غضب الضفة... ومفاتيح « سلطة»مشرعة الأبواب

تشهد مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة، حراكاً وطنياً / مجتمعياً، بامتياز . فمن جنين وقَبَلان شمالاً حتى قرى محافظة الخليل جنوباً، مروراً بمحافظة نابلس في الوسط، يُجدد الشعب الفلسطيني مواجهاته مع وحدات « المستعربين» الخاصة، وقوات الاحتلال العسكري الصهيوني بشكل عام. خلفية المواجهات جاءت بمعظها على خلفية محاولات  «المستعربين» اعتقال بعض المناضلين في أكثر من مدينة. اللافت في مشهد الحدث، تصدي مئات المواطنين، سواء في بلدة « طمون « أو في مدينة « جنين»، لقوات العدو في رفضهم لسياسة الاعتقال، واختراق المناطق الفلسطينية. هذه القوات التي استخدمت كل أنواع الرصاص والغاز المسيل للدموع في مواجهة الأعداد المتزايدة من الجماهير المحتجة على تلك السياسات.مصادر العدو العسكرية تؤكد «وجود صحوة فلسطينية «، مما استدعى حسب المصدر ذاته» اتخاذ قرار في المؤسسة الأمنية بمضاعفة النشاط الاستخباري والاعتقالات، التي بدأت في الأيام القليلة الماضية، وستزيد». تشير تلك المصادر إلى أن «تلك الاضطرابات الخطيرة التي بدأت بالتصعيد هي أمر استثنائي، لأن أية عملية مماثلة في السابق لم تكن لتجلب اضطرابات من هذا النوع».

 

تصعيد المواجهات مع العدو الصهيوني، بتشيكلاته العسكرية  أو شبه العسكرية «المستعمرين»، أكدتها أجهزته الاستخبارية التي أعلنت، أنه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر تم تسجيل 122 هجوماً فلسطينياً على الغزاة الصهاينة، مقابل 39 هجوماً في تشرين الأول/ أكتوبر. وأنه تم تسجيل 44 حادثاً في القدس في تشرين الثاني/نوفمبر مقابل 31 في تشرين الأول/ أكتوبر. أما شهر كانون الأول / ديسمبر - الذي لم تذكره الإحصائيات - فقد شهد تصعيداً خطيراً بالمواجهات التي حدثت في العديد من المناطق المحتلة.  إذا كانت سياسات الملاحقة والاعتقال تستنفر وعي المواطنين وتدفعهم إلى حماية أبنائهم، فإن سياسات مصادرة الأراضي والتوسع في مشاريع بناء المستعمرات، والاعتداءات اليومية التي تقوم بها عصابات الغزو الاستعماري للأراضي الزراعية وبيوت العبادة «المساجد والكنائس»، والأزمات الاقتصادية/المعيشية في ظل سلطة الحكم الإداري الذاتي، ونتائج اتفاق باريس الاقتصادي على المواطن « ارتفاع المواد الأساسية، رهن المواطن للبنوك عبر سياسة الإقراض، تأخر دفع الرواتب»، كلها عوامل مساعدة لتفجير التحركات الراهنة والمستقبلية، التي ستصنع «الربيع الحقيقي» في مواجهة الغزو والاحتلال وسياسة الخنوع والإذعان للعدو.

الباحث في شؤون الاستيطان «درور أتكس» أكد على أن استخدام «مصادرة» الأراضي في منطقة الأغوار تم برعاية الجيش. مشيراً إلى أننا « نرى مرة أخرى كيف أن (دولة إسرائيل) تستغل كل فرصة وكل ذريعة أمنية زائفة كي تواصل استغلال السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وسلب أراضيهم، في ظل نقلها إلى – المستعمرين- المستوطنين». أما التوسع في بناء وتوسيع المستعمرات، فتؤكد صحيفة «هآرتس» الصهيونية بأن العام 2012 سجل رقماً قياسياً في البـناء في الأحياء اليهودية خلف الخط الأخضر في القدس. ومن المعطيات التي نشرتها أول أمس جمعية «عير عميم» يتضح أنه في هذه السنة نشرت وزارة الإسكان ومديرية الأراضي  في كيان العدو عطاءات لإقامة 2386 وحدة سكنية خلف الخط الأخضر. ويعد هذا ارتفاعاً دراماتيكياً بالنسبة للمتوسط في العقد الأخير والذي يبلغ 726 شقة فقط. وأضافت الجمعية، أنه تم تسجيل ارتفاع كبير في عدد الوحدات الاستيطانية التي تمت المصادقة عليها العام الماضي، وأشارت إلى أنه تمت المصادقة على بناء 6932 وحدة العام الفائت، فيما تمت المصادقة على بناء 1772 وحدة في 2011 و569 وحدة في 2010 . وفي هذا الجانب، أعلنت لجنة التخطيط  والبناء المحلية التابعة لبلدية القدس قبل أيام «الثلاثاء 1/1» عن بناء 6 فنادق تشمل أكثر من ألف غرفة في موقع المستوطنة الجديدة «غفعات همتوس» الواقعة جنوب القدس . ومن شأن هذا المخطط أن يعزل حي بيت صفافا عن القدس وأن تعزل القدس عن بيت لحم وجنوب الضفة .

في ظل هذا المشهد المأزوم، والجاهز للانفجار، جاءت تصريحات رئيس سلطة الحكم الذاتي لوسائل إعلام العدو عن «حل السلطة وتسليم مفاتيحها لنتنياهو» ! هذه الدعوة - التهديد، كما روج أكثر من متحدث للسلطة - الجديدة في توقيتها، ولكنها المستهلكة، لكثرة ما تكررت، تأتي في محاولة للضغط على الحكومة الصهيونية القادمة التي ستتشكل بعد الانتخابات التشريعية بعد أسبوعين تقريباً، برئاسة  تحالف» الليكود بيتنا « كما تشير استطلاعات الرأي، للعودة للمفاوضات. هذه المفاوضات التي لم تحصد تلك السلطة فيها خلال عقدين من الزمن سوى»الريح و...الأزمات». ولهذا كان السؤال المطروح شعبياً : مافائدة تلك السلطة ؟ التي لم تكن سوى، أداة لإراحة المحتل، وضبط حراك الشعب الفلسطيني . إذ يدرك كل أركان تلك السلطة، أنهم لم يكونوا يوماً قادرين على قفل أبواب «سلطتهم « لأنها مشرعة لقوات الاحتلال ووحدات مستعربيه، وعصابات مستعمريه. بل، إن القفل والمفتاح بيد المحتل، الذي يعطي « إذن المغادرة « لرئيس السلطة ومعاونيه.

  لكن اللافت للنظر كانت، رغبة «السلطة الأخرى» أن تتسلم المفتاح و...الإرث !. فما قاله نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»موسى أبو مرزوق رداً على «التهديد» بحل السلطة، جاء مفاجئاً للبعض، ممن راهن على « بقايا» المواقف الرافضة لمنتجات أوسلو. لم يكن التساؤل الذي ساقه أبو مرزوق « أليس الأقربون أولى بالسلطة» مقنعاً لقوى واسعة بالشعب والأمة؟. إنها، وكما يعرف الجميع، سلطة ناتجة عن « إعلان المبادىء» الكارثي في أوسلو، سلطة التنسيق الأمني، والتبعية الاقتصادية. ولن يكون كافياً، تقديم مبررات وراثة السلطة الوهمية، « الصمود أمام حصار غزة، والانتصارفي حروبنا مع «إسرائيل» «.

الأقربون، أولى باستمرار المقاومة المسلحة، التي ستدفع بكل أشكال تلك «السلطات» إلى الانتهاء. لأن مايقرره الشعب المقاتل /المقاوم، هو الذي سيحدد شكل المؤسسات التي تتحمل مسؤولية إدارة حياته.