لمصلحة من الدفاع عن المعاهدة الأمريكية العراقية؟

من المعروف لدى جميع أبناء الشعب العراقي، وكل القوى الوطنية والديمقراطية فيها، أن جوهر أهداف المعاهدة التي يطرحها الأمريكيون مع العراق هو احتلاله رسمياً، وبموافقة عراقية رسمية، وإقامة العديد من القواعد العسكرية في مختلف مناطق العراق، مهمتها ليست فقط ضد الشعب العراقي، بل ضد كل قوى الممانعة للمخططات الأمريكية في المنطقة. 

والجميع بات يعلم في العراق وخارجه ما ارتكبه الأمريكيون وما سمي «بقوى التحالف» من جرائم، ونهب، وسلب، وتمزيق، وتشتيت، وإفقار، وتجويع. وأخطر ما ارتكبوه هو إثارة وتسعير النزاعات الطائفية والقومية والعشائرية، وهذا ما لم يتعود عليه الشعب العراقي خلال تاريخه الطويل إلا أيام نظام صدام الدكتاتوري البائد والاحتلال الأمريكي حالياً.

لم يعد مقبولاً أبداً أن تصرح بعض القيادات العراقية ومنهم بعض القيادات الكردية بالموافقة على المعاهدة الأمريكية العراقية والقبول بها بالشكل الذي يفرضه الأمريكيون أو الاستقواء بالقوى الخارجية المعادية، في الوقت الذي يجري في أكثر مدن العراق وفي مناطق مختلفة من العالم مظاهرات واحتجاجات ضد الاحتلال الأمريكي وجرائمه بحق الشعب العراقي.

إن الاحتلال مرفوض عالمياً ولا يمكن أن يقبل الشعب العراقي بعربة وكرده وغيرهم من الأقليات والقوميات الأخرى بالاحتلال الأمريكي، وسيُطرد المحتلون والتكفيريون والإرهابيون من العراق عاجلاً أو آجلاً. فمن مصلحة الشعب العراقي التلاحم والوحدة والاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات وتحقيق الديمقراطية الوطنية والعدالة الاجتماعية والعلمانية والمساواة بعيداً عن التمييز بين مختلف أبنائه، وضمن تحالفهم مع شعوب المنطقة والأنظمة الوطنية فيها ضد السياسة الأمريكية وكل القوى المتحالفة معها.

أثبتت كل الأحداث في العراق وفي مناطق مختلفة من العالم بأن الأمريكيين والدول الاستعمارية الأخرى لم يكونوا يوماً ما مع قضية أي شعب في العالم وخاصة قضية الشعب الكردي، وإن تجربة الشعب العراقي مع الامبريالية الأمريكية أكبر دليل على ذلك، فتارة كانوا مع طائفة ضد أخرى والعكس بالعكس، ومرة مع الأكراد ضد العرب، ومع أكراد العراق ضد أكراد تركيا، ومع تركيا ضد الكرد، فالأمريكيون لا يهمهم سوى نهب شعب العراق وكل شعوب العالم، فواهمٌ كل من يفكر من الكرد بأنه يمكن أن تقف أمريكا إلى جانب قضية الشعب الكردي، وتجربة القائد الكردي الكبير ملا مصطفى البرزاني معهم أكبر دليل على ذلك حيث قال وهو على فراش الموت: «لا تثقوا بأمريكا».

لم يعد ينطلي على أحد من القوى الخيرة والواعية في العالم الدعايات الأمريكية وتسترها بالديمقراطية وحق الشعوب وحقوق الإنسان، فجرائمها في العراق وفي مناطق مختلفة من العالم تأكد بطلان هذه الإدعاءات.

إن الأزمات الخانقة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها الولايات الأمريكية المتحدة والدول الامبريالية الأخرى، التي لا تنتهي إلا بزوالها، تؤكد على زيف تلك الدعايات والتهديدات.

إن التآخي والتلاحم والاعتراف المتبادل بين مختلف أبناء الشعب العراقي وكل شعوب المنطقة وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والانتهاء من العقلية الشوفينية والتعصب القومي هو الكفيل بتحقيق الوحدة الوطنية وطرد كل المحتلين المستعمرين وإفشال مخططاتهم، وليس أبداً بالاعتماد أو الإستقواء بالقوى الخارجية وخاصة الدول الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية عدوة الشعوب والإنسانية برمتها.