شعبه يلغي الإقطاعية... دستورياً موراليس: «هنا تبدأ بوليفيا الجديدة»

وافق الشعب البوليفي بأغلبية تقارب 62 في المائة، على نص الدستور الجديد المطروح في استفتاء شعبي يوم الأحد 25 كانون الثاني، والذي يقضي، ضمن أمور أخرى، بنزع ملكية الأراضي التي تتجاوز مساحتها 5000 هكتار، وتوزيعها على الريفيين وأغلبهم من فقراء السكان الأصليين لبوليفيا، ولاسيما تلك غير المستغلة زراعياً أو غير ذات النفع الاجتماعي، إلى جانب امتلاك الشعب للموارد الطبيعية.

وقبل إعلان النتائج الرسمية للاستفتاء الذي جرى بإشراف 300 مراقب دولي، أعلن أول رئيس من السكان الأصليين للبلاد «إعادة تأسيس بوليفيا... وانتهاء الدولة الاستعمارية... بفضل وعي الشعب البوليفي».

«هنا تبدأ بوليفيا الجديدة على مبادئ المساواة، واحترام الشعوب الأصلية التي وصلت أعلى أمدية التاريخ، وإنهاء الاستعمار الداخلي والخارجي، والمزايدة على الموارد الطبيعية»، بهذه الكلمات حيّا الرئيس البوليفي اليساري، إيفو موراليس، من شرفة القصر الجمهوري في العاصمة لاباز، الحشود التي تجمعت للاستماع إلى كلمته بعد حصول الدستور الجديد على موافقة غالبية أصوات الناخبين.

من أهم التعديلات التي أدخلها الدستور الجديد:

انتقال الحقوق الهندية من مجرد الاعتراف بها إلى حيّز التنفيذ، حيث سيُمَثَّل الهنود من الآن فصاعداً في جميع مؤسسات الدولة. كذلك أقر الدستور الجديد اللامركزية الإدارية على مستوى المحافظات والبلديات والشعوب الهندية، وأعاد الاعتبار لملكية الدولة في موارد الطاقة ولدورها في الخدمات الأساسية، وفصل الدين عن الدولة، وهو ما يفسّر معارضة الكنيسة للمشروع الجديد.

وينص الدستور الجديد على تشييد دولة موحدة، اجتماعية وتعددية، تعترف بالقيم الثقافية وحق الأرض وحق الحكم الذاتي لشعوب البلاد الأصلية وعددها 38 شعباً، بما يضع حداً لـ138 عاماً من هيمنة الجماعات الاقتصادية والسياسية على الموارد الطبيعية والصناعة الزراعية والنظام المالي

كذلك تم تعديل القانون الانتخابي مؤسساً لدورة ثانية في الانتخابات الرئاسية، فيما كان الدستور القديم يعطي صلاحية انتخاب الرئيس للمجلس في حال عدم حصول أي مرشّح على الأكثرية المطلقة في الدورة الأولى.

وأجاز الدستور الجديد إعادة انتخاب الرئيس لولاية ثانية، رغم أن موراليس تخلى عن هذا الحق خلال التفاوض مع المعارضة. لكنه سيكتفي بالترشّح لولاية جديدة واحدة عند حصول الانتخابات في نهاية السنة الجارية. وبذلك، تدخل بوليفيا الآن في مرحلة انتقالية دقيقة، إذ أن نتائج الاستفتاء تؤثر على الأوضاع السياسية في بوليفيا، حيث تمارس أربعة أقاليم غنية بموارد الطاقة وخصوبة الأراضي (سانتا كروث في الشرق، باندو في الشمال، بيني في الشمال الشرقي، تاريخا في الجنوب) معارضة قوية لسياسات موراليس الاجتماعية والهادفة للنهوض بشعوب البلاد الأصلية التي تمثل الغالبية وتعاني من الفقر والجوع رغم وفرة الموارد الطبيعية.

في هذا الشأن، وغداة قيامه بتأميم شركة نفط من الاحتكارات الأجنبية، صرح موراليس أنه سيتم «استعادة الموارد الطبيعية إلى الأبد، ولن تستطيع أية حكومة محلية بيعها في مزايدات لكبرى الشركات العالمية»، في إشارة إلى ممارسات الحكومات المحلية للمحافظات المعارضة التي تسيطر عليها أغلبية من أصل أوروبي.

ويعني موراليس بالتحديد المادة 349 من الدستور الجديد التي تقضي بأن الموارد الطبيعية هي «ملك مباشر وغير قابل للتجزئة وأبدي لشعب بوليفيا»، وتعزز موقف الحكومة في المفاوضات العسيرة التي تجريها لاستعادة التحكم في احتياط الغاز الطبيعي الضخم- الثاني في الحجم بعد فنزويلا، ومحطات التكرير ومراكز إنتاج النفط، التي تسيطر عليه شركات أجنبية.

ونتيجة لهذه المفاوضات، نجحت الدولة في مضاعفة الدخل العام أربعة أضعاف لتوزيعه على الأقاليم وتوفير الخدمات لكبار السن والطلاب، ضمن مكاسب اجتماعية أخرى.

وسوف ترفع المحكمة الانتخابية الوطنية نتائج الاستفتاء النهائية إلى المجلس التشريعي لاعتمادها وتكليف الرئيس موراليس بتطبيق نصوص الدستور الجديد، وهو ما يقدر أن يتم في شهر شباط المقبل.

يذكر أن نحو 300 مراقب دولي من منظمة الدول الأمريكية والاتحاد الأوربي واتحاد أمم أمريكا الجنوبية ومركز كارتر في الولايات المتحدة ضمن جهات أخرى، قد تنقلوا بين مراكز الاقتراع وأعربوا عن ارتياحهم لعدم وجود حوادث تذكر في أثناء التصويت.

ومن المعروف أن موراليس، زعيم الحركة من أجل الاشتراكية، هو أول رئيس من الشعوب الأصلية في تاريخ بوليفيا وهو ينحدر من شعب أيمارا، وقاد نقابة مزارعي نبات الكوكا بمنطقة تشابارس وسط البلاد ، قبل انتخابه رئيساً في عام 2005 بعد أن حاز على أغلبية أصوات الناخبين.

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 00:05