرئيسة اليسارية المنتخبة، ديلما روسيف، وتولي الرئيس اليميني، ميشال تامر، سدة الحكم، إثر القيام «بانقلاب دستوري»، صوت خلاله مجلس الشيوخ البرازيلي على عزل روسيف بـ62 صوتاً، مقابل 22 صوتاً مع بقائها، وسط دور واضح للولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في الشؤون البرازيلية، وتجاهل إعلامي دولي لهذا الدور.
برازيل الـ«بريكس»
الأزمة البرازيلية هي قضية أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، وقوة عالمية صاعدة «سابع اقتصاد عالمي»، وإحدى بلدان مجموعة «بريكس» الدولية التي يمكن أن تعيد تشكيل العالم في ظل التغييرات العالمية الحالية، لتواجه البلاد اليوم موضوع الفساد والأزمة الاقتصادية.
البرازيل كانت في حالة تراجع، وعندما انتخبت روسيف عام 2010، أصبحت البرازيل سابع أكبر اقتصاد في العالم، واعترف بها بصفتها قوة ناشئة، وأظهرت قوتها من خلال استقبالها مباريات كأس العالم عام 2014، والألعاب الأولمبية هذا العام، ونجاحها في تخفيف الفجوة في مستويات الحياة كان نموذجاً عالمياً لدول «الجنوب العالمي».
وقد أدى انهيار أسعار السلع إلى وقف عقد من الازدهار في التصدير، وهو ما أدى إلى توتر اجتماعي، وتظاهرات في الشوارع، وسخط شعبي، ومعارضة داخل الطبقة المتوسطة، وهو ما دفع المعارضين لحزب العمال الذي تقوده روسيف إلى استغلال حالة الاحباط هذه. ومع ذلك، فإن القوى اليمينية التي خرجت تبحث عن حكومة «أنظف» حسب تعبيرها، عندما تم الكشف عن العمولات والتعاملات المالية، تبين أنها ليست أنظف من الحكومة السابقة.
الكثير ممن طبلوا للإطاحة بروسيف، هم ذاتهم الذين يأملون ألا يلتفت إليهم قضاة مكافحة الفساد. والطبقة التي تسببت بانهيار أسعار السلع في البرازيل، هي ذاتها المتضررة من برامج حزب العمال، وهي ذاتها التي تعيش على الفساد، وتسبب التباطؤ الاقتصادي في البلاد.
فنزويلا البوليفارية
ذكرت الحكومة الفنزويلية يوم الجمعة 2 أيلول أنها أحبطت مخططاً لتنفيذ انقلاب عنيف خلال الأسبوع الذي سبق ذلك التاريخ، بينما خططت المعارضة لمواصلة الضغط عقب أكبر مسيرة احتجاجية تنظمها منذ أكثر من عقد من الزمن.
ويعتزم ائتلاف المعارضة تنظيم المزيد من المسيرات، للمطالبة بإجراء استفتاء على عزل الرئيس، نيكولاس مادورو، هذا العام، وذلك عن طريق تشجيع المسيرات في كراكاس. ومع رفض الرئيس مادورو لمثل هذا الاستفتاء، فمن الصعب معرفة كيف يمكن للمعارضة أن تفرض تنفيذه.
كانت مظاهرات الثاني من أيلول تحمل شعار «السيطرة على كاراكاس» وتدعي المعارضة سلمية المظاهرات، بينما أعلنت الحكومة الفنزويلية، وكذلك الرئيس مادورو، عن إحباط محاولة انقلاب ومداهمة معسكرات تدريب مؤقتة قرب القصر الرئاسي مليئة بأسلحة معارك الشوارع التي كان يجري إعدادها على طريقة «الثورة الأوكرانية الملونة» الأخيرة.
وفي الوقت الذي أعلن فيه «تحالف الوحدة الديمقراطي» المعارض جدول التحركات المستقبلية بالتفصيل، جمعت الحكومة دبلوماسيين أجانب لتريهم كيف دلل اعتقال العديد من الناشطين وضبط أسلحة على أن هناك خططاً للإطاحة بمادورو بالقوة.
وقال وزير الداخلية، نستور ريفيرول، للدبلوماسيين: «أحبطنا الانقلاب الذي كان مخططاً.. اعتقال نشطاء في المعارضة هذا الأسبوع أدى لضبط أسلحة ومتفجرات في معسكر مؤقت يبعد بضعة كيلومترات عن القصر الرئاسي». فيما عقب وزير الخارجية دلسي رودريجيز قائلاً: «بالأمس منعنا مذبحة».
في المقابل، دعا معسكر رئيس فنزويلا، نيكولاس مادورو، أنصاره إلى التظاهر في « ولايات البلاد كلها»، رداً على التعبئة الجديدة للمعارضة، بعد نجاح مسيرتها «التاريخية» الأسبوع الماضي.
وقال إلياس جوا، وهو أحد المسؤولين في الحزب الاشتراكي، الاثنين 5/أيلول: «سنقوم بالحشد في ولايات البلاد كلها للتعبئة من أجل السلام»، متهماً المعارضة بإثارة العنف للقيام بانقلاب. وأضاف خلال مؤتمر صحفي أن الحزب الاشتراكي «قرر تكثيف وتوسيع التعبئة لصالح السلام»، معتبراً أن «التعبئة الشعبية هي أفضل ترياق ضد العنف، وضد الانقلابات».
وكانت المعارضة الفنزويلية قد أعلنت الأسبوع الماضي أن أكثر من مليون شخص تظاهروا في كراكاس، فيما قدرت الحكومة عددهم بـ30 ألفاً.