البطالة تمتحن خطة أوباما التحفيزية
مع اختفاء 663 ألف فرصة عمل من الاقتصاد الأمريكي الشهر الماضي بلغ الرقم الكلي للأعمال التي ابتلعها الركود 5 ملايين، مما وضع رد الحكومة على الانكماش الاقتصادي تحت امتحان عسير. عندما وضعت خططها في كانون الثاني لإنفاق حوالي 800 مليار من أجل تحفيز الاقتصاد المتدهور عملت إدارة أوباما على أساس الافتراض بأن معدل البطالة سيصل إلى 8.9% بنهاية السنة هذه دون الإنفاق الاتحادي الإضافي. لكن بعد مرور ثلاثة أشهر فقط من السنة ارتفعت معدلات البطالة عالياً من 7.6% لتصل إلى 8.5%، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من ربع قرن. وقد ضاع بين كانون الثاني وآذار أكثر من 2 مليون فرصة عمل, وفقاً لتقرير التوظيف الصادر مؤخراً عن وزارة العمل.
إن حدة وحجم فقدان الأعمال في آذار الذي ابتليت به كل فروع الاقتصاد دفعت الاقتصاديين للاستنتاج بأنه سيحصل هبوط حاد وأليم في سوق العمل لاتزال تجلياته تتكشف للعيان. «إن هذا حقاً يصل تقريباً إلى أسوأ مايمكن أن يتخيله المرء» قال دين بيكر, مدير مركز البحوث الاقتصادية في واشنطن «إننا مع كل هذا لم نصل إلى القاع بعد. سنكون محظوظين لو توقف فقدان الأعمال بنهاية السنة».
إن سرعة انخفاض الإنفاق دفع إلى الحديث عن الحاجة إلى موجة جديدة من الإنفاق التحفيزي الحكومي وذلك ليلحق بـ787 مليار دولار التي تضخ الآن في شرايين الاقتصاد لإنعاشه. «ننتظر بوضوح انكماشاً اقتصادياً أسوأ مما كنا نتوقعه عندما وضعت خطط التحفيز الاقتصادي,» قال السيد بيكر, «سوف نحتاج إلى المزيد من حزمات التحفيز المالية حيث لاتزال نفس العوامل التي ضربت الاقتصاد وأفقدته توازنه تفعل فعلها الآن, مضافاً إليها إحجام البنوك عن الإقراض»
وبالوقت نفسه ينفر أصحاب العقارات وأصحاب الأعمال من الاقتراض والاستثمار نتيجة الخوف من مواجهة مجهول لايعرفون مدى خطورته. «إن الترقب بفقدان المزيد من الملايين لأعمالهم وبانخفاض أكبر في أسعار العقارات قد تحول إلى حقيقة. تجاهد الشركات لتخفيض التكاليف في مواجهة توقعات متشائمة بالبيع ومحاولة تقليص قوة العمل لديها، وبالتالي يزاح المزيد من رواتب وأجور العمال من الاقتصاد». قال ستوارت هوفمان كبير الاقتصاديين في «بي ان اس» المجموعة المالية في بيتسبرغ «لن يكون هناك أي نمو في العمل إطلاقا هذه السنة. إن الاقتصاد بعيد, بعيد جداً من النجاة من خطر البلاء الذي حلّ به. بدأ الاحتياطي الفدرالي بشراء سندات مالية بقيمة 300 بليون دولار في محاولة لتخفيض الفوائد على قروض الرهن العقاري, قروض السيارات وأشكال أخرى من التمويل المالي. لاتزال الصناعات حول العالم ضعيفة إلى حد بعيد، وذلك نتيجة انخفاض الطلب الشديد على البضائع».
في لندن, غادر قادة الاقتصادات الأكبر في العالم اجتماع قمة العشرين مع وعود لمحاولة دعم التجارة العالمية. لكن ستتطلب المعافاة الاقتصادية دخولاً وأجوراً وبالتالي قدرة على الإنفاق من أجل تنشيط الاستهلاك ومن أجل هذا يجب خلق فرص عمل لتوليد مزيد من الرواتب والأجور.
وفقاً لديفيد روزنبرغ، الخبير الاقتصادي في مؤسسة ميريل لينش «إن النظرة السائدة، بأن الركود هو قريب من أخفض مستوى ممكن وما أمامه الآن سوى النهوض، تغفل بشكل ما أهم جزء من الاقتصاد, الذي هو العمل والأجر».
بيّن تقرير صادر مؤخراً مظاهر وأوضاع كثيرة لايزال العمال الأمريكيون يعانون فيها من اشتداد ضربات الأزمة الاقتصادية. ارتفع عدد العاطلين عن العمل في آذار إلى 13.2 مليون. بلغ عدد أولئك الذين لايعملون أكثر من ستة أشهر 3.2 مليون.
يعيش هنري باركنس, 34 عاماً, مع عائلته في قبو منزل أخته ويجاهد باحثاً عن عمل دون جدوى. إنهم نوع من اللاجئين نتيجة لانهيار سوق العقارات في لاس فيغاس. قال هنري «إننا فقط نجلس هنا يائسين خائفين كخوفنا من الجحيم لانعمل شيئا سوى البحث عن عمل, أي عمل». يؤكد التقرير أن آلام الأزمة لم تصب فقط أولئك الذين فقدوا أعمالهم وحسب, بل أصابت أيضاً أولئك الذين يعملون بشكل جزئي لأنهم لم يستطيعوا أن يجدوا أعمالاً كاملة أو لأن ساعات عملهم قد تم تقليصها. وارتفع عدد هؤلاء بمقدار 433 ألفاً في آذار ليصل المجموع إلى 9 ملايين. في ضواحي أتلانتا، فقدت ميغ فيشر, 46عاماً, عملها كسكرتيرة قانونية وأنقصت ساعات زوجها في عمله كصيدلاني, قدمت السيدة فيشر طلباً للمعونة الغذائية وتجهد باحثة عن أي عمل «لن يكون العمل الذي قد أجده مثل أو حتى قريباً من عملي السابق. لكن مهما يكن, سيكون أفضل من الجلوس وعمل لاشيء».
• «نيويورك تايمز»