حقبة أسعار النفط المنخفضة توشك على الانتهاء
تسببت وفرة إنتاج النفط في السوق العالمية في العامين الماضيين بتدهور أسعاره، ضاربةً بذلك ميزانيات شركات النفط ومؤثرة على ميزانيات دول يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على الثروة النفطية.
كما تشير المعطيات الحالية، فإن ذلك كله على وشك الانتهاء بسبب موجة زيادة الطلب وانخفاض العرض، لا سيما بسبب الانقطاعات المفاجئة في إنتاج النفط، والاضطرابات السياسية في أماكن مختلفة مثل كندا ونيجيريا وليبيا. ومن المتوقع ارتفاع أسعار النفط نتيجة لذلك في نهاية العام.
الاضطرابات والارتفاع
وصرحت الوكالة الدولية للطاقة مؤخراً، أنها تتوقع استمرار التوازن في سوق النفط حتى نهاية العام الحالي، كما صرحت أن إنتاج العالم للنفط بالكاد يكفي ما يستهلك، إذ تتوقع انخفاض معدلات الإنتاج بنهاية العام، ما يرجح زيادة معدلات ارتفاع أسعار النفط. يذكر أن سعر النفط اليوم بلغ 50 دولارًا للبرميل أي ضعف الثمن في بداية العام الحالي.
وثمة جملة من الاضطرابات التي أثرت على معدلات إنتاج بعض الدول للنفط في السوق العالمية، لعل أبرزها نيجيريا وفنزويلا وليبيا وكندا. فعلى سبيل المثال، تعد نيجيريا مصدرَ قلق كبير بسبب عوامل أساسية، من بينها تنوع الاضطرابات فيها بين أعمال تخريب واستهداف المنشآت النفطية الأجنبية، فقد شنت الميليشيات مؤخراً هجوماً على أنابيب دلتا النيجر، والتي أسفرت عن تبديد ما يقرب من مليون برميل نفط يومياً في شهر أيار.
أما فنزويلا، فتواجه مجموعة ضغوط سياسية واقتصادية وكبيرة، إذ يتوقع الخبراء تعثر ضخها للنفط بدرجة كبيرة بحلول نهاية العام الحالي. فضلًا عن ليبيا واستمرار تفكك نظامها السياسي، والذي انعكس على مستويات إنتاج النفط وصادراته.
إن إجمالي انعكاسات تلك الانقطاعات المفاجئة كلها في مستويات ضخ النفط، بلغت 3.7 مليون برميل يومياً، مما ساعد على دفع أسعار النفط لأعلى معدلاتها هذا العام.
هل تستعيد السوق التوازن؟
على مدار العامين الماضيين، كان العالم «غارقاً» في كميات وافرة من النفط بدرجة جعلته يتحمل اختفاء أحد مصادر صناعة النفط وهي ليبيا، كما تحمل الآثار السلبية لأفعال المتمردين النيجيريين دون أي قلق. إلا أن استمرار تلك الاضطرابات تسبب الآن في تموجات كبيرة في سوق– صار– محدوداً أكثر.
ويقول ريتشارد مالينسون، المحلل المتخصص لدى شركةEnergy Aspects للاستشارات بلندن، إن الوضع لم يعد كالسابق إذ كانت أية اضطرابات بسيطة تتسبب في ارتفاع أسعار النفط بدرجة كبيرة، لكن يبدو أن السوق صار أكثر تنبهًا للجوانب الجغرافية والسياسية.
وبينما تبدو حرائق كندا على وشك الخمود، على الأرجح ستستمر الاضطرابات في نيجيريا طويلًا، إلا أن العاملين كليهما نجحا فيما لم تنجح فيه الوكالة الدولية للطاقة من إغلاق مضخة النفط المفتوحة لآخرها قليلًا.
يتوقع روبرت ماكانللي، مؤسس ورئيس مجموعة Rapidan لاستشارات الطاقة، استمرار ارتفاع أسعار النفط حتى نهاية العام، وذلك لمواجهة الانقطاعات المفاجئة ومخاطرها. ومع استمرار الوضع الراهن وفي ظل محدودية الاحتياطي النفطي لدى الدول المنتجة، فإن العالم على وشك مواجهة طريق وعر للغاية.
*عن مجلة «فورين بوليسي»
بتصرف