خراب مالي ودمار عاطفي في صفوف العمال وعائلاتهم
أحدثت الأزمة الاقتصادية والزيادة المستمرة في معدلات البطالة خراباً مالياً وعاطفياً في حياة الكثير من العمال الأمريكيين، وفقاً لاستطلاع أجرته نيويورك تايمز/ سي بي اس، وأدى ذلك إلى تغييرات حياتية كبيرة، ومشاكل تتعلق بالصحة العقلية ومعاناة حتى على مستوى تأمين الضروريات الأساسية للحياة.
استدان أكثر من نصف العاطلين عن العمل نقوداً من أصدقاء أو أقرباء لهم منذ خسارتهم لعملهم وعدد مماثل أنقصوا عدد زياراتهم إلى الطبيب أو تلقي العلاجات الصحية نتيجة فقدانهم العمل. يعاني نصف الأمريكيين العاطلين عن العمل من الكآبة والقلق.. لاحظ حوالي أربعة من عشرة آباء تغييرات في سلوك أولادهم عزوها إلى المصاعب في إيجاد عمل.
كشف الاستطلاع عن عمق الصدمة التي يعانيها الملايين من الأمريكيين بينما لاتزال الأزمة الاقتصادية تلقي بالمزيد من العمال إلى براثن البطالة حيث يتأرجح معدلها حول 10%.
قال حوالي نصف المشاركين بالاستطلاع إن حدة الركود أدت إلى تغييرات أساسية في حياتهم وأنهم يعانون تأثيرات مالية وعاطفية حادة «فقدت عملي في آذار، ومنذ ذلك الحين بدأ كل شيء بالتدهور،» قالت فيكي نيوتن، 38 عاماً، عاملة في شركة تأمين في ولاية ميشيغن. «بعد المعاناة الطويلة والعجز عن دفع أقساط البيت وتكاليف المعيشة الأخرى، ابتلعت أخيراً كبريائي وحصلت على مساعدات غذائية لتساعدني في إطعام ابنتي». هجرت السيدة نيوتن منزلها خلال فصل الصيف بعد تلقيها إشعاراً من البنك بالإخلاء لعدم دفعها الأقساط المتراكمة، وهي تعيش الآن في بيت للأجرة يملكه والدها.
يزداد إخلاء البيوت المرهونة للبنوك مع ارتفاع معدلات البطالة، قال ربع المشاركين بالاستطلاع إنهم فقدوا بيوتهم أو تم إخطارهم بمذكرات إخلاء بسبب عدم دفع الأقساط الشهرية أو الإيجار. حوالي الربع تلقوا معونات غذائية. أكثر من النصف قالوا إنهم خفضوا مصروفاتهم إلى الحد الضروري والأساسي. سبعة من عشرة أشخاص صنفوا الأوضاع المالية لعائلاتهم بالسيئة جداً.
لكن لم تقف التأثيرات على حياتهم عند حدود صعوبة دفع الفواتير حيث قال نصفهم تقريبا بأن البطالة أدت إلى المزيد من النزاعات والمشاكل مع أفراد العائلة أو مع الأصدقاء، 55% منهم عانوا من الأرق. «كل شيء تأثر» قالت كولين كليم، 51 عاماً، بعدما فقدت عملها في شهر تشرين الثاني الماضي «كل علاقاتك تأثرت، أنت لم تعد الإنسان الطبيعي السعيد المحظوظ نفسه، تفقد هدوءك واحترامك لنفسك».
ربع الذين عانوا من القلق والتوتر النفسي أو من الكآبة قالوا إنهم زاروا عيادات مختصين بالصحة العقلية. تامي لينفيلي، 29 عاماً، من ولاية كينتاكي قالت إنها فقدت عملها كموظفة في مكتب للإحصاء منذ سنة ونصف مضت. بدأت تتلقى علاجاً نفسياً كل أسبوع بسبب الكآبة، لكنها حديثا لم تعد قادرة على الذهاب إلى الطبيب لأن سيارتها قد تعطلت ولاتستطيع دفع تكاليف إصلاحها، يعمل زوجها بشكل متقطع وبأوقات غير منتظمة في أحد معامل «فورد» في المنطقة، ولديهما طفلان. قالت السيدة لينفيلي إن الأوضاع وصلت بها إلى جمع «الأرباع من أجل شراء حفاضات الأطفال. كلما أفكر حول النقود لتدبير أمور حياتنا، تغلق كل الأبواب أمامي، لأنه لايوجد أي مصدر لها، أصاب بنوبة هلع، إنني لاأعرف ماذا سنفعل».
أظهرت نتائج الاستطلاع أن هناك شعوراً عاماً بأن الحلم الأمريكي قد انتهى بالنسبة إلى الكثيرين، حوالي نصف الذين شاركوا بالاستطلاع قالوا إنهم يشعرون بالخطر وهم يرون مستوى معيشتهم بانحدار مستمر وأنهم مكشوفون دون أية حماية. نصف المشاركين قالوا إنهم فقدوا التأمين الصحي بفقدانهم لأعمالهم وأنهم غير قادرين على دفع تكاليف العناية الطبية الأساسية لأنها تكاليف مرهقة.
سلط الاستطلاع أيضاً الضوء على شبكة الأمن الاجتماعي الرسمية وغير الرسمية التي يعتمد عليها هؤلاء العاطلين عن العمل حيث عبّر 75% منهم عن قلقهم من انتهاء معونات البطالة قبل إيجادهم عملاً جديداً وقال 61% بأن مايتلقونه من هذه الإعانات لاتكفي لتغطية أساسيات الحياة الضرورية. بينما النسبة الخمس إنهم تلقوا إعانات غذائية من منظمات غير حكومية ومؤسسات خيرية. لم ينج حتى أولئك الذين لايزالون على رأس عملهم من لسعات وضربات الركود حيث قال ثلاثة من بين كل عشرة أشخاص إن رواتبهم انخفضت نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ.
يجهل الأمريكيون مايخبئه المستقبل بالنسبة إلى سوق العمل وتنقسم آراء أولئك العاطلين عن العمل حوله: توقع 39% تحسناً، و36% بأنه سيبقى على حاله، وقال 22% بأنه سيزداد سوءاً.
ترجمة حسين علي