أرض الميعــــاد
يظن الكثيرون أن أرض الميعاد في الطروحات الصهيونية والاستعمارية هي فلسطين، غير أننا بالرجوع إلى التوراة نجد أرض الميعاد شيئاً آخر.
لقد جاء في سفر التثنية، الإصحاح الأول:
«الرب إلهنا كلمنا في حوريب قائلاً، كفاكم قعود في هذا الجبل، تحولوا وارتحلوا وأدخلوا جبل الآموريين وكل ما يليه من العربة والجبل والسهل والجنوب وساحل البحر أرض الكنعاني ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات. انظر قد جعلت أمامكم الأرض أدخلوا وتملكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم وإسحق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم»
وجاء في سفر يشوع، الإصحاح الأول: «وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلاً: موسى عبدي قد مات. فالآن قم أعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل. كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما علمت موسى. من البرية ولبنان هذا النهر الكبير نهر الفرات جميع أرض الحثيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم»
طبعاً مهما كان الإنسان متديناً، فلا يعتقد منطقياً أن الخطاب الذي كان موجها إلى القبائل اليهودية أيام النبي موسى هو نفسه موجه إلى يهود العالم الآن، غير أن الإدارة الأمريكية، والصهيونية الدولية اعتبرتاه موجهاً إلى يهود اليوم، وتحركتا منذ أواخر القرن الماضي في اتجاه تحقيقه، فالإدارة الأمريكية تحققه بدلاً من الرب(؟).
يظهر أن الإدارة الأمريكية تحقق الكثير نيابة عن الرب، فهي تحقق الأنظمة الدينية المسيحية والإسلامية واليهودية والبوذية في مختلف أصقاع العالم، تحققها من أجل البترول ومن أجل السيطرة الاستعمارية ومن أجل العولمة (الأمريكية).
وبالنسبة لأرض الميعاد، فإن الإدارة الأمريكية والصهيونية الدولية تكذبان، فلم يكن الأمر هو حصول «أرض بلا شعب» لـ «شعب بلا أرض» فالنصوص التوراتية تطلب من القبائل اليهودية القديمة فتح البلاد وطرد سكانها الآموريين والكنعانيين والحثيين، الخ. والإدارة الأمريكية تعمل اليوم على احتلال البلاد.
والصهيونية العلمانية قد يكون إيمانها رقيقاً بالتوراة، غير أن إيمانها قوي بالاستعمار، وبولي النعمة الأمريكي طبعاً ما عدا التقدميين اليهود، الذين يعادون الاستعمار، والذين أعطوا للتاريخ التقدمي الإنساني إضاءات ساطعة.
ومفهوم «أرض الميعاد» لدى الإدارة الأمريكية، من الجدير أن يجعلنا نفهم، ماذا تعني التعابير: «99 % من أوراق الحل بيد أمريكا» وأي حل هو الحل الأمريكي، و«الضغط على إسرائيل» من أجل كذا وكذا، و«الرعاية الأمريكية» للمفاوضات أو لغيرها، و«الشرق الأوسط الجديد» إلخ.
اليهود عاشوا بسلام قليلاً أو كثيراً مع مختلف الشعوب، وبوجه خاص مع شعوب الشرق الأوسط، وليست مشكلة العرب أو الشرق أوسطيين معهم دينية، وإنما مشكلة هؤلاء هي مع المد الاستعماري الخطير، الذي يتلبس لديهم مع الدين تارة، ومع التمييز العنصري تارة أخرى ومع القيم الديمقراطية والإنسانية تارة ثالثة، فيلتبس عليهم موضوع الدفاع عن النفس.
ووضوح أمن الدفاع عن النفس لدى شعوب الشرق الأوسط يؤلف ضرورة حيوية من أجل حياة تلك الشعوب وحياة أجيالها.
■■
ورد في مقالة الأستاذ محمد الجندي المنشورة في العدد 365 تحت عنوان «حكم الزعران» خطأ إملائي - تقني في الشق الإنكليزي من العنوان والصحيح هو:
Rogue-cracy ما اقتضى التنويه..!