أحمد جبريل: إسرائيل أعدت جميع السيناريوهات لشن العدوان على سورية!

من باب الإحاطة قدر الإمكان بقراءات مختلف القوى السياسية العربية للوضع في المنطقة وبخصوص سورية، نعيد فيما يلي نشر مقاطع من اللقاء الذي أجرته صحيفة القدس العربي أوائل الشهر الحالي مع أحمد جبريل، الأمين العام للجبهة الشعبية-القيادة العامة:

■ هل ستقود العمليات الإسرائيلية الأخيرة ضد سورية في نهاية المطاف إلى عدوان إسرائيلي أمريكي ضدها، وربما أيضاً ضد إيران؟

هناك مخطط إسرائيلي أمريكي وبتواطؤ عربي لتغيير ميزان القوي في منطقة الشرق الأوسط، باعتقادي إسرائيل أعدت جميع السيناريوهات لشن العدوان على سورية، ولكنهم ما زالوا يفكرون أين سيوجهون الضربة، التي ستخرج إلى حيز التنفيذ قريباً جداً، إنهم يفكرون هل ستكون الضربة على جبهة واحدة، أم ستكون على جبهات عدة، واقصد بذلك، أن الإسرائيليين لم يتوصلوا حتى الآن إلى نتيجة حتمية، هل في حال قيامهم بالاعتداء عسكرياً على سورية، سيؤدي إلى تدخل إيران عسكرياً، والأمر الثاني هل العدوان سيؤدي أيضاً إلى قيام المقاومة اللبنانية وفي مقدمتها حزب الله، بالتدخل وتوجيه الضربات الصاروخية إلى العمق الصهيوني. فقط أريد أن أؤكد في هذا السياق أن الحرب القادمة على الأبواب لن تكون في مصلحة العدو الصهيوني ولا في مصلحة الإدارة الأمريكية.

إن العدو الصهيوني يرى في سورية الحلقة الأضعف في المنطقة ولذلك يريد توجيه الضربة العسكرية لها، وبالتالي أنا استبعد أن تكون الضربة لإيران، أو أن توجه ضربة للبنان بسبب وجود القوات الدولية التي أرسلت إلى الجنوب اللبناني بقرار من مجلس الأمن الدولي.

بالنسبة للعملية العسكرية الإسرائيلية ضد سورية، اعتقد أن العدو الصهيوني سيختار مناطق معينة في سورية لضربها من الجو لفحص مدى جاهزية الدفاعات الجوية السورية، أو بالمقابل أن تقوم القوات الإسرائيلية بالتقدم البري من على جبال حرمون في مواقع تشرف على العاصمة السورية، ويتحاشوا في تقدمهم التجمعات السكانية السورية، والتي يمكن أن تسبب لهم إشكالات في استمرار الاحتلال.
 
■ أنا لا استبعد أن تقوم طائرات إسرائيلية بغارات علينا نحن الفلسطينيين في سورية، ولا استبعد استهداف القيادات الفلسطينية في دمشق، وإذا لم ترد سورية، سيقول الناس: بالأمس اخترقوكم واليوم يغتالون القيادة الفلسطينية، وهذا سيفقد سورية نوعا من رصيدها. لماذا سورية؟ ماذا تريد تل أبيب وواشنطن من هذه الدولة العربية؟

سورية اليوم موضوعة أمام خيارين، الواحد أصعب من الآخر: الأول أن ترضى بالإملاءات الأمريكية والأوربية وأيضاً التواطؤ العربي الذي يخشى من التحالف بين سورية وإيران، السبب الثاني فك الارتباط بين سورية وبين حزب الله، ثالثا، فك الارتباط بين سورية وبين القوى الفلسطينية المعارضة للاستسلام والمؤمنة بالمقاومة لدحر الاحتلال الصهيوني في فلسطين، هذا هو الخيار الأول، وهذا هو الخيار الأصعب، الخيار الثاني هو أن يقوموا بشن هجوم عسكري على سورية للاستفراد بها، ولكن هذا الموضوع يتم الترتيب عليه من إسرائيل وبمعرفة الولايات المتحدة الأمريكية، واعتقد أن هناك بعض الأنظمة متواطئة مع هذه الضربة ضد سورية، لكن في إسرائيل وأمريكا يدرسون هل العلاقة السورية الإيرانية ستؤدي في حال الهجوم على سورية إلى تدخل القوات العسكرية الإيرانية، وأيضاً يدرسون مدى تأثير إيران والتدخل الإيراني ضد إسرائيل ومدى فاعليته ضد إسرائيل. الموضوع الثاني هم ينظرون إلى قوة الردع السورية في مجال الصواريخ، هل سورية قادرة على الاستمرار في الحرب وضرب العمق الصهيوني في تل أبيب وحيفا وأسدود وبئر السبع، وكل المناطق، لمدة شهر ونصف الشهر أو أكثر. وبالتالي إذا وصل الإسرائيليون إلى قناعة بأنهم يملكون المقدرة على تحييد الصواريخ السورية خلال أيام معدودة، وإذا وصلوا إلى قناعة بأن حزب الله وإيران لن يتدخلا في حال ضرب سورية، ولن يستعملا ترسانتهما العسكرية، فانا اعتقد أن الإسرائيليين والأمريكيين سيقومون بتوجيه الضربة العسكرية لسورية في أقرب فرصة ممكنة، أي في المستقبل القريب جداً.

أما ماذا ستكون نتائج هذه الحرب، فأعتقد أن هذا الأمر لن يخدم لا أمريكا ولا إسرائيل، سورية تعلمت أن إسرائيل يمكن أن تبدأ الحرب، ولكنها لا تستطيع أن تحدد متى ستنتهي.

اعتقد أن الإسرائيليين قد يتمكنون من ضرب الأماكن الحساسة والحيوية في سورية، (ويستطيعون أن يتقدموا، ولكن الأخوة السوريين لن يتوقفوا عن الدفاع عن بلادهم وسيواصلون الحرب مع العدو الصهيوني، وبالتأكيد نحن الفلسطينيين في سورية لن نقف مكتوفي الأيدي، نحن سنكون في المواقع الأولية والمتقدمة، واعتقد أن حزب الله من فهمي لقيادته، سيكون أيضاً شريكا في هذه المعركة.

■ عندما تقول الأنظمة العربية المتواطئة، هل تقصد الأنظمة العربية المصنفة أمريكياً وإسرائيلياً بأنها معتدلة؟

طبعا بالتأكيد اقصد هذه الدول. وان كنت لا أريد أن اسميها، فانتم تعرفونها، والمواطن العربي يعرف ذلك بشكل جيد، وهي تنسق بشكل يومي مسألة الاعتداء على سورية مع الإسرائيليين والأمريكيين، كما نسقت في حرب تموز الماضية على لبنان، وأقول أكثر من ذلك، إن هذه الأنظمة المتواطئة مطلعة على المخططات الأمريكية والإسرائيلية للعدوان على سورية، هم يعتقدون أنهم إذا نجحوا في ضرب سورية فمعنى ذلك انه سيتم خلق وضع جديد في لبنان، عملاء أمريكا في لبنان يعتقدون انه إذا نجحت إسرائيل في ضرب سورية، فان العملاء سيكون بمقدورهم ضرب الأطراف الفلسطينية في لبنان، الرافضة للاستسلام والتسويات وستكون عندها الساحة مفتوحة أمام محمود عباس، يعتقدون أنهم إذا ضربوا سورية فسيكون لهذا الأمر تأثير كبير على الوضع في العراق، وبعدها يمكن أن يفكروا في متابعة برنامجهم القاضي أيضاً بتوجيه الضربة لإيران أم لا.

اعتقد أن إيران ستكون مستهدفة، ولكنها تملك أوراقا تخيف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وتجعلهما لا يعدان فقط للعشرة، إنما للمائة أو للألف حتى يخرجوا قرار ضرب إيران إلى حيز التنفيذ. أما الآن فان الخطة هي الاستفراد بسورية، (..) وأؤكد أنه لن يمر بسهولة، (بل) سيغير ويقلب المفاهيم وموازين القوى في المنطقة، (..) وأنا متأكد أن هذه المعركة ستستمر أشهرا وتفتح بوابات لم تكن مفتوحة في السابق.