صالح والقذافي يراهنان على معجزة..!
قرر الرئيسان الليبي واليمني على ما يبدو الرهان على عامل الوقت عسى ان تحصل معجزة ما تنقذهما مما هما يتخبطان به بعد أن تسببا بسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى من الأبرياء دون ذنب لهم سوى أنهم خرجوا إلى الساحات للقول إن الشعب يريد التغيير في مواجهة الفقر والعوز والفساد. فالعقيد القذافي أعلن منذ بداية الثورة الشعبية عليه أنه سيقاوم حتى أخر ليبي معتبراً نفسه الممثل الشرعي للشعب وأنه صانع «المجد» غير آبه لكل الفضائح التي طالته هو وأبناءه لجهة الإثراء غير المشروع، واحتكار السلطة، وممارسة الاضطهاد والتعسف ورمي الآلاف من المواطنين في السجون بتهمة «التآمر» أو بتهمة «الارتهان للخارج». ويطيب للقذافي كل عدة أيام أن يجمع العشرات من منتفعي النظام ليخطب بهم متحدياً كل من خرج عن سلطته أو ليتحدى المجتمع الدولي بأكمله متوعداً بأنه سينتصر عليه لأن الشعوب في كل دول العالم على حسب زعمه «تؤيده وتخرج إلى الطرقات في تظاهرات ضد أنظمتها».
وبعيداً عن نرجسية القذافي ومرض العظمة الذي يعاني منه فإن الوقائع تثبت أن نظام القذافي آيل إلى السقوط حتى وإن استوجب ذلك أشهراً عدة، بدليل:
- خسارة القذافي السيطرة على منابع النفط إلى حد عدم قدرته على تأمين مستلزماته من المحروقات للآليات العسكرية التي ينشرها على جبهات متعددة.
- انسحاب أهم قادة النظام من حوله من أمثال وزير الخارجية موسى كوسا ومستشاره علي التريكي ليلتحقا بمن سبقهما من أمثال وزير العدل ووزير الداخلية والسفراء المعتمدين في أهم العواصم الدولية.
- عدم تحلي نظام القذافي بأي شرعية دولية بعد صدور القرار 1973 وبعد أن اعترفت بعض الدول الغربية والعربية بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي.
- عدم قدرة القذافي على استخدام سلاحه الجوي بسبب الحصار المفروض عليه.
- بوادر نفاد ما في ترسانته العسكرية من أسلحة فاعلة خاصة وأن دولاً كثيرة رفضت مده بأي منها.
- مصادرة أمواله في الخارج التي تقدر بنحو 60 مليار دولار.
- لجوء الثوار إلى تنظيم صفوفهم ضمن مجموعات قتالية، (..)
- شح تدفق المرتزقة الأفارقة للقتال إلى جانب القذافي.
- إقدام حلف الأطلسي على ضرب مكامن القوة لدى قوات القذافي وإن كانت هذه العمليات ليست بعد بالمستوى المطلوب لإنهاك مقدرات النظام نتيجة الخلافات بين بعض الدول الأوربية التي لا يهمها سوى مصالحها ومنافعها الخاصة بها.
كل هذه الوقائع تفيد أن نظام القذافي ذاهب باتجاه الاندحار وانعدام القدرة على مواصلة المواجهة خاصة وأنه يفتقر للحد الأدنى من الأوراق التي تساعده في تسويق أية تسوية مشرفة.
وكلما تعنت القذافي في مواقفه خسر فرص السماح له بالتخلي عن السلطة دون محاكمته هو وأبنائه وما تبقى من أركان نظامه.
أما الرئيس اليمني علي عبد الله صالح فما زال مقتنعاً أنه قادر على مواجهة الشارع اعتماداً على ما لديه من رصيد شعبي لدى بعض القبائل التي لا زالت موالية له، واعتماداً على ولاء بعض القيادات العسكرية له وخاصة الحرس الجمهوري الذي يديره ابنه احمد.
ولقد حاول الرئيس اليمني أن يضعف خصومه عبر اللجوء إلى أساليب عدة أهمها:
- وضع الشارع المؤيد له في مواجهة الشارع المعارض رغم خطورة هذه الخطوة التي قد تؤدي إلى نشوب حرب أهلية.
- الإيعاز إلى أنصاره بممارسة أعمال البلطجة ضد خصومه عبر إطلاق الرصاص الحي عليهم أو اعتقال بعضهم أو إلحاق شتى أنواع الأذى بهم، ولكن إدراك المعارضة لما يحاك ضدها وعدم انجرارها إلى المواجهة أضاع الفرصة على الرئيس علي عبد الله صالح.
- الإيعاز إلى القوات المسلحة لممارسة كل أنواع العنف والاضطهاد والقمع.. ورغم أن الشعب اليمني مسلح بحكم التقاليد والعادات الاجتماعية فإن المعارضة لم تلجأ إلى استخدام السلاح منعاً لعدم إراقة دماء بريئة ورغبة بأن تبقى الاحتجاجات سلمية حتى وأن خسر المواطنون حتى الآن مئات القتلى وآلاف الجرحى.
- لجوء الرئيس اليمني إلى تقديم وعود بإجراء إصلاحات وتعهده بعدم البقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته. ولكن جوبهت هذه الوعود بالرفض نتيجة انعدام الثقة بين الرئيس اليمني والمحتجين عليه.
- تهويل علي عبد الله صالح بأن البديل عنه هو تقسيم اليمن وهيمنة تنظيم القاعدة ولكن لم يثر هذا التهويل أي خوف لدى خصومه.
- محاولة إعادة استمالة من خرج عليه من بعض أركان جيشه ولكن دون جدوى.
والملاحظ أن النظام اليمني بدأ يخسر التأييد الدولي له وبات يشكل عبئاً على العرب والغرب خاصة وأن إصرار المحتجين على مواصلة التظاهرات السلمية يزيد من إضعاف النظام يومياً دون أن تنفع وساطات دول عربية وغربية من إنقاذه مما يعني أن التغيير حاصل بعد فترة مهما حاول علي عبد الله صالح المقاومة أو العناد والمكابرة.