«ديون دبي» سطر في مقدمة الحكاية؟!
أثارت أزمة «ديون دبي»- وما تزال- لغطاً واسعاً في كل مكان، ابتداءً من أسواق المال حول العالم مروراً بجلسات المنظمات المالية العالمية وصولاً إلى أحاديث بسطاء الناس حين يلتقون مصادفةً في الطريق، حزن البعض على الإمارة مقرعّاً الموقف العربي تجاهها، ووجهت بعض وسائل الإعلام حرابها لتساهم في المجزرة، ولكن.. من هم ضحايا هذه المجزرة حقيقةً ومن هم الفائزون؟!.
المصارف التي قدمت القروض ليست هي «الضحايا» بالتأكيد، حتى بعد غمزة الوليد بن طلال «كان ينبغي عليها (أي المصارف) فهم المخاطر المترتبة على ما قدمته من قروض لدبي العالمية»، فالضحايا حتماً في مكان آخر، وغالباً هم مواطنو الإمارات وسكانها عموماً، والعمال الوافدون إليها من بقاع مختلفة من العالم الفقير، واستقلالية قرار الدولة (النسبي)، وهدر المال العربي الذي كان يمكن استثماره في مجالات أكثر أهمية وريعاً بالمعنى الاستراتيجي، إذ تقول تقارير إعلامية إن المستفيدين الأوائل من أزمة دبي هم مقرضوها الأكبر شأناً، وتحديداً مؤسسات مالية دولية تعود ملكيتها لرأس المال اليهودي، وأهمها «مؤسسة روتشيلد» المتخصصة في تقديم الخدمات الاستشارية المالية، والتي أعلنت الأربعاء 9/12/2009 عن تعيين مدير جديد للاستثمارات المصرفية في الشرق الأوسط مقره دبي. ومع تزايد المؤشرات التي تؤيد هذه المزاعم أفاد محللون أتراك بأن «دبي ستتحول إلى قطعة من إسرائيل»! وفي حين يقول الأتراك هذا، ما يزال الأفق مسدوداً أمام الإمارة «الحلم»، فالأزمة مستمرة ومؤشرات الأسهم الخليجية مصممةً على التراجع، إذ لم تفلح تصريحات الطمأنة التي أطلقها الرسميون في دولة الإمارات باستعادة ثقة المستثمرين. وكان أمير دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قال في إطار التصريحات الإيجابية للتخفيف من حدة الأزمة: إن اقتصاد بلاده في حالة جيدة، وأوضح أن حكومته استطاعت «احتواء الآثار السلبية للأزمة وتجاوز الكثير من نتائجها وتداعياتها».
إذاً ما تزال القضية تتفاعل بين صدّ وردّ، وقد تسفر أزمة ديون دبي عن آلاف العاطلين عن العمل الذين سيتقاطرون إلى بلدانهم، ولعلّ أكثرهم الهنود يليهم العرب. وإذا كان تأثير الأزمة على أسواق المال العالمية يتجلى بتراجع مؤشرات الأسهم فإن تأثيرها على اقتصادات المنطقة العربية سيكون أكثر شدّةً دون شك، وبعيداً عن الموقف ورؤوس الأموال العربية القادرة (نظرياً) على حلّ المشكلة، فإنه من الممكن القول إن أموال دبي تتبخر اليوم لتزيد رعب المستثمرين من المنطقة تمهيداً لإخلائها من الرساميل ذات الصوت المرتفع في إقرار الحرب أو السلام على ضفاف الخليج العربي وسائر نقاط التقاء قوس التوتر في الشرق العظيم، وربما كان من الممكن القول أيضاً إن خروج الرساميل من هذه المنطقة اليوم ما هو إلاّ سطر في مقدمة- قد تطول- تمهد الطريق لاحقاً لعبور المدرعات التي من المنتظر أن تكمل هي الحكاية!.