كلانا مأزومان: فلنتصافح..!
صادق المجلس الأمني الصهيوني المصغَّر يوم الأربعاء 29/6/2016، على اتفاق تطبيع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع تركيا، التي أعلنت بدورها، على لسان رئيس وزرائها، بن علي يلدريم، قبل أيام أنها وقعت اتفاق تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
أوضح رئيس الوزراء التركي أن الجانبين اتفقا على نص تفاهم بخصوص تطبيع العلاقات الثنائية بينهما، معلناً أن المرحلة الأولى من التطبيع ستبدأ عقب التوقيع على نص التفاهم، من قبل مستشار وزارة الخارجية التركية ونظيره الصهيوني.
وفي مؤتمرين صحافيين متزامنين، من روما حيث كان يوجد نتنياهو، ومن أنقرة، جرى إعلان الاتفاق. وقال نتنياهو أن الاتفاق «ينهي الأزمة التي نشبت بين تركيا و«إسرائيل» من جراء اقتحام القوات «الإسرائيلية» في أيار 2010 لسفينة مرمرة التركية التي كانت في رحلة تضامن مع قطاع غزة». ورسمياً، جرى التوقيع على الاتفاق يوم الثلاثاء 28/6/2016، من المديرين العامين للخارجيتين التركية والصهيونية، كل على حدة، في كل من أنقرة و«تل أبيب». فما الذي تعكسه هذه الخطوة اليوم؟ وعلى أية أرضية يجري بناء عملية التطبيع بين تركيا والكيان؟
الوضع برمته
رهن التوازنات الدولية
عملياً، تنتظر القضايا الرئيسية في المنطقة، من الحل السياسي للأزمة السورية، إلى القضية الكردية، وقضية الجولان السوري المحتل وغيرها، حلولاً استثنائية باتت تسمح بها درجة التوافق الروسي الأمريكي المبنية أساساً على المتغيرات التي جرت في موازين القوى الدولية، وصعود القطب الروسي الصيني عالمياً، في مقابل الانحدار الشديد في الوزن النوعي لواشنطن وحلفائها العالميين، وهو ما تجلى مؤخراً في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تاركة إياه في مصيرٍ غير محسوم، في مقابل توسيع منظمة «شنغهاي» للتعاون، لتضم كلاً من الجارتين الهند وباكستان، مع احتمال انضمام إيران للمنظمة لاحقاً.
إن حلّ تلك الملفات بناءً على الموازين الدولية الجديدة، يحيَّد، إلى هذا الحدّ أو ذاك، أوزان القوى الإقليمية التي كانت تفعل فعلها سلباً في أزمات المنطقة. وفي مقابل هذا الواقع، من الطبيعي أن تلجأ تلك الدول المتضررة من حل الملفات العالقة على أساس الموازين الدولية الجديدة، إلى توحيد صفوفها والبحث عن نقاط التقاطع فيما بينها، بما يساعدها على الخروج من «المعمعة» بأقل الخسائر المادية الجيوسياسية الممكنة. من هنا، يغدو تطبيع العلاقات الصهيونية التركية متناسقاً مع التغيرات التي تشهدها المنطقة، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن حجم الخسائر التي ستتلقاها الدول والحكومات المرتبطة عضوياً بمصالح رأس المال المالي العالمي سيكون أقل.
وإن كانت تركيا تبدي اهتماماً بالغاً في مسألة تطبيع العلاقات، غير أن المصلحة العليا في هذه المسألة هي للجانب الصهيوني بشكل أساسي. حيث أن حجم التنازلات التي ستضطر تركيا إلى تقديمها خلال المرحلة المقبلة لا يصل إلى حدود بحث وجودها كدولة، على عكس الكيان الذي يواجه اليوم خطراً وجودياً يضع موضوع بقاءه قيد البحث.
قبل الجولة الأخيرة من «جنيف3»
ستثبّت الجولة الأخيرة المقبلة من جنيف السوري- التي رشح عن مصادر دولية القول بأنها ستعقد في شهر تموز القادم- الحل السياسي الذي جرى الاتفاق على بنوده في فيينا وميونخ ووفق قرار مجلس الأمن الدولي «2254»، بإنهاء الصراع والبدء في مرحلة انتقالية على قاعدة وحدة الأراضي السورية، مما يعني عملياً ضرب نقطة الالتقاء بين المشروعين التركي والصهيوني القائلة بتفتيت الأراضي السورية، لتعود لعبة العداء التركي الصهيوني غير مبررة، بحكم فشل الطموح التركي في التثمير الإقليمي من خلال الإمساك بزمام القضية الفلسطينية.
المقاومة الفلسطينية
ليست ملك أحد
طبعاً لا يدخل في اتفاق التطبيع بين البلدين «الشرط» التركي القاضي برفع الحصار عن قطاع غزة، أما ملف إدخال المساعدات الغذائية فهو قديم، وسيدخل لكن بعلم، وعن طريق الكيان الصهيوني، وأيضاً مع تعهد الأتراك بمنع انطلاق عمليات المقاومة من الأراضي التركية. فهل يعني هذا توقف العمل النضالي الفلسطيني وهل للموقف التركي أثر على المقاومة؟
التخلي التركي كما يبدو عن سقفه بما يخص القضية الفلسطينية لا يختلف عن سقوف سلطة «أوسلو» فهي كلها غير جدية بإنهاء الاحتلال، ولا تحقيق سقوف الشعب الفلسطيني التي تشكل المقاومة بأشكالها كافة عمادها الذي ظل ينتج مقاومته رغم تنازلات أوسلو، ورغم التطبيع الأمني بين سلطة عباس والكيان، لذلك يبدو من البيّن أنه لن ينجح أي مشروع لا يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه المسلوبة.