ما وراء خطة تل أبيب لتهريب مبارك؟!
قبل فترة قصيرة نُشرت أخبار مدسوسة على صحف مصرية تقول إن أعضاء في حركة حماس ينوون اختطاف نجلي الرئيس مبارك علاء وجمال من سجن طرة(!)، ولم يلتفت أحد في هذه الصحف لغرابة هذا الخبر لأنه بلا منطق، فلماذا تخطف حماس نجلي مبارك وهي سعيدة لسجنهما؟ وكيف؟ وما هي مصلحتها ونواياها من هذا الخطف؟ وسرعان ما تبين أن الخبر مجرد فرقعة ضمن محاولات صهيونية لإفشال الثورة الشعبية أو إدخال مصر في فوضى بعد الثورة يلعب فيها النشر الإعلامي دوراً كبيراً.
ويوم الاثنين سربت صحف صهيونية ووكالات أنباء غربية أنباء عن نشاط كبير قالت إنه لأعضاء من تنظيم القاعدة في سيناء وأن أجهزة الأمن المصرية رصدت عناصر يشتبه أنها من تنظيم القاعدة داخل منطقة جبل الحلال في محافظة شمال سيناء من المصريين والفلسطينيين وجنسيات أخرى.
كما أقامت محطات التلفزيون الصهيونية «مندبة» عبر سلسلة برامج مصورة على مدار أيام عدة من الحدود المصرية الفلسطينية في رفح تزعم أن أنابيب الغاز والنفط الإسرائيلية القريبة من غزة قرب الحدود مع مصر والتي تمول قواعد طائرات ومنشآت عسكرية صهيونية باتت معرضة للخطر بعد فتح معبر رفح بين مصر وغزة!
وزعم «رئيس الوزراء الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو- خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الاثنين- أن حركة حماس تزداد قوة في الأراضي المصرية، وأن الحركة قامت بنقل معظم نشاطاتها إلى مصر من دمشق بسبب حالة الغليان التي تشهدها سورية، وأدعى أن «المصريين يواجهون صعوبات في ممارسة سيادتهم في سيناء، وأن نشاط المنظمات الإرهابية العالمية هناك يتكثف بسبب العلاقة القائمة بين سيناء وقطاع غزة»!
ثم فجّر المستشار عبد العزيز الجندى وزير العدل مفاجأة من العيار الثقيل حيث كشف– لفضائيتين مصريتين- عن مخطط صهيوني لتهريب مبارك للخارج، واتهم «إسرائيل» بالسعي لإحداث الفتن وإشاعة الفوضى في البلاد، مؤكداً أن تل أبيب قلقة من المصالحة الفلسطينية التي تمت بوساطة مصرية ولذلك تريد القضاء على الثورة المصرية.
لكن الجندي برر محاولة تهريب مبارك بقوله: إن «إسرائيل» تريد هدم الثورة المصرية كما تسعى الآن إلى تدمير المجتمع و زعزعة أمنه عن طريق البلطجية الذين يحصلون على الأموال من تل أبيب.
وكان من اللافت أيضاً بث أنباء كاذبة عبر شبكة الانترنت– لاحظ أن عملاء تل أبيب يدخلون على فيس بوك ويشكلون مجموعات ويطرحون أخباراً كاذبة– يوم (جمعة الغضب الثانية) عن هرب مبارك على متن طائرة حربية من مستشفى شرم الشيخ لا ندري كيف، لكن الهدف من تسريب الخبر تحقق، وهو إعلان الشباب الذين كانوا معتصمين في التحرير بقائهم ومبيتهم احتجاجاً على هرب الرئيس في وقت كان زملاؤهم يسعون لإقناعهم بإخلاء الميدان بعد التظاهر لعدم إرباك الحياة العامة والمواصلات؟!
معبر رفح الهدف!
والملاحظة التي ينبغي ألا تغيب عن بال أحد أن كل هذا الكم من أخبار (الحرب الإعلامية) المسرب أغلبها من الجانب الصهيوني، جاء مع فتح مصر معبر رفح بشكل دائم وهو القرار الذي يزعج تل أبيب بشدة لأنهم اعتبروه أحد معالم فشل استخباراتهم التي تضاف لفشلهم في توقع انهيار نظام مبارك وعدم توقعهم نجاح المصالحة الفلسطينية وغيرها!
ولهذا ارتبطت هذه الشائعات بمحاولات نشر أخبار كاذبة هدفها تأليب الشارع المصري ضد المجلس العسكري وعرقلة استمرار ثورته مثل الحديث عن اندساس 400 من أفراد القاعدة في سيناء ليقوموا بأعمال إرهابية داخل مصر، وكأن تل أبيب تخبرنا من الآن أن علينا أن نتوقع أعمال عنف وانفجارات وتتهم القاعدة مسبقاً بالمسؤولية رغم أنه لا توجد أي أدلة فعلية على وجود القاعدة لا في سيناء ولا غزة!
بعبارة أخرى يبدو أن الهدف هو تأديب القاهرة على فتح معبر رفح بدون استشارة تل أبيب أو الاستماع لرفضها للقرار المصري بعدما أعلن وزير الخارجية نبيل العربي أنه قرار مصري فلسطيني خاص لا شأن لإسرائيل به.
حيث يزعمون– بحسب التلفزيون الإسرائيلي- أن «خطوة فتح المعبر تخالف القانون الدولي.. وهناك بند في اتفاقية كامب ديفيد يحظر صراحة فتح أي معبر مصري يسهل حركة الفلسطينيين، ويطالب بتشديد الرقابة عليه تخوفا من قيام الفلسطينيين بأية عمليات انتقامية(....) في أي وقت»!
لكن مصر تعتبر أن المخاوف الإسرائيلية من فتح معبر رفح على الحدود بين مصر وغزة بشكل دائم وكامل لا مبرر لها، وتؤكد عدم التراجع عن قرارها بفتح المعبر وفق الآلية الجديدة التي بدأ العمل بها، وتقول إنه لا صحة لما قاله وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتانيتس إن مصر قد خرقت الاتفاق مع «إسرائيل» بفتحها معبر رفح، حيث إن مصر لم توقع أي اتفاقية نهائياً مع «إسرائيل» بخصوص المعبر، واتفاقية المعابر (الخاصة بتنظيم العمل بمعبر رفح) تم توقيعها بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل» والاتحاد الأوربي في نوفمبر 2005».
والحقيقة أن أكثر ما يقلق «إسرائيل»– بحسب الصحف العبرية- ليس فتح معبر رفح بحد ذاته إذ إن المعبر سيفتح لبضع ساعات إضافية يومياً، لكن ما يقلقهم هو عودة العلاقات بين القاهرة وحماس لسابق عهدها القوي وما يعتبرونه تقليصاً للسيطرة الأمنية على سيناء ووجود عشرات الأنفاق التي تعمل على مدار الساعة، وتوفر السلع للقطاع وتوفر حتى مواد البناء والسيارات مما أفشل تماماً خطط حصار غزة.
حديث خطط تهريب الرئيس المصري السابق– عبر عملاء بالمال- ربما له علاقة أيضاً بمخاوف صهيونية من كشف الرئيس السابق فضائح العلاقات المصرية الصهيونية في عهده خلال المحاكمة وأسرار صفقات الغاز والتفاهمات السرية مع تل أبيب وواشنطن التي ستزيد من حجم الغضب المصري على «إسرائيل» بلا شك.
لكن الحقيقة الثابتة من وراء تسرب كل هذا الكم من الأخبار الكاذبة أو التي تحذر من تهريب مبارك رغم صعوبة ذلك، أن هناك حرباً إعلامية صهيونية تستهدف في المقام الأول الثورة الشعبية المصرية ومحاولات إفشالها وضربها من الداخل، وأن كل ما ينشر عن هرب مبارك أو قرب هجمات للقاعدة في سيناء كل مصر، أو تغلغل حماس في مصر ما هو إلا محاولات ضغط وإرهاب صهيونية ضمن عملية كبرى يطلقون عليها (تهريب مبارك)!
عن «بوابة الوفد الالكترونية»