صرخة من العراق..
سخطاً على كل من يدعي الضمير والديمقراطية إن هم سكتوا وغضوا البصر عما يحدث في البحرين اليوم.
لقد خرج المتظاهرون في البحرين ليعبروا عن سخطهم على الأوضاع السلبية العامة، ويطالبوا بحقوقهم الضائعة والعدالة الإنسانية المفقودة. انطلقوا أسوة بالمتظاهرين في ساحة التحرير في العراق، وميدان التحرير في مصر، وساحة التغيير في اليمن. خرجوا جميعاً للبوح بمعارضتهم للدولة التي منحت للباكستانيين والهنود والسيريلانكيين من الحقوق والمزايا ما لم تمنحه للمواطن البحريني الذي نشأ وترعرع على هذه الجزيرة وصارع الأهوال والمصاعب، وتحمل الويلات والكوارث والنكبات، وساهم في بناء الدولة البحرينية. ثم تأتي الدولة نفسها لتنسف تاريخه، وتصادر حقوقه كلها، وتفضّل عليه الأجنبي لأسباب طائفية مقيتة.
كان منظر قوات درع الجزيرة وهي تقتحم شوارع البحرين يثير الفزع، ويبعث على المرارة والأسف. مَن كان يصدق أن جيوش درع الجزيرة جاءت بقوتها المفرطة لتتصدى للمظاهرات السلمية في هذه الجزيرة الصغيرة، وتحررها من سكانها الأصليين، ولتقضي عليهم وتجتثهم من الأرض.
كانت العجلات والمصفحات والدبابات الحربية القادمة من السعودية والكويت وقطر والإمارات تحمل على ظهورها آلاف الجنود وقد علت على وجوههم البسمة والرضا، وظهرت عليهم ملامح الفرح والارتياح، وكانوا يلوحون لعدسات المصورين بعلامات النصر المحسوم سلفاً في مواجهة الشعب البحريني الأعزل.
غزو جديد يذكرنا بغزو الجيوش العراقية للكويت، وقوات مشفرة ايديولوجياً وعقائدياً وطائفياً وعشائرياً، معبأةً بالكامل ضد الشعب البحريني! وأتساءل لم هذا السكوت الإعلامي والغياب المتعمد وإبعاد الأنظار عن البحرين وأهلها؟ وكأن الإعلام المتبجح اليوم بالأفكار الثورية لا يريد أن يكون شاهداً على المجزرة التي سترتكبها قوات درع الجزيرة في حربها المخجلة على الشعب البحريني في ظل المباركة الفقهية والشرعية والسلوكية والإعلامية التي تسلحت بها القوات الغازية قبل شروعها بالتحرك نحو البحرين لتسجل (انتصارها العسكري الأول) في هذه الحرب غير العادلة! هذا الاعلام بالأمس القريب سخر من لجوء النظام المصري للبغال والحمير والجمال في اجتياح ميدان التحرير وسط القاهرة وسخر من استعانة النظام التونسي بالبلطجية، ويستخف من لجوء النظام الليبي واستعانته بالمرتزقة الأفارقة في التصدي للشعب الليبي المنكوب، بينما يلوذ الآن بالصمت المطبق أمام الحشود العسكرية الجرارة التي استعان بها النظام البحريني لبسط سيطرته على ميدان اللؤلؤة، بصرف النظر عن النتائج. الا ان الشعب البحريني لن يكون لقمة سائغة في معدة أكباش درع الجزيرة التي جاءت لتلقى حتفها عند مقتربات دوار اللؤلؤة، وسيتعامل معها الشعب البحريني مثلما تتعامل الشعوب الحرة مع الفلول العسكرية الغازية، وسيكون الخزي والعار حليف القوات المؤمنة بسفك الدماء البريئة. وستغرق قوات درع الجزيرة في مياه البحرين المتأججة بالثورة والغضب، وتفقد احترامها العسكري في المعايير الأخلاقية والأدبية والإنسانية.