تصعيد اليمن: وقت سياسي مستقطع..!

تصعيد اليمن: وقت سياسي مستقطع..!

تم تعليق المفاوضات بين الأطراف اليمنية، بعد ثلاثة أشهر من انعقادها، على أن تستأنف في مكان آخر بعد شهر، بحسب ما أورده المبعوث الدولي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد. وإلى حينه، فإن الصراع عاد إلى ساحات القتال مجدداً، ويستمر على الجبهة السياسية التي تشهد مشاورات باتت أبعد من طاولة الكويت..

في المراحل التي تسمح لقوات الرئيس، عبد ربه منصور هادي، والفصائل الموالية له بالتقدم نحو العاصمة صنعاء، تعود المقامرة على إجبار جماعة «أنصار الله» وقوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على تسليم العاصمة صنعاء قبل الحديث عن الانتقال السياسي، وتحديداً بعد الاقتراب من العاصمة عبر محور فرضة- نهم، الذي تفصله عن العاصمة اليمنية سلسلة جبال «نقيل بن غيلان».

المعارك الأكثر دموية

يصعب على قوات الرئيس هادي مدعوماً بطيران التحالف اجتياز سلسلة الجبال «نقيل بن غيلان»، إذ أدت البوادر الأولى لمحاولات التقدم إلى حالة استنزاف عالية التكاليف للقوات المهاجمة، وبالتالي، فإن محاولات المغامرة لانتزاع المكاسب السياسية عسكرياً تبقى بعيدة المنال، لكن على ما يبدو، فإن الضغط السياسي الذي وضعته جماعة «أنصار الله» وحزب الرئيس السابق صالح على حكومة هادي بعد تشكيلهم للمجلس السياسي يدفع بـ«الحكومة الشرعية» ومن خلفها السعودية، إلى الرمي بمقدرات اليمن وأبنائها إلى المحرقة، للوصول إلى نصر سياسي قبل الجولة الجديدة من المفاوضات.

الدليل على تعنت السعودية، وإصرارها على تصعيد المعركة هو ردود الفعل الداخلية والخارجية، التي جاء أولها على لسان مدير دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع اليمنية، العميد محسن خصروف، الذي أشار إلى أن هناك ضغوطاً دولية تمنع أي تقدم باتجاه صنعاء لأن ذلك سيؤدي إلى كارثة إنسانية لم تعرف لها البلاد مثيلاً.

الجدير بالذكر هنا، أن صنعاء يقطنها حوالي ثلاث ملايين نسمة، وانتقال المعارك إلى داخلها، بالتزامن مع عزلها نسبياً عن باقي مناطق اليمن، يعني وصول الكارثة الإنسانية إلى حدود غير مسبوقة. 

وفي هذا الصدد، أعلن السفير الروسي في اليمن، فلاديمير ديدوشكين، أن قضية خطيرة معقدة تتشكل حول الأزمة اليمنية، بعد تصعيد الوضع الأمني هناك، في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الغرب يتجاهل الوضع الإنساني المتدهور في اليمن، واصفاً إياه بالكارثة الإنسانية.

مواجهات سياسية ضيقة

في 15/آب الجاري، سلم رئيس «اللجنة الثورية» التابعة لجماعة «أنصار الله» الرئاسة والقصر الجمهوري في صنعاء صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الذي يجمع «أنصار الله» وعلي عبد الله صالح، أي أن «اللجنة الثورية» التي أدارت مؤسسات الدولة المسيطر عليها من قبل الجماعة قد سلمت صلاحياتها للمجلس الجديد، وانتقلت المعركة بعدها إلى مكان آخر، وهو المجلس النيابي، حيث تحاول «أنصار الله» وصالح انتزاع الشرعية من الرئيس عبد ربه منصور هادي.

وفي هذا الصدد، فشل نواب البرلمان اليمني المطالبين بإعلان شغور مقعد رئيس الجمهورية، حيث لم يكتمل النصاب القانوني لإجراء التصويت المذكور، وكان هادي قد أكد قبل ذلك في رسالة وجهها إلى أعضاء مجلس النواب، أن القرارات التي قد يتخذها البرلمان «منعدمة الآثار القانونية»، مهدداً النواب المطالبين بإعلان شغور مقعد رئيس الجمهورية بملاحقة قضائية.

لا تتعدى هذه المحاولات من البوابات الخلفية سياسياً مستوى الضغط على عناصر الخلاف الأساسية التي توقف عندها النقاش في الكويت، والمرتكزة على قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216» الخاص بالأزمة اليمينة، وتتجاهل القوى الدولية العاملة على حل الأزمة اليمنية على اختلاف مشاربها تلك الإعلانات أحادية الجانب، لتأريضها وعدم تحويلها إلى ورقة سياسية تزيد من تعقيد الأزمة المعقدة أصلاً.