. «نيويورك تايمز»أسرع انكماش للاقتصاد الأمريكي خلال خمسين سنة
يتقلص الاقتصاد الأمريكي بأسرع معدل له منذ خمسين سنة، حسبما صرحت الحكومة الأمريكية. كانت الشهور الستة الأخيرة الماضية قاسية.
انخفض الإنتاج بمعدل سنوي بنسبة 6.1% في الربع الأول من العام الحالي بعد انخفاضه بنسبة 6.3% في الربع الأخير من العام الماضي، وفقا لمصادر وزارة التجارة. إذا استمر تدهور الاقتصاد بهذه السرعة، سيقضي ذلك على 1 تريليون دولار هذه السنة من الناتج القومي الذي بلغ 14.2 تريليون دولار في العام الماضي. لم يتعرض الاقتصاد لمثل هذه الخسائر الكبيرة في ستة شهور فقط منذ عام 1958، في أعقاب الانهيار الخطير الذي أصاب بناء المساكن.
ابتلع الركود الاقتصادي، الذي بدأ في كانون الأول 2007، خمسة ملايين وظيفة. وبينما تختفي الأجور والمرتبات ينخفض إنفاق المستهلكين، ورداً على ذلك تقوم الشركات بتخفيض إنتاجها من البضائع والخدمات وبالتالي ترمي بمزيد من العمال إلى صفوف البطالة. إن «دورة الكلب يطارد ذيله» كانت واضحة في التقرير الأخير حول الناتج الإجمالي القومي، ماعدا ما يتعلق بإنفاق المستهلكين الذي ارتفع إلى أفضل أحواله منذ بداية الركود. قال الاقتصاديون بأن الانخفاض الحاد في أسعار الوقود ساعد على تحرير أموال لإنفاقها على حاجات استهلاكية أخرى.
«العامل الحاسم الذي لايمكن التنبؤ به هو فيما إذا كان ذلك الإنفاق قادراً على الاستمرار» قال براين بيثون، اقتصادي في مؤسسة «آي اتش اس غلوبال انسايت». بعد اجتماعات على مدى يومين، قال صانعو السياسة في الاحتياطي الفدرالي، مرددين تفاؤلهم الأولي، بأن المستقبل القريب «سيشهد تحسناً طفيفاً» وأن الاحتياطي الفدرالي سيستمر بضخ عشرات المليارات من الدولارات في شرايين الاقتصاد للحفاظ على استمرار جريان عمليات القروض والائتمان. قالوا أيضاً بأن معدلات الفائدة التي يتحكم فيها الاحتياطي الفدرالي ستبقى قريبة من الصفر وذلك من أجل تشجيع الاقتراض والإنفاق. ضمّ بول فولكر، مستشار الرئيس أوباما ورئيس سابق للاحتياطي الفدرالي، صوته إلى جوقة المتفائلين، لكن بشكل حذر، حيث قال «لست هنا لأخبركم بأن الاقتصاد سيتعافى بقوة كبيرة على المدى القريب» لكنه قال إن تحسن الاقتصاد كان كافياً لتجنب حزمة تحفيز حكومية ثانية إضافة لسابقتها البالغة 787 مليار دولار في الإنفاق والإعفاءات الضريبية التي حدثت في شباط.
على كل حال، العائق الذي يقف في وجه عمليات إقراض وائتمان سهلة صدر عن وزارة المالية، حيث أعلنت في تقرير لها صدر مؤخراً بأنها ستزيد من إصدارات سندات خزينة مدتها 30 سنة. تحتاج الحكومة لهذه الموارد من أجل تمويل مئات البلايين من الدولارات التي تنفقها في عمليات إنقاذ البنوك والتحفيز الاقتصادي. لكن الخطى المتسارعة لتدهور الاقتصاد قد تضطر الحكومة إلى رفع معدلات الفائدة للمدى الطويل لاجتذاب مشترين بما يكفي للسندات التي تصدرها– عمل قد يؤدي بدوره إلى إعاقة عمليات الائتمان ومنح القروض.
حذّرت لجنة استشارية خاصة لوزارة المالية في تقرير لها بأن الحاجة الكبيرة والمتسارعة للحكومة في اقتراض الأموال سيكون له تأثير ثقيل الوطأة على الأسواق المالية وسيؤدي إلى أن يطالب المستثمرون بمعدلات أعلى للفائدة مقابل شرائهم الكتلة الضخمة من السندات الجديدة. حتى الآن، لم يكن ذلك مشكلة،قال التقرير، حيث تلقف المستثمرون سندات الخزينة كملاذ لأموالهم في عالم اقتصادي مضطرب، واستثمرت الصين عائدات الفوائض التجارية الكبيرة في سندات الخزينة الأمريكية. «لكن على الأرجح لن تلقى وزارة المالية هذه المعاملة المفضّلة المطلوبة نفسها، من أي من هذين المصدرين خلال الأرباع الثلاثة المتبقية» قال تقرير اللجنة الاستشارية.
يبرز إنفاق المستهلكين كنقطة وحيدة مهمة مضيئة في التقرير الجديد القاتم لوزارة المالية عن النشاط الاقتصادي، الذي أعلن عن انخفاضات متتالية خلال الأرباع الثلاثة الماضية.
الاستيراد، المصدر الكبير من مصادر الاستهلاك في البلاد، انخفض بحدّة وانخفض معه التصدير. كما انخفضت أيضاً مشاريع الاستثمار. ولتزيد الأوضاع سوءاً، انخفض بحدة أيضاً الإنفاق الحكومي على مستوى الولاية والمناطق، الذي من المفترض أن يعكس الاتجاه ويبدأ بالارتفاع في الربع الحالي بينما يبدأ أثر فعل حزمة التحفيز البالغة 787 بليون دولار هذا الربيع. في الواقع، يستند الكثير من الاقتصاديين على الإنفاق الفدرالي وأموال صغيرة مفاجئة لتخفيف حدة الركود خلال الأشهر القادمة. مثال: سترسل إدارة التأمينات الاجتماعية مبلغ 250 دولار في أوائل أيار لكل واحد من الملايين المستفيدين المتقدمين في السن.
قال روبرت باربيرا، كبير الاقتصاديين في «آي تي جي»، المجموعة التكنولوجية للاستثمار، «ستلعب هذه السياسات المالية من تحفيزات اقتصادية وإعفاءات ضريبية وإعانات اجتماعية مالية دوراً هاماً في رفع معدلات النمو الاقتصادي بشكل تدريجي».