اختراق الأجواء السورية.. والرسائل الداخلية

لاشك أن قيام بعض الطائرات الإسرائيلية بالتسلل إلى الأجواء السورية ودخولها إلى عمق بلادنا الشرقي يحمل أكثر من مضمون، ولكن يبقى أهم هذه المضامين على المستوى الوطني، ورب ضارة نافعة، هو تذكير البعض من الساهين أو الغافلين أو المتعامين أن المواجهة مع الإمبريالية العالمية ورأس حربتها باتت وشيكة، ويجب أن نعد لها ما استطعنا من قوة..

والخطير في الأمر، أن الشعب السوري الصابر على الشدائد الداخلية والخارجية، لم يستطع أن يولي الأمر ما يستحقه من اهتمام، بسبب انشغاله الكبير باستحقاقات أخرى كثيرة بدأت تطرق بابه بقوة:
افتتاح المدارس وهمومها الثقيلة، شهر رمضان ومتطلباته، مؤونة الشتاء أو (المونة) كما يسميها السوريون، خصوصاً وأن هذه الاستحقاقات يواكبها «تخبيصات حكومية» ما أنزل الله بها من سلطان: طروحات مريبة برفع الدعم، فوضى عارمة في الأسواق، تفاقم أزمات النقل والتعليم والصحة والسكن والكهرباء ومياه الشفة وغيرها...
صحيح أن هذه الاعتداءات والتلويحات المستمرة بالحرب لطالما حدثت من قبل، ومر العديد من مثيلاتها على هذا الشعب، لكن المختلف هذه المرة، أن الناس بحالة شديدة من الاغتراب عن الهم الوطني، رغم أن غالبيتهم يشعرون أن المرحلة الراهنة حبلى بالأحداث الجسام، خصوصاً وأن الأوضاع في الدول المجاورة لسورية في حالة متزايدة من الغليان وعدم الاستقرار، بدءاً من العراق المشتعل مقاومةً من جهة واقتتالات مشبوهة من جهة أخرى، مروراً بفلسطين ولبنان اللتين أنهكتهما الانقسامات الداخلية وتناقض المشاريع بين المقاومين والممانعين وبين المساومين، وصولاً إلى إيران التي لا يستبعد السوريون عملاً عسكرياً أمريكياً- إسرائيلياً ضدها في أي وقت..
السوريون الذين يئنون بشدة هذه الأيام من وطأة الغلاء وتردي أحوالهم المعيشية، كانوا منذ سقوط بغداد بأيدي القوات الأمريكية، وربما قبل ذلك، يتوقعون عدواناً أمريكياً أو صهيونياً عليهم، وارتفعت مؤشرات ذلك لديهم بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وما تلا ذلك من خروج قواتهم الوطنية من لبنان والذي رافقه اتهامات لمسؤولين سوريين بضلوعهم بعملية الاغتيال، وقد كانوا مع كل هذه الأحداث المتصاعدة نحو الأسوأ على درجة كبيرة من الحماسة لمواجهة التحديات، بيد أنهم يبدون اليوم، مع تزايد الأعباء التي تثقل كواهلهم، أقل حماسة وأقل جدية في التعاطي مع القضايا الكبرى والأخطار التي تتعرض لها البلاد.. فهل يدرك الفريق الاقتصادي في الحكومة ما فعله بالناس؟؟